أسامة جبر كحيل

افتراءات اليونيسيف والدفاع عن الكرامة الوطنية

افتراءات اليونيسيف والدفاع عن الكرامة الوطنية
افتراءات اليونيسيف والدفاع عن الكرامة الوطنية

افتراءات اليونيسيف والدفاع عن الكرامة الوطنية

الشركات والدبابات والجرافات الإسرائيلية تتحرك معاً لتدمير وطننا واقتصادنا

بقلم : أسامة جبر كحيل                                                                                                                       

اليونيسيف مؤسسة تمثل الضمير الإنساني.. الكلمة البريئة التي اسمها الطفولة.. وما تحمله من رمز للنقاء والصدق.. لطالما سمعنا بهذا الإسم واحترمنا وقدرنا عالياً جهود هذه المؤسسة الدولية التي أسست للعناية بالطفولة.. وتهيئة المستقبل للبراعم الصغيرة.

نعم لقد مثلت اليونيسيف رمزاً أخلاقياً يعزز القيم الإنسانية النبيلة.. ولكن على ما يبدو  أن كل الأشياء عندنا تنقلب إلى النقيض.. فتصبح رمزاً لمحاولة الاستخفاف بشركاتنا الوطنية التي يثني عليها الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً وقدرتها الخارقة على تنفيذ مشاريع ضخمة ونوعية وكذلك العمل تحت الحصار والحرب وفي ظروف مستحيلة.. إلا أن اليونيسيف ترى بأن مشاريع لا تتجاوز النصف مليون دولار طرحت في إسرائيل لأن شركاتنا غير مؤهلة !!!.. بينما تنفذ ونفذت شركات محلية مشروعاً تلو المشروع وبأكثر من (50) مليون دولار كمدينة الشيخ زايد ومشروع محطة معالجة المياه العادمة في شمال محافظات غزة.. وغيرها.

ثم تطل علينا رموز البراءة عصافير اليونيسيف ببدعة العمر إذا يؤكدون أن سياستهم التعامل مع الشركات المحلية وإعطائها الأولوية في كافة مشاريعهم.. وهم طرحوا المشاريع على شركات إسرائيلية لأنهم يعتبرونها شركات محلية !!!.. يا سلام.

والله أكبر على هذا التعريف العجاب للشركات المحلية.

حاولت جاهداً أن أتخيل الشركات الإسرائيلية تعمل في بلدنا.. وجاهدت لأرى منشآت ومشاريع.. لكن لم أستطع حجب صورة الدبابات والجرافات الإسرائيلية وهي تدمر منشآتنا الإقتصادية وتقتل شعبنا عن المشهد.. جاهدت وأقسم على ذلك بالتعامل العقلي المحض مع الأمر ولكن فشلت في التمييز بين الشركات والدبابات الإسرائيلية.

ربما لأن لكل منهما وظيفة في الحرب.. أحدهما يدمر المنشآت والمصانع والبنية التحتية.. والآخر يحارب شركاتنا بسرقة المشاريع منها وحرمانها من العمل.. وكلاهما لهما نفس الهدف الإستراتيجي.. وهو تدمير مقومات وجودنا وصمودنا.. تنفيذاً لإستراتيجية الإحتلال باقتلاع شعبنا من أرضه.

لقد ابتكر فلاسفة اليونيسيف منطقاً مقلوباً للأمور.. فهم يريدون منا أن نقبل التعاون الإقتصادي مع إسرائيل ويستغربون رفضنا المبدئي لإشراكهم في أية مشاريع تنفذ لدينا.. ولم يستغربوا الحرب والحصار والتدمير المنهجي الذي تمارسه دولة الإحتلال ضد اقتصادنا الوطني.. فالأمر طبيعي فهي سياسة دولة لها أهداف تسعى لتحقيقها.. أما نحن فممنوع أن تتحرك الضحية على سوط الجلاد ونقول لا نريدك هنا.. ولا نريد التعامل معك.

إن المنطلقات الوطنية هي العامل الرئيسي الذي يجعلنا نرفض مشاركة الشركات الإسرائيلية.. إذا يحظر علينا جميعاً أن نكافئ الإحتلال.. وأن نخون دماء الشهداء.. بل إن حسنا الإنساني الأخلاقي وبغض النظر عن البعد الوطني.. يجعل من غير اللائق التعامل مع شركات دولة لا تحترم الإنسان وتقمعه وتقتل كل مقومات وجوده.. بل إنها تبدع في اختلاق وسائل إذلاله وتحطيم كرامته الإنسانية.

إن المقاول الفلسطيني المبدع لا يحتاج لشهادة اليونيسيف.. ولا يلزمه تكريم من أحد فأينما ذهبت في العالم ستلمس بصماته على مساحة العالم.. وهناك العديد من المقاولين الفلسطينيين الذين يعتبروا رموز في عالم الإنشاءات في العالم.. ربما أُفق عدد من العاملين في اليونيسيف لا يستطيع أن يرى الفلسطيني بغض النظر عن هويته إلا بالمنظور المقلوب.. وحتى لا ننسى فإن إسرائيل نفسها بناها مقاولين وعمال فلسطينيين.. فكيف يخفى عباقرة اليونيسيف الشمس بالغربال ويدعون بأن الشركات الفلسطينية لا تستطيع تنفيذ مشروع محطة تحلية صغيرة يمكن أن تنفذ في الورش والمخارط المحلية.. لذا اضطروا رغم أنفسهم آسفين على إشراك الشركات الإسرائيلية.. ان ما يحدث لا يعدُ عن كونه فلتان أخلاقي وفكري.

إن موقف الإتحاد المبدئي بالرفض المطلق لهذه السياسة المهينة وقراره القاطع بمقاطعة مشاريع اليونيسيف حتى توقف الإعوجاج في التفكير.. وتعيد تصحيح مسارها.. جاء ليؤكد حقيقة مهمة بأننا الفلسطينيين وإن كنا الطرف الأضعف وفي حاجة إلى المنح الدولية.. لكننا وبكل الأحوال لدينا كبريائنا الوطني وكرامتنا واعتزازنا بشهدائنا ومقدساتنا.. ومتمسكين بقضيتنا الوطنية..

لذا سنتصدى بحزم دون تردد لكل من يحاول أن يستهين بنا.. ويعتقد بأننا تحت وطأة الحصار والحاجة.. سنركع.. وسنقبل أن يدوس أحد على مشاعرنا وحسنا الوطني والإنساني.

نقول لقيادة اليونيسيف وغيرهم بأن عليهم أن يتدخلوا لإقصاء هؤلاء العابثين وتعديل المسار.. وإعادة الهيبة لمؤسسات هيئة الأمم المتحدة.. التي داستها سلوكيات عدد من العاملين في هذه المنظمة الدولية المشرقة والتي شكلت للبشر رمزاً للإنسانية الطيبة والقيم الأخلاقية السامية.. حتى يكون هناك مستقبل واعد للإنسان ليعيش في هذا الكون بكرامة واحترام.

*أسامة جبر كحيل رئيس إتحاد المقاولين في فلسطين