إسرائيل تغتال عملية السلام-- بقلم: عادل عبد الرحمن

إسرائيل تغتال عملية السلام-- بقلم: عادل عبد الرحمن
إسرائيل تغتال عملية السلام-- بقلم: عادل عبد الرحمن

عشية ذكرى رحيل القائد ابو علي مصطفى، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي موعد بدء الجولة الرابعة للمفاوضات الفلسطينية/ الاسرائيلية في اريحا قامت القوات الاسرائيلية (مجموعات المستعربين) باقتحام مخيم قلنديا المحاذي لحاجز قلنديا الفاصل بين مدينتي القدس ورام الله، والمبادرة باطلاق الاسلحة الاتوماتيكية القاتلة على رؤوس الابطال: روبين زايد، اسير محرر من صفقة شاليط، ويونس جهاد ابو الشيخ جحجوح، وجهاد أصلان، ما ادى لاستشهادهم، فضلا عن إصابة خمسة عشر مواطنا، إصابة اربعة منهم خطرة. 


الجريمة الاسرائيلية ليست فعلا اعتباطيا او نتيجة قرار فردي لهذا الضابط او ذاك، بل هي جزء من مخطط تنفذه سلطات الاحتلال الاسرائيلية لتحقيق اكثر من هدف في آن، منها: اولا مواصلة سياسة إرهاب الدولة المنظم ضد الجماهير الفلسطينية في المخيمات والقرى والمدن، لتتكامل مع إرهاب قطعان المستوطنين؛ ثانيا العمل على اغتيال منظم لعملية السلام، وقطع الطريق على المفاوضات، التي بدأت في اعقاب الجولة السادسة من زيارات جون كيري للمنطقة، ودفع القيادة الفلسطينية لاتخاذ خطوة طبيعية لرفض المفاوضات تحت سيف القتل والاغتيال لأبناء الشعب الفلسطيني، ومواصلة الاستيطان الاستعماري، وتهويد ومصادرة الاراضي، بالاضافة الى العديد من الانتهاكات التي تمس بمصالح المواطنين، وذلك لتحميل القيادة الفلسطينية المسؤولية عن أي تبعات تنجم عن جرائمها وارهابها المنظم؛ ثالثا دفع المنطقة الى دوامة العنف والفوضى الامنية، وذلك للهروب الاسرائيلي الكلي من تبعات العملية السياسية، وايضا لتحميل الفلسطينيين ما ستؤول اليه الامور في المنطقة؛ ورابعا لتحريض القيادة الاميركية ودول الاتحاد الاوروبي وباقي اقطاب الرباعية الدولية على القيادة الفلسطينية، والعمل على محاصرتها سياسيا ودبلوماسيا وماليا لخنق مشروع السلطة الوطنية، وإسقاط خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.


إذاً إرهاب حكومة نتنياهو في مخيم قلنديا ليس منفصل الجذور عن الخلفية الاستعمارية لها، بل هو جزء لا يتجزأ من مخططها الاعم والاشمل، وما اعلنه بالامس وزير الاسكان أريئل، من انه لن تكون هناك دولة فلسطينية غرب النهر، متوافقا ومتلازما مع اعلان بلدية نير بركات بالمصادقة على بناء (1600) وحدة استيطانية في رمات شلومو في القدس، وغيرها من عمليات الاستشراء في الاعلان عن العطاءات الاستعمارية للبناء في المستعمرات المقامة في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وارتباطا مع ذلك الاقتحامات المنظمة والمدعومة من الادارة المدنية للمسجد الاقصى من قبل الجنود والمجندات والمجموعات المتطرفة بقيادة الحاخامات الاقصوية العنصرية، وهدم المنازل ... إلخ لدليل على ما تهدف اليه حكومة اقصى اليمين الاسرائيلية. 


هذا الوضع الخطير، دفع امس القيادة الفلسطينية الى الغاء الجولة الرابعة من المفاوضات، لان مواصلتها المفاوضات في ظل مواصلة الجرائم والانتهاكات الخطيرة لمصالح الشعب، يسيء لها ولدورها القيادي في تحمل مسؤولياتها تجاه جماهير الشعب الفلسطيني، وهو ما تسعى له دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. وسيدفعها لاحقا لاتخاذ جملة من القرارات لحماية المصالح الوطنية العليا للشعب في حال لم تلتزم إسرائيل باستحقاقات عملية التسوية السياسية، ولم توقف جرائمها ومصادرتها وتهويدها للاراضي والبناء في المستعمرات؛ اولا لم تقم الادارة الاميركية باتخاذ الاجراءات الرادعة من قبلها لدولة الارهاب الاسرائيلي المنظم، ثانيا لان الولايات المتحدة، التي وضعت ثقلها لعودة المياه لمجاري المفاوضات بين الطرفين، تتحمل المسؤولية كاملة في حال واصلت إسرائيل إرهابها وجرائمها وانتهاكاتها الخطيرة لمصالح الشعب العربي الفلسطيني؛ وان لم تتخذ باقي اقطاب الرباعية مواقف جادة للضغط على حكومة نتنياهو، ثالثا تعزيزا للقرارات الاوروبية الاخيرة، وذلك لالزام إسرائيل باستحقاق الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. 


اللحظة السياسية حرجة، وتملي على جميع القوى السياسية المحلية والعربية والاقليمية والدولية الارتقاء إلى مستوى التطورات الدراماتيكية، التي تشهدها المنطقة، والعمل على إطفاء الحرائق بدل إشعالها كما تفعل حكومة الاستيطان الاستعماري الاسرائيلية، وتشجيع روح التعايش والسلام بدل عودة لغة البارود والحرب.