الأحزاب الدينية...ومكمن الخلاف بقلم : د. علي الطراح!

الأحزاب الدينية...ومكمن الخلاف  بقلم : د. علي الطراح!
الأحزاب الدينية...ومكمن الخلاف بقلم : د. علي الطراح!

الأحزاب الدينية...ومكمن الخلاف

بقلم : د. علي الطراح!

 

استطاعت الأحزاب الدينية كسب جزء من الشارع، نتيجة استخدامها الدين والادعاء بأنها الحريصة على العقيدة والعاملة على تحقيق شرع الله في الأرض، وأنها مَن تعيد دولة الخلافة، وأن مَن يختلف معها يختلف مع الدين! ببساطة، هذا ما تدعيه الأحزاب الدينية. وقبل الدخول في صلب الموضوع، دعونا نوضح فكرة مهمة ترتبط بالدين، فالدين ركيزة تقوم عليها الأخلاق، ولا غنى عن الدين في تنشئة الفرد وتهذيب سلوكه، فالدين عبر التاريخ يحمل القيم الدافعة لعمل الخير ومحاربة الشر. هذه الفكرة الرئيسية في الدين، ونقد الأحزاب الدينية ليس نقداً للدين بل هو اختلاف في منهج العمل السياسي. واليوم هناك أحزاب دينية وصلت إلى الحكم يطلق عليها «الإسلام السياسي»، وهي أحزاب تستمد مرجعيتها من الإسلام وفق فهمها ومنظورها، لكنها لا تملك أن تخرج بمظهر المالك للحقيقة المطلقة، فطالما هي تخوض المعترك السياسي، فعليها أن تحترم حق الاختلاف. الأحزاب الدينية السياسية تريد أن تنزع ثوب الدين عمن يختلف معها وتصفه بالعلماني، وهو مصطلح يشوبة الغموض إلا أنه لا يعني بأن من يعتنق العلمانية هو خارج عن الملة. فالعلماني قد يكون متديناً وقد يكون مؤمناً بدينه وفي حالة وفاق معه، لكنه مختلف سياسياً في كيفية فهم الدين، لذلك فإن لدينا مئات الأحزاب الدينية التي يعتبر كل واحد منها نفسه ناطقاً باسم الدين والشرع. وعلى سبيل المثال في مصر اليوم يصل عدد الأحزاب السلفية إلى ما يفوق السبعين، وكلها تختلف مع بعضها البعض وإن كانت تقول إنها تأخذ بشرع الله. وإذا ما قبلت الأحزاب الدينية بالاختلاف فيما بينها، فعليها أيضاً أن تعترف بالاختلاف مع غيرها من أحزاب مدنية.

ثمة الآن تجربة جديدة للحكم في المنطقة العربية؛ فمصر تحكم من «الإخوان المسلمين»، وفي تونس والمغرب هناك أحزاب تعلن الانطلاق من مرجعية إسلامية، لكن هل تملك مشروع نهضة أم لا؟

إن هناك أزمات في هذه الدول، أزمات تعكس قصوراً في فهم إدارة الدول. ولعل التجربة المصرية جلية في المشهد العربي، وهي تواجه أزمة مستحكمة ليس لكون المعارضة مدنية وإنما لوجود قصور في فهم إدارة الدولة.

كانت تلك الأحزاب تطلق شعار «الإسلام هو الحل»، وهو شعار يعرّض الإسلام للقيل والقال، لكوننا مازلنا نعاني من نقص الفكر البشري في فهم الإسلام، كما أننا نميل إلى أجوبة قاطعة حيال قضايا شائكة لا تحتمل الجدل الديني. فالتجديد في الفكر من المسلمات والتجديد هنا هو ما قصده شيخ الأزهر عندما طالب بعقلنة الخطاب الديني.

وإذا ما تمعنا في فكرة إدارة الدولة، فهي تتلخص في كيفية النهوض بدولة تعاني المرض، وللنهضة أسسها الواضحة من التجارب التاريخية التي حققتها أمم استطاعت أن تتقدم. فماليزيا حققت التقدم عبر مشروعها العقلاني المرتبط بالتراث، وكثير من الدول الأخرى استخدمت الدين كقوة باعثة للأمل ودافعة نحو الإنجاز والعمل، بخلاف ما يحدث في المنطقة العربية حيث ينصب الاهتمام على قضايا جانبية لا تمثل الطريق نحو النهوض والتقدم.