حان وقت التطهير

حان وقت التطهير
حان وقت التطهير

(المشرق نيوز)

بقلم: يحيى عقل عبد الله عقل 

فيلم "The Purge"  او "التطهير" باللغة العربية هو أحد اشهر الافلام التي انتجتها هوليوود السينمائية لعام 2013 حيث تم انتاج جزء ثاني للفيلم في عام 2014 الماضي.

فكرة ومضمون الفيلم كالآتي، تعلن الحكومة الامريكية عن يوم او ليلة واحدة في السنة تسمى بليلة التطهير وغالبا ما تكون في الواحد والعشرين من شهر ا ذار وتنتهي في الثاني والعشرين أي صباح اليوم التالي حيث يسمح في هذا اليوم ارتكاب الجرائم والحوادث بلا قانون رادع او رقيب حيث تبقى خدمات الشرطة والقانون والإسعاف والدفاع والإطفاء غير متوفرة او غائبة ابتداء من الساعة السابعة مساء من تلك الليلة حتى السابعة صباح اليوم التالي. بمعنى آخر يحق للمواطنين جميعا ارتكاب الجرائم وقتل كل من يروه فاسدا او ظالما او متجبرا في تلك الليلة بلا حساب ودون قانون يضعهم تحت طائلة الاتهام او المحاكمة قانونية.

قام بعض النقاد الامريكان بنقد الفيلم ووصفه بالمريض والعدواني واللااخلاقي ولكنني أرى فكرة الفيلم كأفضل وأعظم فكرة على الاطلاق!

دعونا نضع الديانات جانبا لبضع دقائق فنحن نعلم بأن الديانات السماوية تحرم وتستنكر القتل والدمار وسفك الدماء فهذا لا يتماشى مع عقيدة الله وشرعه. فكل الديانات السماوية تحث على الحب والتسامح والسلام ولا ترضى بالجرائم والقتل وأنا احترم ذلك. فلنفكر قليلا بتطبيق فكرة الفيلم على أرض واقعنا لوهلة فلنفترض ان تقوم الحكومة الفلسطينية بتطبيق ونص مثل هذا اليوم "يوم التطهير" مرة سنويا في فلسطين فماذا ستفعل في تلك الليلة؟ ماذا سأفعل انا في تلك الليلة؟ امرٌ مثير ومشوق اليس كذلك؟!

سيقول المئات من كافة انحاء العالم ان ما سيفعله الفلسطينيون في تلك الليلة هو محاولة قتل اكبر عدد ممكن من الاسرائيلين والصهاينة، قد يكون ذلك صحيحا ولكن الشعب الفلسطيني متهم دائما بمهاجمة العدو الاسرائيلي وزلزلة امنه سواء كان ذلك حقيقيا ام لم يكن! فان تنفس الفلسطيني او ضحك يتهم مباشرة بمهاجمة ومحاربة النظام الأمني الاسرائيلي وتتم محاكمته دون تهمة واضحة موجهة له! فما الجديد في القيام بمثل هده الجرائم في تلك الليلة بالتحديد؟ ما المميز والمشوق في قتل الاسرائيلين في تلك الليلة بالذات حيث سيتم محاسبتك في صباح اليوم التالي شاء من شاء وأبى من أبى؟! فهدا جواب خاطئ في اعتقادي...

ولكن مادا عن جواب وحل أفضل؟ ماذا عن حل سيتفق عليه كل "الشرفاء" الفلسطينيون من السند الى بحر الروم؟ الجواب الصواب هو ابادة السارقين والظالمين والعابثين والفاسدين والمرتشين من الفلسطينيين في تلك الليلة! لطالما حاولنا نحن الفلسطينيين انكار تلك الحقيقة المرة بأن هناك نسبة من الفلسطينيين العابثين الذين يدعون خدمة الوطن والعمل لصالحه ولكن في الواقع ما يقومون به هو تخريب الوطن ونشر الفساد والعبث فيه لأهداف كثيرة كالمال والمناصب العليا والسلطة والنفوذ وربما الحقد الدفين!

والآن تخيل معي ان تقر الحكومة الفلسطينية بتلك الليلة سنويا حيث يسمح لك ان تحمل سلاحا وتذهب الى منزل شخص فاسد وتقتله بلا رحمة او هوادة دون محاكمة او تهمة.

تخيل ان تحمل سكينا حادا من مطبخك وتتجه نحو منزل الشخص الذي ارسل اخيك الى السجون الاسرائيلية وتطعنه حتى الموت! طبعا انا لا اتكلم عن ذاك الجندي الاسرائيلي الذي زج بأخيك في السجن فهو عدو و هذا هو عمله وإنما اقصد ذلك الفلسطيني العميل الذي اوشى بأخيك البطل وكان السبب في ارساله الى السجن ليمضي ما تبقى من حياته في ضياع ومأساة! كيف تصف شعورك الآن؟ شعورٌ رائعٌ اليس كذلك؟

مادا لو حملت فأسا حادا من حديقتك وأسرعت نحو ذلك الشخص الذي حرمك من وظيفة تستحقها لحفظ ماء وجهك رغم انك كنت الأفضل في الجامعة ولديك كل ما يؤهلك للوظيفة وتقطع رأسه بضربة واحدة!  لا داعي ان اذكرك بأنني لا اتكلم عن الاحتلال الاسرائيلي الذي يقوم بدلك بديهيا لمنعك من الحصول على وظيفة لتدمير امالك وسحق طموحاتك وإنما اتحدث عن صاحب الشركة الفلسطيني الذي حرمك من تلك الوظيفة لمجرد ان لديه ابنا احمقا فاشلا يريد تعيينه بدلا منك او لأنك لا تنتمي الى فصيله السياسي! كيف تصف شعورك الآن؟ اليس شعورا رائعا؟!

سيناريو اخير اطرحه عليك ولكن هذه المرة تحتاج الى شيء اكبر من السكين او الفأس....

ماذا لو اشتريت أر بي جي او امتلكت دبابة حربية لتقودها لمقر هؤلاء السياسيين والحزبيين لتبديهم عن بكرة ابيهم بقذيفة مدفعية! مرة أخرى انا لا اتحدث عن السياسيين الاسرائيلين وإنما عن فئة فاسدة متسلطة من السياسيين الفلسطينيين وقادة الفصائل والأحزاب الفلسطينية الذين يتلاعبون بأبناء شعبك كما الدمى ويتعاملون معهم كفئران تجارب!  اولائك  الفاسدين الذين نسوا لماذا اخترناهم لتحقيق الأفضل لأبناء شعبهم ونسوا هدفهم الرئيسي الا وهو دحر الاحتلال والدفاع عن الوطن بكل رخيص ونفيس ليتنازعوا فيما بينهم على المناصب والنفوذ وينشروا الفرقة الحمقاء بين افراد الشعب الفلسطيني! شعور جميل اليس كذلك؟

عندما تتم "المهمة بنجاح" كما يقولون في الحروب فأعلم انك ستحظى بأفضل ليلة لتنام فيها هنيء البال تفكر بماذا ستفعل وأولادك غدا في دولة حرة ليس فيها احتلال ، دولة ليس فيها عدو صهيوني لعين!

قد يصفني البعض بهاوي أفلام الرعب الدموية المريضة وليس لدي ادنى مشكلة في ذلك! فلقد كنت افكر بطريقة طبيعية منذ مولدي ولم ارى إلا مزيدا من القتل والمجازر والدمار لم ارى إلا مزيدا من الشجب والرفض والاستنكار! فربما الان بعد تفكيري ك"سايكو" او مهووس يتغير الحال.