هل ينبثق المحور الثلاثي من جديد؟-- بقلم : يحيى رباح

هل ينبثق المحور الثلاثي من جديد؟-- بقلم : يحيى رباح
هل ينبثق المحور الثلاثي من جديد؟-- بقلم : يحيى رباح

الموقف القوي والواضح والحاسم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية لصالح الشعب المصري والدولة المصرية واستقرارها في حربها ضد الإرهاب الدولي، كان له انعكاسات إيجابية سريعة على إيقاع السياسات الإقليمية والدولية التي كانت تدار ضد مصر لخدمة خطط استراتيجية في المنطقة.
فقد شعرت بعض القوى الإقليمية الطامحة لاستلاب القضايا العربية واللعب على أوتارها، أن الطريق أمامها غير سالك، لأن الفراغ الذي كان قائماً، وكانت تمني نفسها بأن تقوم هي بملء الفراغ لم يعد قائماً، وأن الموقف السعودي جدد وعزز الحضور العربي والدور العربي، فعادت تلك القوى إلى حجمها، وإلى دورها الذيلي الملحق بالقوى الدولية وليس أكثر من ذلك.


و لكن الموقف السعودي أطلق إشارة البداية لضبط الموقف العربي، وسرعان ما نشأ ما يمكن وصفه بالاصطفاف العربي القوي من خلال قوة المواقف التي صدرت عن دول الخليج وعن الأردن وفلسطين وليبيا والسودان، وانعكس الموقف السعودي إيجابياً في تونس، وتجددت الآمال العريضة لدى النخب السياسية والثقافية في المنطقة بأن ينبثق من جديد، وبقوة أكثر المحور الثلاثي التاريخي وهو المحور السعودي المصري السوري، الذي كان دائماً هو المحرك والضابط الرئيس للثقل العربي في كل القضايا والمجابهات العربية على صعيد الحرب أو السلام، وعلى صعيد الأولويات السياسية، والأزمات المالية والإقتصادية التي انفجرت في المراكز الدولية الكبرى ورمت ظلالها السلبية على العالم.


لا ننسى أن هذا المحور الثلاثي، تعرض في نصف القرن الأخير إلى اشكاليات كثيرة، والتباسات كثيرة، ربما كان السبب الأقوى فيها النظام الدولي السابق واضطراباته الكبرى، واستقطاباته الحادة التي كانت تنعكس على العالم كله دون استثناء، فقد حدث اختلال في هذا المحور في سنوات الوحدة بين مصر وسوريا ثم انهيارها في مطلع الستينيات، ثم حدث اختلال آخر عندما وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد بعد حرب أكتوبر وثم اخراجها من الجامعة العربية، ثم حدث اختلال قوي في مطلع التسعينيات حين قام العراق باحتلال الكويت ثم وقعت حرب الخليج الأولى! و لكن الثابت في مواجهة هذه الاختلالات أن المحور الثلاثي، وبجهد مميز من المملكة العربية السعودية، كان يحتشد ثانية، فيضبط العلاقات في هذه المنطقة، سواء العلاقات البينية العربية، أو العلاقات العربية مع منظومات القوى الإقليمية والدولية.


لم نكن بحاجة ماسة كنظام اقليمي عربي إلى إعادة انبثاق هذا المحور الثلاثي بقدر ما نحن بحاجة إليه الآن، في هذا الوقت بالتحديد، في المجابهات الحالية التي تحاول فيها قوى دولية كبرى توفير الأمن المطلق لإسرائيل، ليس عن طريق معادلة السلام المتوازنة التي تعطي الحقوق للجميع، بل عن طريق تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ!!! والأخطر بعد أن ثبت أن الإسلام السياسي متورط حتى أذنيه في هذا المخطط الرهيب.


نأمل أن يتطور الموقف السعودي باتجاه إعادة انبثاق وإحياء هذا المحور الثلاثي السعودي المصري السوري، فحينئذ، سيكون الجهد العربي، قادراً على أن يرى، ويشارك ويقرر، وينفذ، وهذا هو الهدف الأعلى لأمتنا العربية الآن.