زيارة الرئيس كانت منتظرة ..وخطاب لم يرا النور

زيارة الرئيس كانت منتظرة ..وخطاب لم يرا النور
زيارة الرئيس كانت منتظرة ..وخطاب لم يرا النور

(المشرق نيوز)

بقلم: حسن عصفور

أكد حسن عصفور أن الشعب الفلسطيني، ما لم يقدم يوميا ثمنا لما يبحث عنه منذ زمن بعيد لتحرير وطنه وأرضه ولحريته، فالشهادة، كما الأسر والجرح والغربة والابعاد والحصار والتنكيل هي أدوات للغاصب والمحتل، لم تختف يوما، في صراع دام طويلا ولكنه بالتأكيد لن يخلد، ما دام في فلسطين نبض .

ولكن في ظل المسار الكفاحي تبرز بين حين وآخر، احداث تحتل مكانة خاصة ومميزة، تلقي بها الى أن تصبح دلالة ذات نسق خاص، والأمثلة بلا حصر ولا تعداد، ودوما نجدها في فلسطين، الأرض والشعب، وآخر نموذجا لها كان حرق عدو غاصب وفرقة إرهابية لعائلة فجر يوم، أدى الى استشهاد الطفل الرضيع علي "داوبشة" حرقا، وليلتحق به والده سعد بعد أيام، وكأنه يبحث لحظة احتضان الرضيع لم يتمكن منها خلال الفعل الارهابي العنصري، الذي سيبقى جزءا من "الذاكرة الجمعية" الفلسطينية، مهما حاول البعض أن يحيله الى "حدث يومي معتاد"..

ولأن "دوابشة" باتت حاضرة برمزيتها الخاصة في العقل الانساني، كان الاعتقاد أن يكون وداع "سعد الدوابشة"، "وداعا رمزيا" لأن الارهاب لن يكسر أهل فلسطين، وان التحدي هو الأصل، وأن "الانتكاسات" أو "الوكسات" آنية ومؤقتة والى زوال، المنتظر للرد الرمزي أن يركب الرئيس محمود عباس مروحيته، او يستقل سياراته ويذهب ليترأس "الوداع الأخير"، ثم يتقبل واجب "التهئنة الكفاحية"، كما هو مستخدم في فلسطين بديلا لتعبير العزاء، فلا عزاء للشهداء الا بتحرير الأرض والشعب وكنس المحتلين كنسا..

ولم يكن بالذهن، أن ذلك مطلب غير قابل للتحقيق، بل لم يكن يخطر بالبال أن لا يكون، كفعل من رئيس ليرد به على "منظومة الارهاب العنصرية"، والتي تضاعفت اضاعفا في "الزمن العباسي"، كانت "المشاركة" أن تعيد روح التحدي العام من الرئيس الى الجميع..فقيمة بعض الأفعال الصغيرة جدا قد تفوق ما بها، وكان للرئيس عباس أن يرد على استخفاف رأس الفاشية الحاكمة في تل أبيب، ان "السلام لن يكون ابدا خنوعا ورعبا وهلعا"، او كما يحلو للرئيس عباس القول مؤخرا "السلام أو الارهاب"..

ليس الحديث عن طلب الرئيس عباس رئاسة فعل كفاحي مع عائلة وأهل بمعجزة، فلا يوجد أي "عائق لا أمني ولا سياسي" يحول دون ذلك، ولو تخيل البعض حول الرئيس عباس فريقا وفرقة، ان الذي كان إسمه "عامي" أو "شلومو" أو أسم عبري يهودي، لكان للجنازة واقعا رسميا مهيبا، قد لا يستغرب أن يحضر عددا من "زعماء وشخصيات عالمية" لتشارك في حزن وبكاء عائلة حاصرها الارهاب فقتل من قتل وأدمى من أدمى..ما كان لحدث اغتيال "الدوابشة حرقا وقهرا" أن يكون كما كان لو كان له إسم عبري..

وبالمناسبة مشاركة الرئيس عباس لأي فعل وطني ، إجتماعي أو سياسي هو واجب "شرعي لخدمة الوطن"، ما دام تقبل المهام، وليست منة أو هبة أو عطاء، والتقصير بها أو التخاذل في تأديتها يضاف لسجل الحساب السياسي العام..فالحكم ليس مراسيم رئاسية ورحلات ومقابلات ومشاركات ..

وسبق أن شارك الرئيس عباس في مظاهرة باريس" للرد على الارهاب"، وهي لم تكن بتلك الحقارة - الدناءة التي حدثت لآل "دوابشة"..فلما هذا السلوك الذي يبدو وكانه "تبخيس" بالمشهد الكفاحي الفلسطيني..كانت مشاركة الرئيس عباس ستمنحه فخرا وطنيا..

المشاركة المباشرة كانت حق وواجب، ولكنها لم تحضر، وظن البعض ان هناك "جائزة ترضية" بأن يستمع الآلاف من مودعي "سعد..سعد سعد يحيا سعد" الى رسالة وداع من الرئيس عباس هاتفيا ملتزما لروح الشهيد أن تلك الدماء الطاهرة لن تذهب هدرا، وان يكون قسما يختلف عما كان يوم استشهاد المناضل الكبير زياد ابو عين، الذي انتهى بقراءة الفاتحة في مستهل لقاء ليعود بعدها كل في طريق..

كان الظن أن يأت الرئيس عبر كلمة الوداع العامة باسم شعب فلسطين لسعد حاضرة بقوة ارادة شعب قرر أن لا ينكسر..ولكن الظن أيضا كان "إثما" وذهب "سعد اليتيم" على أمل اللقاء بالخالدين ومنهم رمز الوطن العام ياسر عرفات وشاعر الوطن العام محمود درويش..وأمل بأن الفلسطيني لن ينسى وبالتأكيد لن يترهل مهما حوال "أصحاب الإبر المخدرة تسميمه بها"..

سلاما يا سعد ولا تنسى أن تشكو بعضا مما هو حق لك للخالد الذي سيكون أول مستقبليك فهو دوما حاضر في كل مناسبة ومكان!

ملاحظة: بعد تسمية الرئيس عباس لشخصية في منصب "الرجل الثاني" بطريقة "إنقلابية"..تسارع نشرتقارير عبرية تتحدث عن دور اللرئيس عباس في منع اندلاع "إنتفاضة جديدة"..لا نعلم سبب نشرها أهو فعلا وصف لواقع أم انها "مؤشرات" لتسريع "البديل"..والله والرئيس أعلم!

تنويه خاص: ارتباك حماس السياسي بات أكثر وضوحا..تبحث "مقاومة" في الضفة وتمارس كل أشكال الصبر بل والمطاردة لأي فعل يغضب "حكومة بيبي"..هل حماس هي حماس..صار بدها "عراف سياسي"!