من يخدم من؟ بقلم : يحيى رباح

من يخدم من؟ بقلم : يحيى رباح
من يخدم من؟ بقلم : يحيى رباح

يوم الجمعة الماضي، الحادي والعشرين من شهر حزيران الحالي، رفع أذان الظهر في مسجد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العاصمة القطرية الدوحة، فصعد الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي درجات المنبر لإلقاء خطبة الجمعة التي كان موضوعها تأييد الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي بصفته ولي الأمر!!!
و أنه لا يجوز شرعاً لأحد أن يطالب باستقالته، أو أن يطالب بانتخابات مبكرة حتى ينهي مدته التي انتخب لها وهي أربع سنوات!!!
وهاجم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بشدة الشباب المصري الذين أعلنوا أنهم سيقومون بفعاليات سلمية كبرى يوم الثلاثين من حزيران الحالي مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة في بلادهم، لأن الأحوال تدهورت كثيراً على كافة الأصعدة، وما يطالبون به هو من صميم الديمقراطية، ومن صحيح الدستور أيضاً، وهو عمل شرعي من الطراز الأول!!!

في يوم الجمعة نفسه، احتشد عشرات الآلاف في مدينة القاهرة يشكلون توليفة من الأحزاب والمجموعات الإسلامية، في ميدان رابعة العدوية، في القاهرة، لاستباق موعد الثلاثين من حزيران، موجهين التهديدات بالويل والثبور لأبناء شعبهم السلميين إذا هم أقدموا على المطالبة باستقالة الرئيس أو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وقد تحدث أقطاب من جماعة الاخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية التي هي أحد تفريعاتها بكلام يعاقب عليه القانون بشدة في الدول الراقية!!!
وقبل يومين من خطبة القرضاوي في الدوحة، وخروج الحشود الإسلامية في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، كانت السفيرة الأميركية آن باترسون، القادمة إلى مصر من باكستان، والتي يعتبر حلم حياتها أن تنجح في جعل مصر شبيهة بالنموذج الباكستاني، تقوم بزيارة مهمة جداً لنائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين المصرية المهندس خيرت الشاطر، لتبحث معه ويبحث معها واقع الحالة المصرية، ولتؤكد السفيرة من جانبها أن مطالبة الرئيس محمد مرسي بالاستقالة أو بانتخابات مبكرة هو أمر غير مشروع، وقد أفتت السفيرة – كما ذكرت وسائل اعلام – بعدم شرعية التغيير إلا عبر الانتخابات في مواعيدها!!!

أحببت أن أعرض هذه الحوادث التي يعلمها جميع المتابعين، فقد أذيعت جميعها على الهواء مباشرة، ويعلمها القاصي والداني، لأظهر المفارقة، المفارقة الحادة، المفارقة الكبرى، في هذا القدر الكبير من التوافق بل التطابق بين فضيلة الشيخ القرضاوي وسعادة السفيرة آن باترسون!!!
يا سبحان الله، هل الأمر كله مجرد توارد أفكار ليس إلا؟
هل هذا التطابق في الأفكار، وفتاوى التحريم الصادرة من الشيخ يوسف القرضاوي والسفيرة آن باترسون وأقطاب جماعة الاخوان المسلمين وزعماء الجماعة الإسلامية هو نوع من المصادفة التي ليس فيها أي ترتيب مسبق؟؟؟ 
سبحانك يا رب، تغير ولا تتغير!!!

حتى صرنا نسمع ونرى كيف أن الإسلام السياسي بمفرداته، جميعاً يلهجون بما تلهج به أميركا، فالرئيس باراك أوباما يلهج بالجهاد الإسلامي في سوريا، فنرى علماء الأمة، علماء الإسلام السياسي – وليس علماء المسلمين – يعلنون الجهاد!!!
و نرى السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون تفتي بعدم شرعية الانتخابات المبكرة فنرى قادة الاسلام السياسي – وليس المسلمين – يعلنون ذلك من فوق المنابر ومن قلب الساحات والمظاهرات!!!
و نرى الإسرائيليين وحلفاءهم الأميركيين يصرون على عدم ذكر القدس، وعلى الإسراع المجنون في استيطانها وتهويدها، فإذا بعلماء الإسلام السياسي – وليس علماء المسلمين – يسارعون إلى إصدار الفتاوى بتحريم زيارة القدس، تاركينها وحيدة دون عون لعتاة الإسرائيليين المتطرفين!!!

انني أرى بصيص ضوء في هذا الليل المدلهم، وبصيص الضوء هذا، أن العقل العربي المسلم، أصبح قادراً على رؤية المفارقات الحادة!!! وأصبح هذا العقل قادراً على إيجاد علاقة ما بين زيارة آن باترسون لخيرت الشاطر، وخطبة الشيخ يوسف القرضاوي، ومظاهرات قوى الإسلام السياسي في ميدان رابعة العدوية!!!
هذا مكسب كبير وثمين، ويشكل انقلاباً جذرياً في العقل العربي الإسلامي، بحيث لا تعود الأمور تجري كما في السابق فتسمى الأشياء بعكس جوهرها، حيث يطلق اسم الصحوة على الردة، والبطولة على الخيانة، والوفاء على الغدر والخيانة!!!

انتهى كل ذلك وأصبحت الانكشافات هي سيدة الموقف، والانفضاحات عاجزة عن التغطية، والحقيقة بدل الغش والخداع!!!
سبحانك يا رب يا من جعلت الإنسان أدرى بشؤون حياته، والمعرفة الشجاعة هي الطريق إلى الله، أما الكذب باسم الإسلام على الإسلام فهو الطريق إلى جحيم الدنيا وجحيم الآخرة، وأهلاً بتجديد الثورة المصرية.