المصالحة الفلسطينية .. مشروع مؤجل بإرادة دولية ... بقلم/ د. جميل مجدي

المصالحة الفلسطينية .. مشروع مؤجل بإرادة دولية ... بقلم/ د. جميل مجدي
المصالحة الفلسطينية .. مشروع مؤجل بإرادة دولية ... بقلم/ د. جميل مجدي

المصالحة الفلسطينية .. مشروع مؤجل بإرادة دولية

                                              بقلم/ د. جميل مجدي

تعثرت المصالحة الفلسطينية من جديد، بعد أن اختصر المتحاورون المشهد الوطني برمته في مسألة تتعلق بكرامة بعض الشخصيات النافذة هنا وهناك، وبعد أن طال الأجل على المواطن الفلسطيني الذي شبع من شعارات الوحدة الوطنية واقتراب موعد الخلاص الوطني الذي طال انتظاره.

يأتي تعثر المصالحة هذه المرة مع اهتمام لا تخفيه حركة حماس بمسألة التصالح المبني على نظرية "الرزمة"، لأن عينها على الإطار الجامع الذي يضم الكل الوطني الفلسطيني والمقصود هنا منظمة التحرير الفلسطينية، حتى يكتمل مشهد "الهلال الإخواني" في المنطقة العربية، على اعتبار أن الإخوان المسلمين يعتبرون الرئيس محمود عباس (شخصية تغرد خارج السرب) وينبغي "التخلص" منه بطريقة ديمقراطية، وبالاستحواذ على منظمة التحرير الفلسطينية تكون حركة حماس قد أمسكت بتلابيب المشروع الوطني الفلسطيني، وهي في حل من أية اتفاقات سابقة وقعتها المنظمة، وهي تعتقد أن سلوكها يأتي بالتساوق مع الأمريكان الذين أيّدوا في السابق مشروع الربيع العربي الذي يضمن انتقالاً سلمياً للسلطات لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة وبما يتماشى مع المصالح الأمريكية فيها.

استطاع الأمير بندر بن سلطان مؤخراً وبمساعدة ومساندة من بعض دول الخليج العربي (الإمارات العربية المتحدة تحديداً) أن يُقنعوا الولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن مشروعها تجاه قوى الإسلام السياسي (وقد أشرنا في مقال سابق لهذا الأمر)، وازدادت وجاهة الرؤية السعودية مع التعثر الذي أصاب تجربة الإخوان في كل من تونس ومصر وليبيا، ناهيك عن رفض العربية السعودية لفكرة "أخونة" العالم العربي، لاعتبارات تتعلق بطبيعة نظام الحكم في البلدان الخليجية وبالنظرة إلى مستوى الطموح الإخواني تجاهها، وهو مشروع يهدد بالحتم مسار هذه البلدان وأسرها الحاكمة.

ومن أجل تحقيق ذلك، هناك جهد عربي ودولي اليوم من أجل بقاء الرئيس محمود عباس وتثبيت مكانته، وتعزيز سلطاته، تحقيقاً لمطلب عدم إجراء انتخابات منظمة التحرير الفلسطينية أي (عدم إتمام المصالحة)، لتغدو اللقاءات التي يتم عقدها في هذه الآونة مجرد لقاءات علاقات عامة، مع مبالغة في استخدام دبلوماسية الابتسامة وحديث التفاؤل الذي يصر عليه بعض السياسيين الفلسطينيين فيما يتعلق بأفق المشهد الوطني الفلسطيني.

إصرار حركة حماس على انجاز المصالحة سريعاً، والذهاب إلى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وباقي الاستحقاقات الانتخابية يأتي كذلك في محاولة للتخلص من عبء التكلفة الاقتصادية لإدارة قطاع غزة، وهي تكلفة أرهقت موازنة الحركة، وزادت أعباءها بفعل آلاف الوظائف المدينة والأمنية التي تضطر إلى تشغيلها لمواجهة مشاكل القطاع المتراكمة، وبطبيعة الحال أن مصالحة وطنية شاملة ستضمن بقاء هذه الوظائف لتتحمل السلطة الفلسطينية ومن يقف إلى جوارها ويساندها فاتورة هذه الإدارة.

وإلى أن يستقيم الحال في المنطقة وعلى جبهاتها المختلفة، تظل المصالحة الوطنية الفلسطينية رهينة إرادات وصراعات قوى إقليمية ودولية دون أن يكون للفلسطينيين رأياً فيها، فهل سينتظر الفلسطينيون طويلاً حتى يقرر غير الفلسطيني متى يحق لنا أن نتصافح؟؟!!