الذي لا يرى الشمس بقلم : شيخة الجابري

الذي لا يرى الشمس   بقلم : شيخة الجابري
الذي لا يرى الشمس بقلم : شيخة الجابري

الذي لا يرى الشمس 

بقلم : شيخة الجابري

هو ذاك الذي يضع كل المستحيلات أمامه، ويؤمن بأن كل شيء في الدنيا يسير ضده، وأن كل ما هو محيط به يدعو للكآبة والقلق، وأن الحياة بكل تحدياتها قد اقتصت منه، ووضعته نصب عنادها، وأنه مهما حاول أن يخترق كل العوائق فلاسبيل إلى ذلك، لأن المنافذ المؤدية إليها مسدودة .

 

الذي لايرى الشمس هو الإنسان المحبط، السلبي، الساعي إلى الموت ببطء، لعدم رغبته في التغيير، فهو مستسلم للفشل، رافض للنجاح، لايقبل التحديات، يود لو أنّ كل متطلباته جاءت إليه عبر الريبوت الآلي، هو نموذج غير مقبول في زمن لايقبل إلاّ الإيجابيون والأذكياء، الساعون نحو الشمس لا الفارون منها، فالظلام خانق، والذي يصر على أن يعيش وسطه تفكيره غامق، ومربك، فاقد للبهاء والبهجة من حوله، لا يشعر إلاّ به، ولا يعيش إلاّ لسلبيته .

 

الذي لا يرى الشمس، نظارته سوداء قاتمة، لايمكن للضوء أن يعبر من خلالها، ولا يستكين على زجاجها أي منظر جميل للبحر، للشجر، للأغصان، للفراشات، وحدها تذهب بصاحبها نحو  اليباس، ومن ذا الذي يستطيع العيش وسط أمواج من الإحباط والخنوع  للتراجع خطوات، يتراجع صاحب اليأس ولا يشعر إلاّ به . الأضواء جميلة، تبعث السرور في النفس البشرية، وتحمل الإنسان نحو الأعمق من الوعي بالحياة من حوله، لتضعه أمام سؤال كبير بحجم السماء، فحواه: ما جدوى أن نعيش بلا أمل؟ وما نفع المرء إن كانت يده مغلولة، وعقله في شلل تام؟ وما فائدة العيش وسط هالة من الرفض للابتسامة رغم أنها فعلٌ إنساني نبيل؟ .

 

كنتُ أتأمل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، وهو الفارس، الشاعر، الإنسان، وهو يتحدث عن الفرق بين الطاقة السلبية، والطاقة الإيجابية في رده على سؤالٍ وُجّه إليه في جلسته الافتتاحية للقمة الحكومية التي حضرناها الأسبوع الفائت، وكنتُ أتساءل بيني وبين نفسي، ماذا لو آمن الشباب برؤية محمد بن راشد؟ ماذا لو اتّبعوا أسلوبه في الحياة والإبداع والتفرد والابتكار؟ ماذا لو كانوا مثله، حفظه الله، إيجابيين ومحبين للحياة، وللمراكز المتقدمة من الإنجاز؟ ألا يمكن أن يتحول السلبي إلى إيجابي؟ بالطبع يمكن وبقدر كبير من القناعة إن أرادوا ذلك .

 

حديث سموه يوم افتتاح القمة الحكومية هو الذي أثار في النفس الشجن، وحرضني على الدخول في هذا المفصل الإنساني من حياة بعضنا . نعم نحن نحتاج كثيراً إلى أن نكون إيجابيين في حياتنا، ومن لم يستطع ذلك فعليه أن يتمرّن على التحلّي بهذه الصفة الإنسانية النبيلة، والمحفّزة على العمل، والفرح، والحب، والتفاؤل، والشعور بالآخر، والتعاون معه، واحتوائه، والنظر إلى المستقبل بعين السائر نحو النور، ذاك الذي يرى الشمس بعدسة محمد بن راشد آل مكتوم، الشاعر الكبير، والفارس الذي لايؤمن إلا بالمركز الأول .