لرابح في الحرب على الإرهاب.. الإرهابي ... علي أبو الريش

لرابح في الحرب على الإرهاب.. الإرهابي ... علي أبو الريش
لرابح في الحرب على الإرهاب.. الإرهابي ... علي أبو الريش

الرابح في الحرب على الإرهاب.. الإرهابي

علي أبو الريش

بعد الانتصار على السوفييت في أفغانستان، انقلب السحر على الساحر، وتكونت مجموعات دموية متعطشة إلى سفك الدماء والفتك والهتك وإغراق المجتمعات الوطنية بفوضى عارمة أضرمت نيرانها في جسد السيادة الوطنية لكل بلد ودون استثناء، فالمجموعات التي حاربت في أفغانستان، والتي حققت انتصاراً كاسحاً أدى إلى هزيمة الدولة العظمى، وجدوا أنفسهم أمام خيار واحد وهو مواصلة الجهد الجهادي تحت ذريعة نشر الإسلام دون أخذ الاعتبار لسيادة الأوطان، مستندين بذلك إلى ركيزة وهمية مفادها أن الإسلام لا وطن له، بل هو إسلام العالم من شرقه إلى غربه، هذه الصورة الوهمية التي رسمها مخططون بارعون تفشت في أذهان الكثيرين كالوباء، ما جعل العلاقة الموبوءة بين أفراد هذه المجموعات علاقة فكرة وليست علاقة وطن، ما أدى إلى نشوء عدوانية شرسة، وبغيضة ومدمرة يقودها أفراد أو جماعات في كل بلد، وتبطينها بفكرة واحدة وهي كراهية كل ما هو قائم والسعي لتدمير كل العلاقات الاجتماعية والإنسانية وتفكيك وشائجها وتحويل المجتمعات إلى فلول ضائعة في صحراء مكفهرة عابسة.

واليوم وبعد فوات الأوان، تحاول الكثير من البلدان التي ابتليت بهذا الداء أن تجد حلاً، ولا حل غير المواجهة؛ لأن هذه الجماعة لا تعترف بالحوار ولا بالحلول الوطنية ولا بالقواسم المشتركة، هي تعمل فقط على التفتيت والتشتيت وإعادة المجتمعات إلى حالتها البدائية، وكل ما هو حضاري وتاريخي منبوذ ومرفوض لديها؛ لأنه يناقض عقيدة الانتماء إلى الشخص الديني المتمترس في كهوف وحتوف يوجه الأوامر للأعوان، فيأتمرون بأمره دون مناقشة أو تردد، الأمر الذي يجعل الخسارة فادحة لكل بلد ابتلي بهذا المرض، أما عن الجماعات فهي لا تعتبر نفسها تخسر شيئاً في كل الظروف، طالما آمنت ومنّت النفس، بأن قتل المناهضين طريق إلى الجنة، وأن أي تفجير وراءه ثواب، وهكذا يستمر الموت المجاني، وتستمر الخسارات الفادحة التي تدفع أثمانها أوطان آمنة، وهكذا يستمر السؤال، وماذا بعد كل هذه الانكسارات والانتحار الجماعي الذي تفرضه جماعات نذرت نفسها لتحقيق مكاسب وهمية لا علاقة لها بالواقع الموضوعي؟ لأن الانتصار في قتل إنسان هو خسارة في الطرف الآخر إلا بالوعي بأهمية فهم معنى هذا العبث، وهذا الجنون، وهذه الصدامية.