عقيدة... الـ«كي. جي. 1»"! بقلم : د. عبدالله العوضي

عقيدة... الـ«كي. جي. 1»"!  بقلم : د. عبدالله العوضي
عقيدة... الـ«كي. جي. 1»"! بقلم : د. عبدالله العوضي

عقيدة... الـ«كي. جي. 1»"!

بقلم : د. عبدالله العوضي

في مدارسنا أحياناً تحدث أمور من قبل بعض المعلمين ليس لها علاقة لا بالتربية والتعليم، خاصة في مقررات التربية الإسلامية الخاصة بالمراحل الدنيا، وبالذات مرحلة رياض الأطفال التي يعد اللعب عصب التعليم، وليس الحفظ والتلقين.

ما الحكمة من محاسبة طفل في سن ما بين الثالثة والخامسة على صحة عقيدته من فسادها، فأي عقيدة مكلف بها وهو المرفوع عنه القلم حتى البلوغ؟!

إذا كانت بعض استمارات التقييم لهذا "الورد"، الطفل الذي في طور الانفتاح على العلم والمعلم يشير إلى أنه ممتاز في حفظ القرآن والأحاديث، وفي تطبيق أذكار الصباح والمساء من الطعام إلى المنام، إلا أنه في نهاية التقييم عقيدته وروحانيته ضعيفة، لأنها ليست بمستوى ورع أهل الكبار من الرعيل الأول!

ما هو المطلوب من طفل في مرحلة الـ"كي .جي1" أكثر من ممارسة التعليم أثناء اللعب، ولا نعتقد جازمين بأن مواد الدين في هذه المرحلة تهدف إلى صناعة أئمة في الفقه والعقيدة، حتى يشد على الطفل ويطعن في عقيدة لا يملك منها إلا الفطرة السليمة، وهي أس المعتقدات، فماذا لو علمنا أن بعض الجبال الشامخات من فطاحل المعتقدات خروا من عل، وظهرت كبوة أحصنتهم وحصاناتهم الذاتية في رحلة الحياة، وفضلوا الموت على عقائد عجائز أهل نيسابور.

يبدو أن هناك شططاً كبيراً لدى بعض المدرسين في الميدان التربوي في طريقة إيصال المفاهيم الإسلامية، وتوضيحها لدى الجيل الأصغر من التلاميذ في مراحل التكوين الأساسية، ما يغرس في قلوب هؤلاء في هذه المرحلة العمرية ما يصعب تجاوزها في المراحل المقبلة، لأن ذلك يعد كالأساس للبنيان ككل. ونقطة الخطورة في مثل هذه الحالة تعود إلى عدم تقبل هذا الطفل "الزغب"، أي تصحيح من قبل أفراد أسرته والدفاع المستميت عما غرسه المعلم أو المعلمة في مثل تلك القضايا، التي قد تصبح شائكة ومعقدة إذا لم يتم تداركها من قبل النظام التعليمي والتربوي بالدولة.

فمخرجات التعليم إذا لم يتم تهذيبها وتشذيبها من المنبع، فإنها قد تتحول إلى سلعة غير مرغوبة في المجتمع، ونبتة غريبة الأطوار والأفكار، خاصة في جزئيات الدين التي ترسخ في عقول هؤلاء، على أنها مسلمات غير قابلة للجدال، وإنْ كانت الحقيقة غير ذلك تماماً. هناك ممارسات تربوية لبعض العاملين في مجال التربية والتعليم وقناعات شخصية وأفكار خاصة تلقي بظلالها على عقول ونفوس وقلوب أبنائها في مقتبل عمرهم التعليمي.

وهي تمثل خطورة، لأنها خارجة عن حدود المنهج المقرر وداخلة في أجندات لا تخدم النشء في القريب، ولا تنفع مصلحة المجتمع في المستقبل. إن تربية الطفل على خط فكري معين منذ اللحظة الأولى قد تسبب إشكالات سلوكية خارجة عن المعتاد والمتعارف عليه بين الأسرة ذاتها، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمقدس من نصوص التنزيل أو طرائق التأويل والتفسير، من خلال الأحاديث النبوية وشروحاتها، التي تتطرق إليه الاحتمالات والأوجه المتعددة للرأي، وبما أن الطفل لا يدرك في بداية تعلمه هذه الحقائق والتفاصيل فعلى المربي واجب الحيطة فيما يلقنه لهذا المبتدئ في سلم التعليم.

وواجب القائمين على شؤون التربية والتعليم في مجتمعنا الالتفات إلى هذه الجزئية من العملية التربوية في الميدان فقد لا يكون المنهج المقرر هو الحاكم على العملية التعليمية بقدر ما يحمله الفكر المخالف لأهداف المواد الدراسية في جانبها الديني، وبالذات ما يتعلق بتحويل الفكر إلى سلوك متحرك بين الناس وهو ما نحتاج إلى استدراكه.