خطوات تقهر الانقسام ...د. سفيان ابو زايدة

خطوات تقهر الانقسام ...د. سفيان ابو زايدة
خطوات تقهر الانقسام ...د. سفيان ابو زايدة

خطوات تقهر الانقسام ...د. سفيان ابو زايدة  

الشعور لدى الفلسطينيين بمختلف مستوياتهم ان فرصة انهاء الانقسام هذه المرة كبيرة، بل كبيرة جدا، وان هناك متغيرات حدثت خلال الاونة الاخيرة تسهل على فتح و حماس بشكل خاص الاقدام على خطوات لم يكونوا قادرين على اتخاذها في الماضي.
خلال وجودي في غزة في الاونة الاخيرة رأيت بأم عيني التغيير في لهجة الناس عندما يتحدثون عن بعضهم البعض، بأستثناء بعض الاصوات التي غردت خارج السرب و لم يستمع لها احد. الترجمة العملية و المباشرة لهذا التغيير تجسد في دعم حماس لخطوة الرئيس عباس و من ثم ما شهدناه من مسيرات حاشدة عندما خرجت  غزة لتعبر عن تآييدها لخطوة الرئيس و في مقدمتهم ابناء فتح الذين خرجوا الى الشوارع حاملين الاعلام فلسطينية و الرايات الصفراء ليحتفلوا بهذا الانجاز السياسي الكبير.
 قبل ذلك، في الضفة الغربية و بعكس ما حدث في عدوان 2008 ، عبر الناس عن مشاعر الغضب و التعاطف، و الاهم من كل ذلك مشاعر العز و الافتخار بغزة و اهلها . حماس تحركت بحرية و الرايات الخضراء كانت ترفرف في كل مكان ، ليس فقط لم يعترضهم احد بل شارك الجميع صفا واحدا في مسيرات الغضب و التضامن مع اهل غزة. الدم الذي سال غزيرا و رد فصائل المقاومة حرك مشاعر كانت متكلسة و كسر حواجز نفسية كان هناك من يعتقد ان ليس بالامكان اجتيازها.
هناك خطوات ايجابية حدثت على الارض، اهمها قرار الحكومة المقالة في غزة النية عن الافراج عن ابناء فتح الذين اعتقلوا نتيجة الانقسام، و كذلك عودة الكوادر التي اضطرت لمغادرة القطاع. في  نفس الوقت اعلن الدكتور نبيل شعث ان الرئيس عباس قرر الافراج عن كافة معتقلي حماس من سجون السلطة . صحيح حتى الان لم يفرج عن معتقلي فتح من سجون حماس حيث تم تشكيل لجنة لهذا الغرض، و صحيح لم يتم تنفيذ قرار الرئيس حتى الان، و صحيح انه عاد امس اثنى عشر كادرا فقط من كوادر فتح من بين عشرين وافقت عليهم حماس قبل العدوان ، لكن هناك شعور ان هذه المرة النوايا اكثر صدقا .
 لكي  يبنى على ما تم اتخاذه من خطوات ايجابية و لكي لا تتحول الى سحابة صيف عابرة بل واقع جديد يريدة الشعب الفلسطيني ان يكون، هناك اختبارات عملية تواجه الفصائل بشكل عام ، و فتح و حماس بشكل خاص.
 الاختبار الاول  هو اختبار الانطلاقات. حماس بدأت بالتجهيز لاحتفالات انطلاقتها التي ستكون خلال منتصف هذا الشهر. طوال السنوات الماضية احتفلت فقط في غزة و لم يسمح لها بالاحتفال في محافظات الضفة. هل هذا العام سيكون هناك تغيير و ستستطيع حماس ان تحتفل بانطلاقاتها في كافة محافظات الوطن؟
 كذلك الحال بالنسبة لحركة فتح التي ستحتفل بانطلاقتها نهاية هذا الشهر. طوال الفترة الماضية لم تسمح حماس لابناء فتح احياء ذكرى الانطلاقة في غزة، احد التبريرات هو التعامل بالمثل، طالما حماس لا تحتفل في الضفة فتح لن تحتفل في غزة. اذا كان هناك تغيير متبادل  ابشروا خيرا، و ان لم يحتفلوا اعرفوا ان الوضع لم يتغير و ان ما يقال عن الصالحة و ضرورة انهاء الانقسام ليس اكثر من مجرد ضريبة كلام. المطلوب اليوم و ليس غدا ان يتم الاتفاق على ان احياء ذكرى الانطلاقات ستكون في كل محافظات الوطن و ان فتح ستشارك في احتفالات انطلاقة حماس و حماس ستشارك في احتفالات انطلاقة فتح.
الاختبار الثاني هو اعادة فتح المؤسسات التي اغلقت و تم مصادرة محتوياتها في كل من غزة و الضفة الغربية. اهم هذه المؤسسسات هي تلك التي تتعلق بالاسرى . حماس و بعد سيطرتها على غزة صادرت  و اغلقت جمعية الاسرى و المحررين ( حسام) و كذلك العشرات من مؤسسات فتح بغض النظر عن الذريعة التي استخدمت، و في المقابل العشرات من المؤسسسات التابعة لحماس في الضفة تم اغلاقها و مصادرة محتوياتها بما في ذلك مؤسسات تعني بشؤون الاسرى مثل مؤسسة نفحة. الاختبار لمدى المصداقية هو في الاسراع بأعادة فتح هذه المؤسسات.
الاختبار الثالث هو بالاسراع في الافراج عن المعتقلين و السماح بعودة المبعدين. هذا الامر لا يحتاج الى لجان قانونية و غير ذلك ، يحتاج الى نوايا صادقة و صدر و اسع و مسؤولية وطنية. يجب ان لا يكون هناك مماطلة و مراوغة كما حدث في السابق. رفع الظلم عن انسان يجب ان لا يكون مرتبط بأي شيئ آخر، و الافراج عن اسير يجب ان لا يكون مرتبط بالتبادلية، هذا  مناسب للاعداء و لكن ليس لابناء الشعب الواحد. عودة مئات المبعدين يجب ان لا يكون مرتبط بأجتماعات في القاهرة او الدوحة او اي مكان آخر، بل مرتبط بتوجه اخوي صادق لان الفلسطيني ليس بحاجة الى مزيد من الشتات و اللجوء.
قد يقول البعض ان ما ذكر اعلاه من خطوات لبناء الثقة هي نتاج لقضايا اكثر عمقا وهي السبب الرئيسي في الانقسام. هذا صحيح و لكن الاقدام على خطوات لبناء الثقة بين الاطراف لا يتناقض مع الجهود التي يجب ان تبذل لمعالجة الملفات الاكثر تعقيدا مثل الحكومة و الانتخابات و المنظمة و المصالحة المجتمعية التي بدونها لن تكون هناك مصالحة حقيقية.
Dr.sufianz@gmail.com