خبر للتمكين شروط أخرى - فهمي هويدي

خبر للتمكين شروط أخرى - فهمي هويدي
خبر للتمكين شروط أخرى - فهمي هويدي

للتمكين شروط أخرى - فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2015/09/blog-post_20.html

 

الخطوات الأولى في تحقيق حلم تمكين الشباب المصري بدأت أمس (الأحد ٢٠سبتمبر)،

هذا الكلام ليس لي، لكنه إحدى النشارات التي زفتها لنا الصحف المصرية في الأسبوع الماضي.

 إذ كان ذلك نص أحد عناوين جريدة الأهرام الصادرة في ١٦ سبتمبر الحالي. الذي أشار إلى أن «تمكين الشباب حلم يتحقق».

 

وفهمنا أن فكرة التمكين بمثابة اختزال لأهداف البرنامج الرئاسي الذي أعد لتأهيل الشباب للقيادة من خلال إعداد دورات تدريبية لهم.

وقد تحدد يوم أمس موعدا لفتح باب تسجيل المتقدمين لها،

حيث يفترض أن تبدأ أولى الدورات في منتصف شهر أكتوبر المقبل.


التفاصيل التي نشرتها جريدتا «الأهرام» و«الشروق» يومذاك منسوبة إلى مصادر رئاسة الجمهورية شرحت الفكرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل أسبوع شباب الجامعات الذي أقيم في جامعة قناة السويس على النحو التالي:


خلال العام الأول من التنفيذ سيتم تدريب ٢٥٠٠ شاب وشابة من خلال عشر دورات، مدة الدورة الواحدة ٨ أشهر.

وابتداء من العام الثاني تقضى الخطة بتنظيم ١٢ دورة سنويا.


الهدف الرئيسي للبرنامج هو «خلق قاعدة بيانات ضخمة تضم شباب الخريجين من جميع التخصصات الحاصلين على برامج تدريبية عالية في العلوم الإدارية والسياسة والإعلام والإستراتيجية،

ولهم اطلاعهم على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والقادرين على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات»،

وذلك لكي يسهل اختيار القيادات الشابة التي تتمتع بالكفاءة المطلوبة لشغل الوظائف القيادية في الجهات الحكومية مستقبلا.


كان الرئيس قد أصدر توجيهاته في شهر مارس الماضي للمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية بإعداد البرنامج بعدما لاحظ أن هناك نقصا في قواعد البيانات الخاصة بأولئك الخريجين المؤهلين.

ولأجل ذلك تم التعاقد مع أكبر شركة عالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات ودعم اتخاذ القرار للمساهمة في العملية،

 كما تم الاتصال مع كلية الإدارة في فرنسا،

 في الوقت ذاته جرى الإطلاع على الدراسات الجاهزة بمركزي التخطيط القومي وإعداد القادة.

وبناء على ذلك تبلورت الرؤية بحيث أصبح البرنامج جاهزا للتنفيذ.


عقد الدورات وإقامة المتدربين المغتربين ستتم بمقر المجالس المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية الذي يتضمن قاعات للتدريب على أعلى مستوى.

كما سيتم تحصيل بعض المحاضرات في أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية وكلية العلوم والإدارة وأكاديمية السادات وجامعة القاهرة.

كما سينتقل المتدربون إلى مدينة الإسكندرية لاستكمال محاضراتهم في كليتي البحرية والدفاع الجوى.


الهدف السياسي للفكرة واضح، رغم أن الكلام المنشور حرص على التنويه إلى استبعاد الانتماء السياسي في تقييم المتقدمين.

 

 كما أننى لا أستبعد أن تكون في خلفيتها محاولة ردم الفجوة القائمة بين الشباب والنظام القائم، خصوصا بعدما تردد عن عزوف الشباب عن الاشتراك في الانتخابات والاستفتاءات.

 

ولست أرى غضاضة في ذلك. إذ لابد أن يحمد لرئيس الدولة محاولته مخاطبة الشباب واحتواؤهم، بإشاعة الأمل فيهم وامتصاص غضبهم،

ثم إن السياق الذي أطلق فيه مشروعه مفهوم، ذلك أنه كان يخاطب شباب الجامعات، قبل أيام من بدء العام الدراسي.

 

ورغم أن الصحف ــ الأهرام بوجه أخص ــ نشرت تعقيبات لعدد من الخبراء وأساتذة الجامعات الذين احتفوا بالفكرة وحبذوها فإنني أزعم أن الإطار الموضوع لا يكفى في تحقيق التأهيل المنشود.

 

ذلك أن رعاية رئاسة الجمهورية للمشروع تعيد إلى الأذهان تجارب بعض الأنظمة التي سعت إلى تأميم الشباب وتجنيدهم لحسابها.

كما أننا نلاحظ أن هناك إيحاء بأن البرنامج عمد إلى إغواء الشباب بفكرة تعيينهم في الوظائف القيادية.

 وهى الفكرة التي ترددت في بدايات النظام القائم، حين ارتفعت بعض الأصوات داعية إلى تعيين الرجل الثاني في مواقع المسئولية في السلطة والمحافظات من الشباب، وجرى تنفيذها بصورة محدودة.


بكلام آخر فإن وجود رئاسة الجمهورية في الصورة يستدعى إلى الذاكرة مباشرة فكرة منظمة الشباب وحكاية التنظيم الطليعي.

ولحظ الفكرة فإن الرئيس تحدث عن برنامج تأهيل الشباب يوم الأحد ١٣ سبتمبر في حين أن وزارة التربية والتعليم كانت قد أصدرت يوم ١٠ سبتمبر ــ قبل ثلاثة أيام فقط ــ بيانا حول إنشاء ناد للأمن الفكري في كل مدرسة.

 

ومعروف أن الجامعات لجأت إلى تنفيذ مشروع مواز لتنظيم «الطلاب الوطنيين» وتجميعهم لمواجهة زملائهم المعارضين والمشاغبين.

وهى إشارات يصعب الفصل بينها. في حين أن الربط الذي لا مفر منه قد يظلم طموحات برنامج تأهيل شباب الخريجين الذي تحدث عنه الرئيس.


الملاحظة الأهم مما سبق أن التأهيل الحقيقي للشباب سواء للعمل العام أو لتولى القيادات له شروط أخرى، وهذه تتكفل بها البيئة الصحية التي ينشأون ويتعلمون في أجوائها.

 

أقصد بذلك أجواء الحرية والديمقراطية التي تتاح فيها فرصة الحوار المفتوح واحترام الرأي الآخر وتحتمل شجاعة الاختلاف والتظاهر السلمي.. إلى غير ذلك من القيم التي تنضج شخصية المواطن وتشعره بالثقة والأمن والكرامة.

 

وأخشى ما أخشاه أن يخلط البعض بين الانقياد والقيادة، لأن الكثير مما نراه يحث الشباب على الخضوع والامتثال والإحباط بأكثر مما يغذى فيه الطموح والكبرياء والأمل.

 

ولكي لا يلتبس الأمر على أحد، فليتنا نبذل بعض الجهد لتحسين المناخ العام برفع سقف الحريات وإنعاش الأمل في إقامة الديمقراطية، لكي نمهد التربة لتأهيل الشباب حقا للقيادة، وليس للخضوع والانقياد.

علما بأن تمكين الشباب يتعذر تحقيقه ما لم يتم تمكين المجتمع أولا.