ثقافة سحب الثقة ... يوسف أبو لوز

ثقافة سحب الثقة  ... يوسف أبو لوز
ثقافة سحب الثقة ... يوسف أبو لوز

ثقافة سحب الثقة

... يوسف أبو لوز

إذا كان من إيجابيات للربيع السياسي العربي، فمن أبرز ايجابياته أنه كسر حاجز الخوف على مستوى الشارع ومستوى النخب المثقفة التي كانت في أزمنة وأمكنة عربية كثيرة تخسر المئات، من الكتّاب والشعراء والروائيين والفنانين جراء موقف سياسي أو أخلاقي يؤدي بصاحبه إلى السجن والملاحقة وحتى التصفية المعنوية والجسدية .

 

لكننا، هنا، لا ننسى أن النخب الثقافية العربية، كانت دائماً جريئة وتدفع الثمن غالباً، بدءاً من الاعتقال والسجن وحتى الإبعاد الاختياري، وأحياناً القسري .

 

كثير من الشعراء والفنانين والمفكرين ذاقوا ويلات السجون، وبعضهم حورب في عمله وفي مشروعه الثقافي، وبعضهم تمت تصفيته المعنوية بالتهميش واللامبالاة، والبعض غادر بلاده وعاش في ما يمكن تسميته المنافي الاختيارية، ولكن في جميع هذه الأحوال كانت هناك مواقف سياسية لا تختبئ في الظل ولا تتلون بألوان الحرباء . مواقف شجاعة وتدفع الثمن حتى لو كان الثمن يصل إلى الموت .

 

هذه طبيعة المثقف، وهذا هو تكوينه السياسي والفكري .

 

بالطبع، كان المثقف قبل الربيع العربي حذراً ويعرف تبعات ما سوف يلاقيه على يد السياسي، وكانت الحرب بين السياسي والثقافي حرباً باردة، وإذا كانت حرباً ساخنة، فإن السياسي هو دائماً بطل هذا التسخين .

 

نعم، اليوم، اختلفت المعادلات . الشارع تغير، والشعوب تغيرت، وفي إطار هذا التغيير يجد المثقف العربي نفسه متداخلاً ومتشابكاً مع النموذج المقابل له وهو نموذج السياسي الذي لن يتفاجأ بعد اليوم عندما يرى نخبة من المثقفين تدعو بكل وضوح لسحب الثقة منه .

 

ولكن ألا يحق للسياسي أيضاً أن يسحب الثقة من المثقف؟