بعيداً عن السيناريو الكابوسي ... كامل يوسف

بعيداً عن السيناريو الكابوسي  ... كامل يوسف
بعيداً عن السيناريو الكابوسي ... كامل يوسف

بعيداً عن السيناريو الكابوسي

... كامل يوسف

لا شك أن الكثيرين ممن يعنيهم أمر مصر يؤرقهم التفكير في السبل والوسائل والآليات والطرق، التي يمكنها من خلالها أن تتجنب المرور في السيناريو الكابوسي، الذي يفرض حضوره بقوة على المرحلة المقبلة من المسيرة المصرية.

أبرز ملامح هذا السيناريو الكابوسي، هو ما يبدو واضحاً للجميع من استمرار التداعي الذي يعاني منه الاقتصاد المصري، من دون أن يبدو في الأفق احتمال، ولو في الحدود الدنيا، للانطلاق نحو عودة دولاب الإنتاج إلى الدوران، في بلد يحتاج إلى كل ساعة عمل يمكنه تحقيقها، حيث إن 40% من سكانه يعيشون بالفعل تحت خط الفقر.

من هنا يبرز عمق الورطة المتعلقة بالعصيان المدني، الذي يتمسك به بعض المحافظات، وتصر على تنفيذه، بينما ترى فيه محافظات أخرى إضراراً بالغ العمق وغير مبرر بالحياة الاقتصادية والعامة في مصر.

إن الجميع ينبغي أن يدرك أن العصيان المدني يشكل مرحلة متقدمة وبالغة التعقيد في الصراع السياسي، وهي بحاجة إلى مقومات عديدة، في مقدمتها القيادة التي ينعقد الإجماع الجماهيري على السير وراءها، والتنظيم القادر والفعال والمؤثر الذي يمكنه الصمود في وجه أعتى الضربات، والرؤية الأيديولوجية الواضحة التي ينعقد عليها إجماع الشارع السياسي.

هذه العناصر جميعها غائبة عن الحياة السياسية في مصر، الأمر الذي يشير إلى العواقب الخطيرة للمضي قدماً بالعصيان المدني في ظل غيابها.

ومن ملامح السيناريو الكابوسي أيضاً، عدم وجود رؤية واضحة ولا موقف محدد تتبناه المعارضة، في ما يتعلق بالمشاركة أو عدمها في انتخابات مجلس النواب، التي تحدد موعد إجراء المرحلة الأولى منها بالفعل.

لنتأمل، على سبيل المثال، موقف جبهة الإنقاذ من المشاركة في الانتخابات، وعلى الفور سندرك أنه ليس هناك موقف واضح لمكونات الجبهة حيال هذه المشاركة.

إننا نعرف أن حزب التجمع، وهو من أبرز القوى المشاركة في الجبهة، قد أعلن بوضوح بالغ على لسان قيادته، أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة، طالما أن مؤسسة الرئاسة لم تستجب للمطالب الضرورية التي طرحتها المعارضة.

وفي الوقت نفسه سنجد أن حزب الوفد، وهو أيضاً من مكونات الجبهة، يشير إلى عزمه المشاركة في الانتخابات، انطلاقاً من أن عدم المشاركة يعني غياب المعارضة عن البرلمان على امتداد سنوات، وهو ما يمكن أن يساهم في تسهيل إحداث تغيرات بالغة الخطورة على الحياة السياسية في مصر.

وفي غضون ذلك، تتعدد ملامح السيناريو الكابوسي، لتشمل استمرار تداعي الوضع الأمني، وتصاعد المطالب الفئوية، وتراكم عناصر الانفجار الاجتماعي في العديد من أرجاء مصر، وفي مقدمتها المناطق العشوائية وأحزمة الفرق حول المدن.

هذا السيناريو الكابوسي ليس شيئاً بعيداً ولا مستبعداً، وإنما هو أمر يمكن أن نراه واقعاً يفرض حضوره على الشارع السياسي في الغد القريب.

لهذا، بالضبط، ينبغي أن تتجه كل القوى الفاعلة في مصر، للحيلولة دون تحوله إلى أمر واقع.