خبر ماذا لو ؟ .. كتب نبيل عمرو

خبر ماذا لو ؟ .. كتب نبيل عمرو
خبر ماذا لو ؟ .. كتب نبيل عمرو

أتابع بشغف برنامج العرب ايدول، ولا أنكر ان السبب الرئيسي لهذه المتابعة، وجود فلسطينيين في السباق الابداعي نحو القمة.

 

فيما مضى كان يخفق قلبنا لمجرد رؤية لاعب فلسطيني مميز في احدى الفرق العربية، وكنا نشعر بالزهو حين تنقل الاخبار أنّ فلسطينياً اخترع آلة ، أو تفوق على اقرانه في امتحانات الثانوية العامة في بلد عربي، او حاز على لقب أهم مثقف في العالم مثل ادوراد سعيد.

 

وفيما مضى.. كان العالم المتعاطف معنا يحابينا عن قصد، فيمنح أفلامنا المتوسطة المستوى، جوائز الدرجة الأولى كنوع من التعاطف السياسي والتشجيع.

 

وأشياء كثيرة كنا نحصل منها على جوائز دون ان نكون جديرين بها مهنياً، وكنت اضيق ذرعاً بهذا النوع من المحاباة، الذي يجهض الابداع مادامت الجوائز قادمة وفي متناول اليد، غير ان الامر اختلف تماما وهذا ما اسعدني، حين ندخل مباراة لكرة القدم ونتعادل او نفوز بجدارة لاعبينا، او حين يصل الى قمة الغناء الفلسطيني شاب لا خلاف على موهبته وجدارته بالتربع على القمة، وحدث هذا مع محمد عساف.

 

لم يحابيه احد ولم يصوت له الملايين من قبيل دعم القضية الفلسطينية، وما حدث مع عساف حيث كنت من أوائل من كتبوا عنه وهو في الطريق، يحدث الان مع يعقوب شاهين وامير دندن، هذين الصوتين الذين بهرا كل من سمع، واخرجا لجنة التحكيم عن حيادها البديهي اذ كانت تصفق لهما وقوفا، ولا تكتم انحيازها لهما كنجوم متكرسة وفنانين جديرين باللقب او واحد منهما كما هو قانون المسابقة.

 

لقد فتح الفنانون الموهوبون باباً سحرياً تدخل منه الظاهرة الفلسطينية الى القلوب، وهل من سحر اجمل وارقى من سحر الاغنية حين تصدر عن حنجرة اضنى صاحبها الاحتلال، وارهقه الوقوف على الحواجز والتفتيش الجسدي اليومي، والاعتقال والاذلال.

 

يعقوب شاهين وامير دندن نجمان شهد لموهبتهما المميزة النقاد والذواقة قبل المتعاطفين مع الحالة، وكم نحن بحاجة لمثل هذا في كل المجالات ... في السياسة والإدارة والتعليم والثقافة والصناعة الزراعة، كم نحن بحاجة لابداع اصيل يقول للعدو قبل الصديق، هذا هو الشعب الفلسطيني الذي تمرد على اللجوء والنزوح والاحتلال، وقبل ان يبني خيمة من الشادر في مخيم بنى مدرسة، وبدل ان يبكي مأساته ويخنع ويتحطم، لاذ بالابداع كي يثبت وجوده وجدارته بوطن وحرية.

 

لا نريد تعاطفاً لأننا أصحاب قضية عادلة فقط، بل لأننا فوق ذلك شعب حي مليء بالمواهب، وخليق بأن يساهم في بناء الحضارة الانسانية حتى على المستوى الكوني.

 

أتذكر قولاً للشاعر العالمي الفلسطيني محمود درويش ..." امنيتي ان يتعامل الناس معنا على حقيقتنا، وان لا يتحيزوا لنا مهما كنا برسم الظلم الواقع علنا".

 

لقد صوّت لامير دندن ويعقوب شاهين، والشاب اللبناني الموهوب الذي خرج من المسابقة، وللعراقي الوسيم الذي خذله التصويت واخرجه كذلك، ان المعيار الذي صوّت به لدندن وشاهين هو ذاته الذي صوت به للبناني والعراقي، فما أروع ان يجتمع التعاطف مع الجدارة، وما اجمل ان ندخل السباقات بأحصنة اصيلة.

 

أعود الى عنوان هذه المقالة ... ماذا لو؟... واكملها لولا يوجد احتلال يجثم على صدر شعبنا، ويحد من نمونا وتقدمنا، ماذا لو كل فلسطيني تمتع بفضاء حرية لا متناهٍ، يجعل من تنقله في كل ارجاء بلده وعالمه العربي والعالم امرا متاحا ... ماذا لو تمتع الفلسطيني بما يتمتع به غيره من أبناء البشرية قاطبة، فلعل هنالك من لا يصدق بأنه يوجد في القرن الواحد والعشرين احتلال واحد فقط يجثم على صدر الفلسطينيين.