الحداثة و تأثيرها في العالم الإسلامي...بقلم : إيمان سعيد عبدالله الحمودي

الحداثة و تأثيرها في العالم الإسلامي...بقلم : إيمان سعيد عبدالله الحمودي
الحداثة و تأثيرها في العالم الإسلامي...بقلم : إيمان سعيد عبدالله الحمودي

الحداثة و تأثيرها في العالم الإسلامي...بقلم : إيمان سعيد عبدالله الحمودي

الحداثة سلاح ذو حدين لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الهام للحداثة في العالم لقد ركزالمسلمين في الفترة العثمانية على تعزيز قوتهم العسكرية وتقنيات الحرب ، مما أتاح لهم الفرصة في تحقيق الكثير من الانتصارات. ولكن بالرغم من ذلك قاموا بتجاهل بعض الجوانب المهمة في الحياة مثل السعي للمعرفة والعلوم والرعاية الصحية ،مما أدى إلى إهمالهم لجوانب ثانية تجاوزتها الكثير من الدول اليوم وباتت تواكب التقدم الحضاري،في حين لانزال دول ثانية تعاني من آثارها. و لكن هناك أحداث حدثت في فرنسا أثرت بشكل كبير على تطور المسلمين الحضاري و الثقافي، و من أهم هذه الأحداث ، هي الثورة الفرنسية. لقد كانت الثورة الفرنسية الشرارة التي دعت إلى الحرية وبعد ذلك أصبح واحدا من أسباب انتشار الحداثة في أنحاء العالم، وعلى وجه التحديد في العالم الاسلامي. البعض يرى أن الحداثة أحدثت تأثير إيجابي في العالم الاسلامي و البعض اللآخر يرى أن التأثير السلبي للحداثة أكبر من تأثيرها الايجابي، سوف يتم عرض الرأيين مع توضيح رأي الكاتب. الحداثة تعني القوات التي كانت مسؤولة عن الانتقال من الإقطاع نحو العقلانية والرأسمالية والدولة القومية، كما أنه كان مسؤولا عن الفكرية، والاقتصادية الاجتماعية . وظهرت بشكل كبير في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما سادت فكرة جعل المعرفة الوسيلة لمساعدة الناس في المجتمع وإعدادهم لمستقبلهم. الحداثة توفر كل ما يحتاج اليه البشر، من تعليم، والنمو والحرية والسلطة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يوحد البشرية ، ويجعل للبشر جزء و مشاركة في الكون ، كما قال كارل ماركس،' كل ما هو صلب يذوب في الهواء' . هناك ستة مفاهيم رئيسية شكلت الحداثة، أولا، العلمانية التي ثارت ضد الكنيسة، ودعت إلى تحرير العقول من أفكار الكنيسة وشعارهم الذي استخدموه للتعبير عن أفكارهم كان "رجل يصنع التاريخ له" . وقال بعض الناس أن العلمانية لها تعاريف ثانية ،ورفضتها كل الأديان و المذاهب، ومع ذلك، وصلت العلمانية إلى العالم الاسلامي و أدت إلى الحداثة. لذا، يمكننا أن نستنتج من هنا أن العلمانية لا تعارض الدين ولا وجود الله، إلا أنها ترفض السيطرة على العقل والتفكير . الثاني، العقلانية و تعني استخدام العقل والمنطق لاتخاذ قرار بشأن المسائل و المشكلات التي يواجهها الفرد والحصول على المعرفة التي يحتاجها من تجربة حياته. آلان تورين يرى أن العقلانية هي الطريق الوحيد لتنظيم كل من الفرد والمجتمع. ثالثا، تكييف العلم، وذلك لترك الخرافات والتخلف واستخدام العقل لتنظيم الحياة. رابعا، حرية الفرد، الذي يعفيه من أي قيود من أجل تحقيق أهدافه ورغباته. هذا المفهوم قريب جدا من تعريف الليبرالية، والتي تركز على أهمية الفرد وحريته في جميع جوانب الحياة. علاوة على ذلك، بعد الثورة الفرنسية كان التركيز الرئيسي على الأفراد أنفسهم وتوفير حرية غير محدودة لهم بغض النظر عن الطريقة التي يستخدمونها لتحقيق أهدافهم. خامسا، الديمقراطية الليبرالية، يمكن العثور على هذا المفهوم في السياسة الحديثة، حيث يتم توفير الحرية للصحافة وحرية الانضمام إلى أي حزب سياسي. وأخيرا، احترام وحماية حقوق الإنسان والتي تشمل حقوق كل الأفراد والجماعات عن طريق سن القوانين التشريعية. انتشرت الحداثة في جميع أنحاء العالم وبلغت البلدان المسلمة من خلال المستعمرات التي تم انشاءها من قبل الاحتلال الأوروبي، بالاضافة إلى وجود وسائل أخرى مثل سفر الطلاب المسلمين إلى فرنسا للدراسة، بعد الثورة الفرنسية، التي عززت انتشار الحداثة. وهناك الكثير من الناس، وأنا من بينهم، نرى أن الحداثة قد جلبت الكثير من الأمور الايجابية للعالم الاسلامي، عندما كانت العادات والتقاليد سائدة ودفنت حقوق المرأة. بالاضافة الى ان العادات و التقاليد هي التي كانت تقود الناس ، حيث أنهم لا يستخدمون العقل و المنطق ليلحكم على الامور ، مع أن ما كانوا يفعلونه لا ينطبق على ما ورد في التشريع الاسلامي. عندما وصلت الحداثة للعالم الاسلامي استطاعت النساء الذهاب إلى المدارس والجامعات للحصول على التعليم والذي كان أحد حقوقهن في الاسلام أولا ثم في الحداثة. وبالإضافة إلى ذلك، تم منح المرأة الحق في العمل في أي مجال مثل الطب والهندسة، و العمل في الشركات. بعبارة أخرى، أعطت الحداثة المرأة حقا مساويا لحق الرجل ،حتى أنها أصبحت تنافسه في مختلف و كثير من المجالات. و للحداثة أيضاً تأثير على الجانب السياسي في الدول ، حيث وضعت بعض البلدان أنظمة سياسية تعتمد على بعض ما نادت به. ومع ذلك، فإن بعض المفكرين يرى أن الحداثة السياسية تتعارض مع مبادئ الإسلام وأنه من المستحيل تطبيق الحداثة السياسية في الدول الإسلامية بسبب العلاقة القوية القائمة بين البلد والدين . كما أعطت الحداثة الفرصة ليلتقي اناس من جميع أنحاء العالم لتبادل التقاليد والعلوم والتجارة. أصبح العالم قرية عالمية كبيرة، حيث يمكنك رؤية جنسيات مختلفة وثقافات مختلفة في بلد واحد. ينبغي لنا أن نعترف جميعا بأهمية الدور الذي تؤديه الحداثة في حياتنا ومجتمعاتنا، حيث أن الحياة أصبحت أفضل وأسهل بالنسبة للمرأة بشكل خاص والشعب ككل. من ناحية أخرى، يرى بعض الناس أن الحداثة قد أثرت سلبا في مجتمعنا الاسلامي. وجاءت هذه الفكرة من السلوك الغير معتاد من الناس، باسم الحداثة. مثال على ذلك هو العادات الغريبة الذي ساد في الآونة الأخيرة من أزياء غريبة وتسريحات شعر لكل من الرجال والنساء. بالإضافة إلى ذلك، لأن الحداثة أعطت الحرية لكلا الجنسين في الكثير من جوانب الحياة، استغل بعض الناس هذه النقطة في العمل ضد الطبيعة، لكن في هذه النقطة فإن أعرق وأكبر الدول العلمانية لا تزال منقسمة وكثير منها تؤكد أنها غير مستعدة لتشريع ظواهر وعادات وأمراض غير اجتماعية وبالتالي فهي لا تواكب قوانين ولا تسارع لسن أي منها بطريقة قد يعارض القواعد الدينيةة وإن كانت بعض الدول سرت وفق هذا الاتجاه وانقسمت مجتمعاتها وفق ذلك. كما أدت الحداثة إلى زيادة معدلات الطلاق لأن المرأة التي ترتاد الجامعات أو العمل، يملن إلى إهمال أطفالهن و الزوج والبيت. في بعض الأحيان، تضطر الأم إلى ترك الأطفال في يد مربية أجنبية أو خادمة، بالتالي يصبح الأطفال أقرب إليها ويتعلمون لغتها وسلوكياتها، وإذا كان الطفل صغيرا جدا، قد يصل به الأمر إلى عدم القدرة على التعرف على أمه لأنه لا يراها كثيرا. قد يمكن تجنب ذلك إذا كان هناك تفاهم متبادل بين الزوج والزوجة أو إيجاد عمل يتناسب مع وظيفتها كأم. النقطة الرئيسية هنا هي أن على الزوجين أن يتناقشا لحل القضية قبل اتخاذ خطوة كبيرة نحو الطلاق، ونحن كمسلمين نعرف أن الطلاق يجب أن يكون الحل الأخير، وذلك بسبب تأثيرها السلبي على الأسرة ككل. الحداثة سلاح ذو حدين، لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الهام للحداثة في العالم الاسلامي على وجه الخصوص وفي العالم ككل. حيث أنها جلبت الكثير من الأمور الإيجابية لمجتمعاتنا، و أتاحت لنا الفرصة كنساء في المشاركة في بناء الأمم والمشاركة في جميع مجالات العلوم. كما شجعت الحداثة الناس على السعي من أجل التنمية في مجال التكنولوجيا والإبداع. ولكن بعض الناس استخدموا مبدأ الحرية التي توفرها الحداثة لتبرير خياراتهم في الحياة وسلوكياتهم السيئة. في رأيي، الحداثة جعلت حياتنا أسهل بكثير ولا يمكن تبرير مواقف الناس بناء على ما يسمونه الحرية. الحرية متاحة للجميع ولكن يجب علينا استخدام عقولنا في اتخاذ قراراتنا واختياراتنا بناء على ما نفكر به ، لا أن أفعل ما يرضي الناس حتى أصبح في نظرهم "متطورة" أو انسانة حضارية. ما نؤمن بأنه صحيح عن قناعة في أنفسنا هو ما يجعلنا حضاريين>

جريدة الوطن الاماراتية