الخيار الفلسطيني الأمثل..بقلم: فايز رشيد

الخيار الفلسطيني الأمثل..بقلم: فايز رشيد
الخيار الفلسطيني الأمثل..بقلم: فايز رشيد

أسفرت جولة جون كيري الأخيرة عن تنازل الجانب الفلسطيني عن شروطه للعودة إلى المفاوضات، نتيجة للضغوطات التي تمارسها عليه الإدارة الأمريكية من خلال وزير خارجيتها . صحيح أن الجانب الفلسطيني حدد موقفه من أن مباحثات واشنطن بين صائب عريقات رئيس ملف المفاوضات وبين تسيبي ليفني وإسحق مولخو مستشار نتنياهو، ستكون عبارة عن اجتماعات قليلة بمشاركة أمريكية لاستكشاف وجهات النظر، هذا في الوقت الذي لم تتزحزح فيه إسرائيل قيد أنملة واحدة عن مواقفها المتعنتة! . رغم ذلك تم تحديد اليوم الثلاثاء 30 تموز الحالي موعداً لبدء المفاوضات في العاصمة الأمريكية .

مباحثات عمّان التي أُجريت من قبل مع مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي لم تُسفر عن شيء جديد سوى المزيد من تعنت المفاوض الإسرائيلي،رغم وضوح الموقف الإسرائيلي بشكل تام، فقد أعلن نتنياهو عن رفض إسرائيل التام والمطلق لأن تكون المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حدود عام 1967 ليس ذلك فحسب، بل أعلن وزراء حكوميون في الائتلاف الحالي رفضهم التام إجراء مفاوضات على أساس هذه الحدود، وإقامة دولة فلسطينية وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل قبل توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993.

لقد صرّح وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أرييل من حزب المستوطنين “البيت اليهودي”: “إنني لن أسمح بأي إجراء من شأنه أن يجمد الاستيطان كما سأعارض إطلاق سراح الفلسطينيين . لقد قلت مراراً إن لا حل قريباً للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ولهذا فإن ما هو متاح ومهم فعله، هو إدارة الصراع وليس حلّه” .

من جانبه عبّر رئيس حزب المستوطنين “البيت اليهودي” نفتالي بينيت عن “رضاه” من أن المفاوضات ستجري من دون شروط مسبقة من الجانب الفلسطيني، وقال بالحرف الأول الواحد “إن هذا نتيجة لإصرارنا على أن تستمر الحياة بشكل سليم، بما في ذلك استمرار البناء في القدس والضفة الغربية المحتلة أما رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” افيغدور ليبرمان فقد صرّح قائلاً: “إنه ليس واضحاً مدى شرعية محمود عباس، ولكن على ضوء حقيقة أننا نرفض تجميد الاستيطان , ومن أجل منع مباحثات في مراحل متقدمة، فمن الأجدر إبلاغ وزير الخارجية الأمريكي مسبقاً بخططنا الاستيطانية القادمة، وهذه الخطط على وشك التنفيذ” .

وزير المواصلات إسرائيل كاتس المقرب من نتنياهو أكد رفضه إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في حال تم طرح مثل هذا الأمر على الحكومة، واعتبر استثناء المفاوضات مع الفلسطينيين من دون تحقيق أي من شروطهم، إنجازاً كبيراً .

هذا غيض من فيض التصريحات التي يطلقها القادة الإسرائيليون عن المفاوضات مع الفلسطينيين من دون تحقيق أي من شروطها.

قبيل جولة كيري الأخيرة، تعهدت الولايات المتحدة بإيجاد خطة إنمائية للفلسطينيين بقيمة أربعة مليارات دولار، من خلال منح واستثمارات أمريكية وأوروبية وعربية . كان هذا هو الوعد الذي استخدمته الولايات المتحدة لاستدراج الجانب الفلسطيني إلى مفاوضات مع إسرائيل . من ذلك يتضح أن الإدارة الأمريكية ليست فقط لا تمارس الضغوطات على إسرائيل وإنما تتبنى المواقف الإسرائيلية جملة وتفصيلاً .

لقد تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي من قبل عمّا أسماه: “أولوية السلام الاقتصادي”، فهو يطمح إلى إنشاء مشاريع إنمائية أمريكية أولاً في الضفة الغربية، واستعمالها كمدخل للهيمنة السياسية، وإبقاء الاحتلال على الفلسطينيين والنفاذ من خلالهم إلى العالم العربي . هذه الخطة الأمريكية-الإسرائيلية تصب في مجرى مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي كان قد اقترحه شمعون بيريس وبالتعاون مع خبراء اقتصاديين من كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وتبناه الطرفان، ويهدف أيضاً إلى: جعل إسرائيل مكوناً رئيساً من مكونات المنطقة إن لم يكن العامل الرئيس الأساس .

هذا المشروع إضافة إلى كل الأهداف السابقة، يُقفل الأبواب على الحلول السياسية العادلة للصراع الفلسطيني العربي-، ويكون إلهاء للفلسطينيين عن حقوقهم الوطنية العادلة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، هذه التي ضمنتها الشرعية الدولية، للفلسطينيين، من خلال قرارات صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة على مدار سنوات الصراع، منذ إقامة الدولة الإسرائيلية في عام 1948 وحتى هذه اللحظة .

خيار المفاوضات أثبت عقمه وفشله مع إسرائيل التي استفادت وما تزال تستفيد منه وأيضاً من الانقسام الفلسطيني والوضع الفلسطيني عموماً . قرارات الشرعية الدولية يتوجب اعتبارها مرجعية أساسية ورئيسة بدلاً من المفاوضات مع إسرائيل كما أن تجاوز الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية وبناء استراتيجية جديدة في التعامل مع الجانب الاسرائيلي عمادها الرئيسي: هو المقاومة، هي الخيار الاستراتيجي الفاعل في التعامل مع اسرائيل.

بالتأكيد ستلتف الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج من حول هذه المقاومة، وهذا ما سيجبر إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية .