خبر مشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة: قطر الخير ويد العطاء والأثر د. أحمد يوسف

أحمد يوسف
أحمد يوسف

مشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة: قطر الخير ويد العطاء والأثر

د. أحمد يوسف

كلما جاء السفير محمد العمادي؛ رئيس لجنة الإعمار القطرية، كثرت أحاديث الشارع الفلسطيني بين من يعطي لكل ذي حقٍ حقه، ولسان حاله (وقولوا للناس حسناً)، وفاءً لدولة قطر؛ هذا البلد السخي في العطاء، الذي لم يبخل يوماً على شعوب أمته، حيث كانت جهوده الإغاثية وكرم عطاياه تصل لكل صاحب حاجة من أبناء هذه الأمة، التي لحقها الضيم منذ بضع سنين، وسكن البؤس في جنباتها وتوطن. كانت قطر سباقة في تقديم يد العون للكثير من البلاد العربية والإسلامية، وكان نصيبها من دعم مشاريع الخير والإعمار في بعض البلدان بمثابة "حصة الأسد"، فقدمت لأمتها بسخاء من لا يخشى من ذي العرش إقلالاً، وقد سبق لهذا الخير الذي تحوزه أن انهمر بالجود والكرم عقب الحرب الإسرائيلية التدميرية على لبنان في صيف 2006م، حيث تمَّ تقديم أكثر من نصف مليار دولار كإغاثة إعمار سريعة للحكومة اللبنانية، وأيضاً خلال حركة النهوض العربي، حيث حظيت ليبيا وتونس ومصر بملايين الدولارات القطرية كدعم إغاثي لاقتصاديات تلك الدول بعد الانهيارات التي أصابت أنظمتها السياسية. وإذا أخذنا في الاعتبار - أيضاً - إسهامات دولة قطر في مجال العمل الإغاثي والإنساني، من خلال مؤسساتها التي تعمل في مجال العمل الخيري، فسنجد أنفسنا أمام دولة صغيرة في جغرافيتها، ولكنها عظيمة في وقفاتها بدعم جميع أعمال البر والخير لأمتها العربية والإسلامية. السفير القطري: حيوية الجمع بين السياسة والإغاثة لقد التقيت السفير العمادي وتبادلت معه الحديث في مناسبتين، واحدة في مكتبه وكان يحادثنا ويده لا تتوقف عن العمل، فهو شخص صاحب خبرة طويلة في مجال المقاولات، ومهندس ناجح مشهود له بعمله الطويل في القطاع الخاص، وقد أسهم في تطوير بلاده ونهضتها.. جاء اختياره كسفير لبلاده في مناطق السلطة الفلسطينية بمثابة رسالة مهمة لطبيعة المهمَّة التي أرادتها قطر منه، ألا وهي العمل على تنمية قطاع غزة، والبحث بقدر الاستطاعة عن حلولٍ عملية لمشاكله المزمنة، وقطاع الكهرباء هو واحد منها. السفير العمادي لمن تعامل معه عن قرب هو طاقة عمل متحركة، ولديه في السياسة من الخبرة والحنكة أيضاً ما يجعله قادراً على أن يصل مع الإسرائيليين على تفاهمات حلول لمشكلات قطاع غزة أكثر من أي جهة أخرى. وفي المرة الثانية التي التقيته، سعدت بقبوله دعوتنا في مؤسسة بيت الحكمة، حيث تجاذبنا أطراف الحديث في هموم أمتنا، وأخذتنا السياسة وفضاءاتها الإقليمية والدولية لواقعنا المرير، وحجم المآسي التي حطت رحالها على أرض العرب من المحيط إلى الخليج، وأطلعناه كذلك على بعض ما تقوم به المؤسسة من أعمال؛ باعتبارها منتدىً للفكر والحوار، ومركز دراسات يقدم القضية الفلسطينية للكثير من الجهات الغربية، التي نلتقيها ونتطارح معها الأفكار والرؤى، والبحث عن الحلول لتسوية هذا الصراع بأبعاده الأمنية والسياسية والدينية. باختصار؛ الرجل متميز بفكره وعمله، ويمكن التعويل عليه في إيجاد بعض المخارج والحلول لأزماتنا المستعصية في ظل واقع الحصار والاحتلال. لقطر وسفيرها كل الشكر والتحية.. جاء السفير محمد العمادي في هذه الزيارة لتفقد عدة مشاريع يجري تنفيذها على الأرض، والتوقيع على عقود جديدة بقيمة ستين مليون دولار.. كان المشهد الذي غطته وسائل الإعلام لمراجعة السفير العمادي لمهندسي الشركة المنفذة لمشروع مستشفى حمد التخصصي، واحتجاجه على بعض الأخطاء في التنفيذ ملفتاً للنظر، هو في الحقيقة لفتةٌ تستحق منَّا التقدير والاحترام، حيث إن الشركة القائمة على المشروع هي في الأساس قطاع خاص، وقد خالفت شروط العقد والمواصفات المتفق عليها، الأمر الذي يوجب عليها إصلاح أخطائها، فهذا المال القطري هو أمانة في أعناقنا جميعاً، وهو دعم وإسناد لأهل قطاع غزة، وأن من يحاول التلاعب به يستحق الملامة والعقاب. لذا؛ فإننا نقول: شكراً سعادة السفير، فأنت بحق تستحق - وبجدارة - ما أنت عليه من مكانة، وأن إمكانياتك المهنيَّة وما تمتلكه من الخبرة والمهارة في قطاع المقاولات والأعمال الإنشائية والعقارات لأكثر من أربعين سنة، هو رصيد لك ويمنحك شهادة الأهلية - بثقة واقتدار - على متابعة التنفيذ وتأكيد بصمة الجودة عليه، مع ضمان الالتزام بكل ما ورد في العقود من تعهدات ووعود. للمغرضين: الصمت بدل الإساءة والتطاول لفت نظري مع زيارة السفير إلى قطاع غزة، ورود بعض التعليقات المستهجنة على مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، فيما يتعلق بموضوع الكهرباء والخلل الحاصل بساعات عملها، ومزايدات بعض الموتورين والبسطاء من خلال محاولة الربط بين الزيارة وتعاظم المعاناة وكأن هناك جهة ما تتعمد افتعالها لحاجة في النفس، وهذا سلوك مشين في التقدير وليس من أخلاقياتنا وأدبيات سلوكنا.. إن كل ما يقوم به سعادة السفير العمادي إنما هو محاولة لإيجاد حلول وبدائل لمشكلة العجز في كمية الكهرباء المطلوبة لقطاع غزة، حيث إن ما هو متوفر حالياً لا يغطي - عملياً - أكثر من نصف احتياجاتنا للكهرباء.. لقد بذل الرجل الكثير من أجل إقناع أطراف محلية وإقليمية بخطورة المشكلة وضرورات حلها، ولكن يبدو أن المحاولة لم تكلل بالنجاح، الأمر الذي دفعه لركوب الصعب، والبحث عن حلول لدى جهة الاحتلال الإسرائيلي، وقدم مشكوراً خطوات عملية في هذا الاتجاه، بهدف إيجاد حلٍّ ينهي جذور المشكلة، ويقطع دابر كل من يعملون على إبقاء المعاناة قائمة كهمٍّ نعيشه كل يوم. أعرف أن البعض من خصوم السياسة لا يريدون لدولة قطر أن تقدم لأهل غزة يد العون، ويستمرأ بقاء مشكلات القطاع معلقة بلا حلول، ولذا يمتهنون لغة المماحكة والتشكيك، ويلجأ بعضهم إلى ممارسة أساليب اللمز والغمز بطريقة ممجوجة لا تليق. المشاريع القطرية: لوحات إنسانية معبرة من الجدير ذكره، أن المشاريع القطرية هي الورشة الوحيدة التي تعمل على مدار الساعة في قطاع غزة، ومنذ أكثر من ثلاثة سنين، وقد حرَّكت هذه المشاريع العملاقة نسبياً ماكينة الاقتصاد الفلسطيني في القطاع، وأوجدت الفرص للمئات من شركات القطاع الخاص، وللآلاف من الأيدي العاملة، مما أدى إلى انخفاض منسوب البطالة بعدما تجاوزت نسبته أكثر من 50%. إنني، وأنا أتنقل يومياً على الطرقات ما بين رفح وغزة، وأشاهد حجم الحراك القائم على تلك المشاريع القطرية، سواء في شارع صلاح الدين أو الطريق الساحلي (ش. الرشيد)، ومدينة حمد في مدينة خانيونس، لا أملك إلا الدعاء لقطر، والشكر الجزيل لقيادتها السياسية، وأهلها الطيبين، ومؤسساتها التي توطنت في قطاع غزة ولها بصمات في العمل الإغاثي لا تخطئها عين الفقراء والمحتاجين، مثل مؤسسة قطر الخيرية (Qatar Charity)، وكذلك مؤسسة عيد الخيرية، ومؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية (راف) ...الخ، وهي كلها ترعى الكثير من المشاريع الإنسانية والتنموية. اليوم؛ أقول لكل من يحاول الإساءة لقطر، والبحث عن تفسيرات مغلوطة لما تقدمه من عون لنا، هذه هي قطر؛ أيقونة الخير والعطاء، التي قدَّمت مليار ونصف المليار كمشاريع في قطاع الإعمار والبنى التحتية، وقدمت أيضاً منحاً وهبات بالملايين للسلطة الوطنية من أجل تقليص العجز في ميزانيتها.. السؤال: من يا ترى في ساحتنا العربية والإسلامية كانت يده بهذا السخاء في العطاء، وحاز هذه المكانة المتميزة في الدعم والوفاء؟ إن قطر ستظل هي الدولة التي تقاسمت – بإنسانية عالية – جزءاً كبيراً من ثروتها (البترودولار) مع شعوب أمتها، وأن أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووالده من قبله، سيحظى بمنزلة "حاتم الطائي"، الذي أندى بلدان العرب والمسلمين بطون راحٍ في سجل الجود والكرم .