مصر والإخوان بقلم: حسن مدن

مصر والإخوان  بقلم: حسن مدن
مصر والإخوان بقلم: حسن مدن

مصر والإخوان

بقلم: حسن مدن

خلال عام واحد فقط من حكمهم، اقترف "الإخوان المسلمون" بمصر من المعاصي والجرائم ما لم يفعله حاكم سبق أن حكم مصر، على الأقل في حدود ما تسمح به الذاكرة التاريخية المتاحة. إنهم لم يكتفوا، عبر الدهاء والحيلة والابتزاز، بسرقة ثورة شعبية حقيقية صنعها شباب مصر ورجالها ونساؤها الذين انتفضوا على الفساد، وإنما أوشكوا على إعادة مصر خلال شهور قليلة عقودا، وربما قرونا، إلى الوراء.

وما عجز كل الطغاة عن فعله في مصر المتسامحة الوديعة والمتدينة بالروح الفطرية لشعبها البعيدة عن التعصب والغلواء والكراهية، فعله "الإخوان المسلمون" حين وفروا البيئة الحاضنة لهذه المشاعر والسلوكات البعيدة عن روح مصر وتاريخها وثقافتها وتحضر شعبها، بل إنهم باتوا رعاة للخطاب التكفيري التدميري الذي يمكن أن يجد تربة له وسط الشبان المهمشين، فيجري دفعهم نحو التهلكة، بدل استيعابهم في برامج وخطط التنمية.

من عاشوا الحقبة الناصرية أو قرأوا عنها يعرفون كيف استطاع جمال عبدالناصر استيعاب الشباب وطاقاتهم في المجتمع وفي خطط التنمية، لا من خلال تعميم التعليم الجامعي لكل أبناء وبنات الشعب من أدنى المراحل الدراسية حتى أعلاها فقط، وإنما من خلال بناء المشاريع الصناعية العملاقة أيضا، وهي المشاريع التي قامت على أكتاف هؤلاء الشباب الذين اندمجوا في مشروع تنموي وطني نهضوي حقا، أبعد ما يكون عن "النهضة" التي يعد بها "الإخوان المسلمون"، والتي أعطت حصادها المر كالعلقم بسرعة قياسية.

أبلغ تعبير عن توصيف الحالة المصرية الراهنة التي قاد إليها "الإخوان" هو ذاك الوارد في تقرير مصور لإحدى الفضائيات والقائل إن مصر منقسمة بين "المصريين والإخوان"، فما من عبارة أدق من هذه في وصف حال العزلة التي بلغها حكم "الإخوان" ومجمل نهجهم المدمر لمصر ودورها ومكانتها التي جعلت أغلبية المصريين يصطفون ضدهم، بمن فيهم الكثيرون ممن منحوا مرسي أصواتهم في الانتخابات الرئاسية منذ عام، خوفا من عودة النظام الذي ثاروا عليه، لكنهم لم يحسبوا حجم الكارثة التي كانت في انتظارهم بعد أن استوى الأمر ل "الإخوان".

مصر منقسمة بين الأغلبية المصرية الساحقة التي تعكس الفطرة المصرية السوية، فطرة الاعتدال والتسامح والتنور، وبين أقلية "الإخوان"، التنظيم الفئوي المنتسب للماضي والغريب عن العصر الذي فقد شرعية استمراره في الحكم، بعد إخفاقاته المدوية في كافة الملفات على الإطلاق.