الخليج وتحديات المستقبل بقلم د. علي الطراح

الخليج وتحديات المستقبل  بقلم د. علي الطراح
الخليج وتحديات المستقبل بقلم د. علي الطراح

الخليج وتحديات المستقبل

بقلم د. علي الطراح

أحياناً نشعر بالتردد من قول النصح خوفاً من أن يفسر بتفاسير قد تدخل ضمن مصالح بعض المحيطين بدائرة صنع القرار، إلا أننا مقتنعون بأهمية النقد الهادف عموماً، كما أننا مقتنعون أيضاً بطبيعة العلاقة الخاصة بين مؤسسة الحكم وشعوبها في الإقليم الخليجي، فهي مؤسسة عرف عنها تاريخياً تواضعها وانفتاحها لسماع حديث مجالس العامة من الناس. وموضوعنا هو مستقبل أمن الخليج العربي ودوله، فعندما جاء مجلس التعاون جاء لظروف خاصة حددتها طبيعة المرحلة التاريخية، واليوم تختلف الظروف ويتحتم على مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يعيد حساباته وخريطة تحالفاته وفقاً لمصالح المنطقة بشعوبها وحكوماتها. ومفهوم الأمن اختلف، كما أن المنافسة لم تعد خافية بين دول المنطقة، وهذا التنافس له أبعاده وتداعياته لو استمر على ما هو عليه.

ودول الخليج العربي تمثل مركزاً من مراكز الصراع التاريخي، ولذا فهي دول يتعين عليها في وضع سياساتها أن تضع في الاعتبار مصالح أطراف عالمية، وهذا ما يدعو هذه الدول إلى فهم طبيعة هذه المصالح والتحالفات، وإلى أي مدى قد تتغير لتخدم مصالح مضادة لأمن المنطقة الخليجية. والكل يدرك أن أميركا دولة فاعلة ومؤثرة في الاستقرار الخليجي، ودول الخليج العربي دخلت تاريخياً في تحالف مع أميركا دون مراعاة لاحتمالية تغير لعبة المصالح، فأميركا كانت أحد أهم الحلفاء لإيران إبان فترة الشاه، كما كانت تربطها تحالفات استراتيجية مع المملكة العربية السعودية، إلا أن ترجيح الكفة الإيرانية كان واضحاً في تلك المرحلة لأسباب لا نريد الخوض فيها. واليوم هل قمنا بفحص طبيعة هذه المصالح وحاولنا أن نضع أرضية مشتركة يجتمع عليها الفرقاء، ونقصد إيران وأميركا ودول مجلس التعاون؟ أم أن الدور الخليجي غير مؤثر في صياغة الأرضية المشتركة، وقد يدخل في انحيازات تحت شعار لعبة المصالح؟ كما أن من المهم أن نتساءل: كيف نفهم طبيعة المصالح، بمعنى هل هي مصالح سياسية أم أنها مصالح أوسع تهم أنظمة وشعوب المنطقة؟

ولعل تأسيس مجلس التعاون لم يضع في اعتباره هذه العلاقة إلا أنه غير مبرر أن نعيد الأخطاء نفسها. والربط بين مصالح الشعوب والنظم الحاكمة هو إحدى أهم ركائز الاستقرار في المنطقة وإهماله لا يولد لنا بيئة مستقرة، والاتفاقية الأمنية تصب في هذا الاتجاه. وتركيزنا على مصالح الشعوب يأتي من باب ما تشهده بعض دول المنطقة حيث إن حدة الصراع الداخلي لأي دولة له أبعاده، ولا يمكن عزله عن الاستقرار الإقليمي لدول المنطقة الأخرى.

وإيران تريد فرض قوتها ومصالحها وهي تدخل في حوار ما زالت محاوره غامضة، والسؤال هو: هل دول الخليج العربي على اطلاع بتفاصيل الحوار الدائر بين إيران والغرب، أم أنها غير مطلعة؟ وإذا كانت غير مدركة لتفاصيل الحوار فليس ببعيد أن نفكر باحتمالية تلاقي المصالح الغربية الإيرانية التي ستكون بكل تأكيد على حساب مصالح الدول الخليجية. لماذا لم تنجح دول الخليج العربي في التوصل إلى استراتيجية متقاربة حيال لعبة المصالح؟ ولماذا لا تفتح أبواب الحوار مع دول مثل الهند والصين وروسيا لأجل الحفاظ على مصالحها في وجه كل الاحتمالات غير المتوقعة؟