جولات كيري .. لا جديد يذكر-- بقلم : سمير عباهرة

جولات كيري .. لا جديد يذكر-- بقلم : سمير عباهرة
جولات كيري .. لا جديد يذكر-- بقلم : سمير عباهرة

على ما يبدو ان زعيم الديبلوماسية الامريكي جون كيري لم يفقد ثقته بامكانية احراز تقدم في محادثاته مع الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي تمكنهما من العودة الى طاولة المفاوضات وتحقيق تسوية للصراع العربي الاسرائيلي. هذه التسوية التي التزمت بها الولايات المتحدة منذ عهد الرئيس بوش والتزم بها الرؤساء الامريكيون المتعاقبون الا ان هذا الالتزام لم يأتي بنتائج تذكر لغاية الان. الرئيس الامريكي اوباما شأنه شأن من سبقوه من الرؤساء ابدى حماسا غير اعتيادي في ولايته الثانية بامكانية تحقيق تسوية لمشكلة الشرق الاوسط.

كيري ايضا ابدى تفاؤلا كبيرا عند تعيينه على راس الدبلوماسية الامريكية بامكانية تحقيق السلام،واعلن عن تغيير الاستراتيجية الامريكية فيما يتعلق بعملية التسوية بما يساهم بدفعها للامام. وقام بجولات استكشافية سبقت جولته هذه واجتمع مع الاطراف المعنية واستمع لوجهات نظرهم، وبدا انها مرحلة تقييم تساعد في تكوين افكار جديدة لعرضها على الطرفين.

جولة كيري الاخيرة لم تأتي باية نتائج وبقيت الامور على حالها، القيادة الفلسطينية ابلغت كيري تمسكها بموقفها وشروطها للعودة الى طاولة المفاوضات وهي وقف كامل للاستيطان والافراج عن كافة الاسرى والاعتراف بحل الدولتين، وهي شروط واقعية وموضوعية اذا توفرت فان العودة للمفاوضات ممكنة مع تقديم ضمانات بتحديد سقف زمني للخروج بنتائج ايجابية. وكان الرئيس محمود عباس وفي لقاءات سابقة قد امهل كيري مدة ثلاثة شهور لاعطاء الادارة الامريكية هامشا من المساحة تتحرك فيها لتقديم تصوراتها واثبات صدق نواياها بخصوص العملية السلمية. ثم جددت القيادة الفلسطينية موقفها وطالبت الادارة الامريكية ان يقدم نتنياهو خريطة جديدة تجري على اساسها المفاوضات يعترف بها بحل الدولتين وترسيم حدودها كشرطا للعودة للمفاوضات، وفي هذا اختبار للدور الامريكي الذي يجب ان يخرج عن صمته ويمارس ضغوطه على حكومة اسرائيل فيما اذا كانت حقيقة جادة بانهاء ملف الصراع العربي الاسرائيلي.

وهذا ما سمعه كيري في زيارته الاخيرة لرام الله ولقاءه مع الرئيس محمود عباس. وعلى ما يبدو ان الدور الامريكي لم يرتقي لغاية الان الى دور يمكن ان يكون حاسما ويليق بهيبة امريكيا وثقلها وكراعية لعملية السلام. حيث تبدو الصورة غير واضحة تماما، طالما لم تفصح الولايات المتحدة عن محددات وملامح استراتيجيتها فيما يتعلق بملف التسوية، وان اجتماع كيري مع نتنياهو لم يخرج عن جانبه البروتوكولي ، فقد فشل في كسر الجمود وخاصة فيما يتعلق بموضوع الاستيطان وتقديم خريطة مفصلة، هذه المرونة في المواقف الامريكية تجاه اسرائيل لا يمكن ان تحقق الغرض المطلوب واذا ما ارادت امريكيا فعلا تحقيق سلام في المنطقة عليها الخروج عن هذا الموقف التقليدي الى موقف اكثر فاعلية يقوم بالزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، فلا يعقل ان يقوم وزير خارجية دولة عظمى بنقل شيفرات بين الجانبين دون ان يكون له تأثير واضح، رغم ان كيري وبعد لقاءه نتنياهو صرح بان تحقيق السلام ممكن من خلال تلبية الاحتياجات الامنية واذا استمرت الامور على حالها فان التسوية ستبقى تراوح مكانها، وسيتم البحث عن بدائل اخرى. وعلى ما يبدو ان الغرض من هذه الجولات التي يقوم بها كيري هو توجه امريكي فقط لاسباغ معنى ايجابي على الدور الامريكي من جهة، وقطع الطريق على اي جهد او اهتمام دولي بحيث تنفرد واشنطن دون غيرها بالتحكم بخيوط العملية السلمية.