الأكراد في المعادلة السورية.. أسئلة تنتظر الإجابة

الأكراد في المعادلة السورية.. أسئلة تنتظر الإجابة
الأكراد في المعادلة السورية.. أسئلة تنتظر الإجابة


من جديد تعود الورقة الكردية إلى واجهة الحرب السورية لتفرض نفسها رقماً إقليمياً صعباً لا بد من التفاوض معه . الأكراد في سورية يتجهون في القادم من الأيام نحو الإدارة الذاتية مع اشتداد المعارك التي يخوضونها مع الجهاديين الأجانب شمال سورية، وذلك تزامنا مع الحديث عن تقسيم سوريا لكانتونات ودويلات قومية وإثنية

بقلم إلياس مارديني


الإدارة الذاتية شمال سورية

من الممكن تفهم التوقيت الذي اختاره الأكراد للإعلان عن مسودة مشروعهم للإدراة الذاتية كما يقولون، فحربهم مع القاعدة والكتائب السلفية التي تهيمن على ما يعرف بالجيش الحر تأكل الأخضر واليابس، لكن عدم وضوح المشروع الكردي حتى اللحظة يثير مخاوف مكونات منطقة الجزيرة السورية التي يهيمن عليها الأكراد سكانيا، لكنهم ليسوا جميع سكانها. الروايات تختلف من إدارة ذاتية إلى مجالس محلية لكن مصطلح كردستان سوريا أو غرب كردستان يضع علامات استفهام عريضة حول مستقبل التوجه الكردي وأبعاده، رغم تأكيدهم على وحدة الأراضي السوري وأنهم جزء لا يتجزأ من شعب سورية وثورته نحو التعددية والعلمانية.

العديد من القوى السياسية ألمحت إلى أن مسودة العقد الاجتماعي الذي طرحه مجلس غرب كردستان يحتوي على مصطلحات ومؤشرات تتجاوز الإدارة الذاتية كـ دستور وبرلمان وحكومة ووزارات ومحكمة دستورية وعلم وشعار ونشيد وطني، الأمر الذي يعلق عليه ناشطون أكراد بأنه مرحلي ويتم مناقشته مع القوى غير الكردية من العرب والسريان والآشوريين والأرمن والشركس وغيرهم، لكن دون تحديد الأسماء والشخصيات ما يبقي الأمر ضبابيا.

كما أن العلاقة بين لجان الحماية الشعبية الكردية مع الأطراف العسكرية الأخرى في المنطقة تبقى موضع تساؤل رغم موقف الأكراد الرافض للأجانب، فما سر المعارك الشرسة بين الأكراد والقاعدة وأخواتها شمال سورية، وكيف تطورت الأمور إلى هذا الحد وكانت مدينة رأس العين قد شهدت منذ فترة مصالحة بين ما يعرف بالجيش الحر ولجان الحماية الشعبية الكردية رعاها المعارض البارز ميشيل كيلو، وهو اليوم من قيادات الإئتلاف المعارض، وهل لتقدم الأكراد العسكري صلة بتقدم الجيش العربي السوري على أكثر من محور؟ وهل من تنسيق مع المركز في دمشق لا سيما وأن القاعدة أعلنت عن دولة مرتقبة لها في الشمال مع أول ايام عيد الفطر؟ أم ان ما يجري على الأرض يكرس عمليا موقف الإئتلاف ومن يدور في فلكه؟ أي ضرورة تسليح المعارضة وتأكيده بأن القاعدة لا تسيطر على القرار العسكري، وسيطرة الأكراد على زمام المبادرة خير دليل على ذلك، رغم تضارب مشروع الأكراد بمشروع الهيئة التنفيذية للائتلاف الباحث أيضا عن الحكم شمال سوريا وما يصفه بالمناطق المحررة . حتى اليوم لا توجد أجوبة على الكثير من الأسئلة والزعامات الكردية لا تستطيع الإجابة عليها بشكل واضح وصريح، فللسياسة أحكامها، فما بالك في زمن الحرب.


الورقة الكردية في المعادلة الإقليمية

لقد خلط أكراد سورية أوراق المنطقة بتوجههم نحو الإدراة الذاتية، وهو أمر استدعى تحذيرا تركيا لرئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم الذي زارها بعد اجتماعات عقدها في أربيل، مسلم والذي يمثل الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، أي الصديق السوري لأوجلان، بدد مخاوف أنقرة من حراك حزبه العسكري والسياسي ووضعه في إطار المؤقت، مؤكدا أن جبهة النصرة هي عدوة للطرفين، في حين أن تركيا اعتبرت نظام دمشق هو عدو الطرفين، لكن اللافت أن مسلم لم يستطع التعليق بشكل واضح عندما نفى المسؤولون الأتراك صلتهم بالجهاديين الأجانب الذي يتطوعون يوميا في صفوف النصرة والقاعدة، مؤكدا فقط أنه يجب أن يكون للأكراد وضع جديد بعد تغيير النظام في سورية.

حتى اليوم لم تتضح دلالات تحركات مسلم تجاه أنقرة، فحزبه ينضوي تحت لواء هيئة التنسيق الوطنية في سورية، في حين أن الإئتلاف الذي يتخذ من فنادق إسطنبول والدوحة مقرا له، يحاول توسيع التمثيل الكردي في صفوفه، فما هي خياراته إذا، هو يحاور تركيا ويدرك جيدا أنها تمول وتدعم لوجستيا القاعدة التي تقتل الأكراد كغيرهم من مكونات الشعب السوري، بل هي تجاهد ضدهم.

إن الورقة الكردية في المعادلة السوري والإقليمية يشوبها نوع من التشتت، فالخلافات الكردية- الكردية ليست سرا رغم نفي نشطاء أكراد لها، وهو موضوع سيطرح على جدول أعمال المؤتمر القومي للأكراد في أربيل الذي يهدف وضع استراتيجية موحدة لأكراد المنطقة في القادم من الأيام، كما أن الحديث عن أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني يحاول فرض صفقة على الاتحاد الديمقرطي ورئيسه صالح مسلم لمنعه من الانفراد بالادارة الذاتية، يلقي بظلاله على المعادلة مع الأخذ بعين الاعتبار أن للبرزاني علاقات اقتصادية ونفطية كبيرة مع النظام الحاكم في أنقرة، ولربما هو من فتح طريق الباب العالي أمام أكراد سورية تزامنا مع مفاوضات أوجلان السلمية مع أردوغان.


الأكراد والورقة النفطية

طبعا للنفط حصة الأسد في مستقبل الإدارة الذاتية الكردية شمال سورية كما أن هذه الورقة هي التي سترسم أطر ومستقبل العلاقة بين الأكراد والمركز في دمشق، فالخامات وطرق تصديرها من حقول الرميلان والسويدية وكراتشوك وجبسة ترتبط بشكل مباشر مع مدى قابلية الكيان الكردي للحياة اقتصاديا، في ظل حصار قد تفرضه تركيا شمالا ومعارك ضارية بين الجيش العربي السوري ومقاتلي المعارضة جنوبا، ما يبقي كردستان العراق منفذا وحيدا، ولذاك الإقليم علاقات نفطية مستقلة عن الحكومة المركزية في العراق.

في المرحلة الحالية لا تحبذ الولايات المتحدة التحرك الكردي في حين أن موسكو تدعو الأكراد أولا للتفاهم مع النظام والمعارضة، دون أي شك فإن من شأن الورقة الكردية التأثير على حسم الصراع في سورية وخلط الأوراق الإقليمية، لكن على الأكراد أولا أن يتخذوا مواقف واضحة، كي تستطيع مختلف القوى الأخرى التعامل معها، وإلى ذلك الحين هناك أسئلة ننتظر من الأكراد الإجابة عليها بشفافية.