الهوية الثقافية في مواجهة الزحف الفوضوي بقلم علي أبو الريش

الهوية الثقافية في مواجهة الزحف الفوضوي  بقلم علي أبو الريش
الهوية الثقافية في مواجهة الزحف الفوضوي بقلم علي أبو الريش

الهوية الثقافية في مواجهة الزحف الفوضوي

بقلم علي أبو الريش

لكل مجتمع سمته وسحنته وشيمته وقيمته، ووجهته الثقافية التي جميعها تمثل الهوية، وفصيلة الدم الاجتماعية، ومتى ما انسلخ أي شعب من هويته، انتصرت الفوضوية وعمّت وغمّت ورجمت وسرقت وسربت وخربت وهربت الحقوق الإنسانية للمجتمع وجعلته يهيم وسط رياح وجراح وقراح، لا بوصلة له ولا قِبلة.

كلام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وضع الإصبع على الجرح، وأناخ بعير التوق، نحو أشواقنا، وأحداقنا وأطواقنا، وسدد النظرة باتجاه الحقيقة، تسربل الهوية، بحبال وغربال من يسربون الحياة، كما تتسرب المبادئ الإنسانية الجميلة من أذهانهم.

لقد افترق الأديب الفرنسي الكبير البير كامو عن صديق عمره ودربه سارتر، عندما وجد الأخير غائصاً في العدمية، مهووساً بالعبثية، بينما كامو الذي ولد في الجزائر وعاصر ويلات الحرب المدمرة، وما عاناه بلد المليون شهيد، أعلن بغضه وكرهه للموت المجاني، داعياً إلى أن الحياة ألفة وتكاتف وتحالف مع الحقيقة.

واليوم ونحن أمام فيضان الفوضى، والانهيارات الأرضية التي تهز مجتمعات كثيرة، والعواصف الترابية التي تهز المجتمعات بفعل منخفض حزب إقصائي إلغائي، فإننا في أمسّ الحاجة إلى ثقافة، تنبثق من نسيج المجتمع، وتنبلج من فجر القيم التي نشأ عليها أبناؤنا، نحن اليوم بحاجة إلى الثقافة المضادة لكل ما هو فوضوي، وشوفيني، وعدائي وسوداوي، وحاقد وحاسد، وكاسد وفاسد.

نحن اليوم بحاجة إلى نظرية ثقافية، هي نبتة الدين وشقيقة رشيقة أنيقة، لبقة في تعاطيها مع الإنسان بكل أجناسه، ومعطياته من الدين والثقافة، نحتاج إلى ثقافة تجادل بالحُسنى، ثقافة تعترف أننا كلنا من آدم وآدم من تراب، فلا فوقية في التعامل مع الآخر، ومن يعتنق التضخم، كمن ينفخ في قربة مثقوبة، لمن يتسلق حبال الفراغ، فالثقافة هي الصد والرد والمجد والوجد، والجِد والسد، والمد والحد والرفد، هي الفصيلة والقبيلة، والفضيلة، هي الشيء كله في الحماية والرعاية والعناية، والدراية والوصاية على ضمير شعب، وأنساقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

الثقافة تذهب الأشياء، وتبقى هي واقفة، يتوقف وتر الأشياء وتبقى هي عازفة، يجف ريق الأشياء وتبقى هي غارفة، لأنها شجرة النخل في صحراء توقنا وشوقنا.