مصر على مفترق الطرق-- بقلم: فضيل الامين

مصر على مفترق الطرق-- بقلم: فضيل الامين
مصر على مفترق الطرق-- بقلم: فضيل الامين

تحدثت منذ عدة أشهر عن التوتر الناجم من سوء إدارة الأزمة من قبل الرئيس محمد مرسي، وإصراره على الاعتماد على الشرعية الانتخابية فقط، وعدم الانتباه لضرورة التوافق الشعبي الوطني كأساس آخر للاستقرار خلال المراحل الانتقالية. ضعف التجربة السياسية له دور كبير في الأمر، ولكن محاولة البعض من حزبه وجماعته الاستحواذ والإقصاء لعبت دورا في ذلك أيضا. وفي المقابل، نجد من يسمون أنفسهم بالمعارضة الليبرالية وغير الإسلامية مزيجا من حفنة من عناصر النظام السابق وبقايا القوميين واليساريين، الذين لا يؤمنون حقيقة بالخيار الديمقراطي ما لم يكن في صالحهم.

عمقهم المجتمعي محدود وسطحي؛ يعيشون بعيدا عن الهم الشعبي الأساسي المتلخص في الأمن والتحسن الاقتصادي والاستقرار السياسي والمجتمعي بعد هزة الثورة التي أطاحت بنظام مبارك. يضاف إلى هؤلاء بعض الليبراليين المخلصين، مثل البرادعي وأمثاله.

خلطة اجتمعت على رفض «الإخوان» ونتائج الانتخابات.

خلطة ليس لها أهداف واضحة ولا رؤية حقيقية للبلاد.

خلطة ستختلط وتتصارع فيما بينها إن لم يكن الآن فبعد قليل. همها إقالة «الإخوان»، ولو عبر التضحية بالشرعية وأسس اللعبة الديمقراطية، وهنا تكمن الخطورة. أنا لست ضد أي من هذه الأطراف؛ سواء إسلامية أو غير إسلامية، ولكن يجب أن يحتكم الجميع لقواعد اللعبة. تلك اللعبة التي أفرزت الرئيس مرسي، والتي كانت على وشك إفراز الرئيس شفيق.

ترى ماذا سيكون موقفهم لو فاز شفيق؟ هل سيرفضون الشرعية التي أتت بها نتائج الانتخابات؟ هل سيطالبون بتغيير قواعد اللعبة؟

المحصلة أنه لا يمكن القبول بتغيير قواعد اللعبة عندما تبدأ.

المحصلة أنه يجب ألا يتلاعب أي طرف من الأطراف بالشعب والرأي العام والتحشيد الشعبي؛ فمن يضع الحطب والكيروسين أو البنزين والنار معا يجب ألا يتوقع سوى الحريق. والحريق عندما تمتد ألسنة لهبه لن يعرف الصديق من الخصم، ولن يعرف من أشعله ممن يحاول إطفاءه؛ سيلتهم كل ما ومن يكون في طريقه وحوله.

المحصلة أن اللامسؤولية الوطنية لن تجر سوى الويلات على الوطن.

المحصلة أن المسؤولية السياسية والأمانة الوطنية تقتضيان أن يحدد كل طرف ما هو مع، وليس ما هو ضد؛ فالضدية طاقة سالبة وسلبية. وتحديد ما تريد وليس ما لا تريد هو السبيل الحقيقي المسؤول للسياسي الوطني المسؤول.

قد يلعب الجيش الدور الحاسم في إرغام الأطراف على التفاوض واللقاء، ولكن لن يقوم الجيش المصري بضرب الشرعية وإسقاطها. الرئيس مرسي وجماعته أخطأوا التقدير والحسابات، والمعارضة الفاشلة لا يهمها أن تحترق مصر ما دام «الإخوان» سيحترقون معها.

الشعور الشعبي يرفض ممارسات كلا الطرفين، وهو أكثر وعيا منهما في الوقت نفسه. والجيش المصري أكثر حرصا من كلا الطرفين على أمن مصر القومي.

أرى أن التحشيد الشعبي المتبادل لن يزيد الأزمة إلا اشتعالا. وبعد الضحايا التي سقطت، هل سيعلو صوت العقل على أصوات الآيديولوجيات والديماغوجيات.

أن يلجأ الجميع للجيش، فهذا يعني إفلاسهم جميعا، ولكن يعني أيضا أن الطريق نحو ديمقراطية حقيقية في مصر لا يزال طويلا.

بتدخل الجيش يمكن أن تكون مصر هي تركيا في التسعينات ونهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي. الأمر ليس سيئا لو أن النتيجة بعد عشر سنوات من الآن هي مصر في شكل تركيا اليوم.

حفظ الله مصر وأهل مصر.