56 عاما في عالم الحلاقة

المشرق نيوز تعيش تفاصيل يوميات أقدم حلاق في قطاع غزة

الحلاق 1.png
الحلاق 1.png

  56 عاما في عالم الحلاقة

 المشرق نيوز تعيش تفاصيل يوميات أقدم حلاق في قطاع غزة
 

دير البلح / خاص المشرق نيوز / احمد السماك

يستيقظ الحَلّاق زكي أبو دغيم (73 عام) كل يوم قبل أذان الفجر، ويتوضأ بالماء البارد ؛ ليصلي أربع ركعات قيام الليل مع زوجته التي تساعده في لبس بدلته وربطة عنقه، ثم يذهب في المسجد القريب من منزله في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ؛ ليصلي صلاة الفجر، وبعدها يفتح صالونه الخاص ؛ ليحلق لزبائنه .

أين ما وليت وجهك في مدينة دير البلح فثمة رجل قص شعره مذ كان صغيراً  عند أبو دغيم .

بدأت حياته المهنية عندما تعلم الحلاقة عام 1972 عند أحد أصدقاءه في مدينته، وبعد عام افتتح صالونه الخاص فيها .

الحلاق.jpg
 

يقول أبو دغيم لـ " المشرق نيوز" :"تعلمت الحلاقة لأنها مهنة نظيفة وخفيفة وكوني نحيل الجسد، وأول ما فتحت الصالون كانت مكينة قص الشعر من الحديد، وموس الحلاقة أبو جنزير".

عمل في بداية حياته المهنية في إسرائيل، ثم في قليلية، وبعدها إلى السعودية؛ ليمارس مهنته هناك الحلاقة مدة خمس سنوات .

وثمة علاقة صداقة بين أبو دغيم وزبائنه، يقول :"أحفظ أسرار زبائني ولا أذيعها ، وكل الجيران بحبوني، وعندما أذهب إلى المسجد يفسح لي المصلون مكاناً في السطر الأول ".

وعن حبه لمهنته يقول :"لو أعطوني كل الرواتب ما بترك الحلاقة، كما أحلم بأني أحلق للزبائن في المنام، وأنادي عليهم،  يا أبو علي بدي أحلقلك ذقنك  ويا أبو محمد(...)، فتيقظني أم أيمن وتسألني "مالك يا أبو أيمن " ؟ فأجيبها أني أحب الحلاقة وأنها أصبحت غريزة بالنسبة لدي ".

وأشار إلى أنه يتقن قصَ الحلقات الحديثة كافة، وقال :" أحلق كل الحلقات حتى حلقة حسن الشافعي والقصة التركية والصينية وسالف ضعيف ".

ولفت أبو دغيم بأنه أجرته الطبيعية هي 7 شواكل، وأحياناً لا يبالي بما يدفعه الزبائن، وأوضح :" حلقت لأحد الزبائن فأعطاني حبشة، وفي ناس أحلق لهم أكثر من مرة وما بدفعوا عشان الوضع المادي ".

ورّث أبو دغيم مهنته لأبنائه الثلاثة، اثنان منهم في افتتحا صالوناً في بلجيكا، والثالث يعمل في صالون والده .

وفي هذا السياق ، قال  حمادة أبو دغيم (33 عام) :" أذكر أبي وأنا طفل صغير، كان الزبائن يعطوه بيض وخيار ثمن الحلاقة " .

وأضاف :"تعلمت الحلاقة عام 1997 من والدي، كنت آنذاك في الصف الخامس الابتدائي لأنها مهنة خفيفة وغير متعبة ".

الحلاق 2.jpg
 

ويرفض حمادة أبو دغيم تغيير مهنته، وقال :" لا أفكر في تغييرها، حتى لو أجاني شغل تاني، كما أني رفضت الدخول في السلطة لأبقى فيها ".

وبالرغم من أن أبو دغيم بلغ من الكبر عِتيّا، إلا أن زبائنه ما زالوا يترددون عليه .

يقول المختار إبراهيم سلمان لـ "المشرق نيوز"  :" بالرغم من إنو ولادي وأقربائي حلّاقين إلا إني بحلق عند أبو أيمن من 40 سنة، لأنه خفيف دم، وأنوي أن أبقى عنده إلى الأبد ".

أما كمال كلوب  (53 عام) ، فيقول :" أعرف أبو أيمن وأنا في الصف الأول الابتدائي، وكنت أراه وهو يحلق إلى الناس ، وإيش ما تمد عليه بياخد، كما أنه حسن السمعة، ويتحدث مع الزبائن، وبيننا محبة قلبية ".

وأضاف :"أرسل أولادي عنده، كما أنهم يحبوه ".

من جهته ، يقول عمر كلوب (13 عام) لـ "المشرق نيوز" :" إلي بحلق عندو ست سنوات، وكل قصة نفسي فيها بعملي إياها، كمان بياخد زي غيرو وأقل، ولما أدفع بقلي خلي علينا ".

وأضاف :" في حلاقين غيرو بس بدلش أبو أيمن ".

ويختم أبو دغيم حديثه إلى "المشرق نيوز" فيقول ":" في إحدى المرات، ذهبت لأحلق لأحد الخياطين في محله، وكان عنده امرأة مُسنّة، فسألتني إنت عمو زكي ؟ قلتها أه،  قلتلي إنت حلقلتي وأنا طفلة وهلقيت أحفادي عندهم أولاد " .

الجدير ذكره أن أبو دغيم حاول أن يسافر إلى بلجيكا عند أولاده، لكنه لم يستطع ؛ بسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 12 عام، والإغلاق المتكرر لمعبر رفح .

انتهى