ظاهرة خطيرة! بقلم : محمد سلماوي

ظاهرة خطيرة! بقلم : محمد سلماوي
ظاهرة خطيرة! بقلم : محمد سلماوي

ظاهرة خطيرة! بقلم : محمد سلماوي

من أهم الكتب التى صدرت منذ أيام فقط كتاب للكاتب الصحفى الكبير عبدالعظيم حماد، يتضمن شهادته عن فترة رئاسته لـ«الأهرام»، والتى لم تدم إلا بضعة شهور من نهاية سبتمبر 2011 حتى يوم 19 فبراير 2012، تاريخ قبول استقالته، لكنها أتاحت له فرصة للتعامل مع جميع أبطال المشهد السياسى فى تلك الفترة، فجاءت شهادته لا يمكن الاستغناء عنها فى فهم الأوضاع السياسية التى تلت الثورة والتى مازلنا نعيشها حتى الآن. اسم الكتاب «الثورة التائهة»، أما عنوانه الفرعى - وهو الأهم فى رأيى - فهو «صراع الخوذة واللحية والميدان» وقد صدر عن مركز المحروسة، لكن قبل الدخول إلى محتوى هذا الكتاب الكاشف لكثير من خبايا الفترة الانتقالية التى لم نبرحها بعد، فقد لفتت نظرى ملاحظة عابرة أبداها المؤلف فى مقدمة الكتاب حول اثنين من الناشرين «لا يستحقان فى رأيى هذه الصفة» رفضا نشر الكتاب، لأن به ما قد يغضب الإخوان وبعض حلفائهم الجدد من الجنرالات، ويقول عبدالعظيم حماد إن أحدهما تهرّب حتى من الرد على اتصالاته التليفونية رغم إلحاحه فى البداية على الحصول على النص، والآخر أشار لواقعة إقصاء الزميل جمال عبدالرحيم عن رئاسة تحرير «الجمهورية»، لأنه أغضب الإخوان والجنرالات معاً. إن تلك الواقعة فى رأيى لا تقل خطورة عن المعلومات الواردة فى متن الكتاب، فهى تشير بشكل واضح إلى طبيعة عملية الأخونة التى يشهدها المجتمع المصرى الآن على جميع المستويات، والتى لا تتم فقط عن طريق الإخوان أنفسهم، وإنما أيضاً عن طريق من يخشونهم أو من يحاولون اتقاء عقابهم، أو من يسعون للحصول على مكاسب شخصية أو مهنية عن طريق إرضائهم. لقد شاهدنا بعض رجال الأعمال الذين ارتبطوا بالنظام القديم يهرولون إلى النظام القديم بمجرد تلقيهم دعوة لمصاحبة محمد مرسى فى رحلاته الخارجية، طمعاً فيما يمكن أن يحصلوا عليه من مكاسب، ثم وجدناهم يهرعون لقبول دعوة أحد رجال الأعمال المنتمين للإخوان للتعاون مع النظام الجديد، فى وقت تسعى فيه القوى الوطنية جاهدة للحصول على الموارد التى تمكنها من تنظيم صفوفها وخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. لكن أن تنتقل هذه الروح الانهزامية التى لا تتورع عن التعاون مع أى نظام فى الحكم إلى مجال النشر الذى هو قناة الفكر والثقافة فى المجتمع، فهنا تصبح المسألة جد خطيرة، صحيح أن الناشرين هم أيضاً رجال أعمال يسعون للربح، لكنهم يتعاملون مع سلعة ذات طبيعة خاصة، لأنها تتعلق بهوية هذا الشعب وبصياغة وجدانه الجمعى وببلورة فكره الإنسانى، وهو ما لا يجوز التعامل معه كأى سلعة أخرى. إن هذا الموضوع يحتاج وقفة، إن لم يكن من اتحاد الناشرين فمن الكتاب والمثقفين الذين إن قاطعوا دار نشر سقطت معنوياً قبل أن تسقط مالياً، ولن يملك لها الإخوان عندئذ ضرراً 
عن الوطن الاماراتية