شكرا قطر... هديتكم وصلت!!

شكرا قطر... هديتكم وصلت!!
شكرا قطر... هديتكم وصلت!!

مقاطع الفيديو الشائنة والمهينة التي نشرتها المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، حول الإفطار المهين الذي جرى في ساحة الكتيبة في غزة  والذي رعته جمعية خيرية قطرية، تعكس بشكل واضح مدى الاستهتار بإنسانية وكرامة الفلسطيني، وتصويره متسولا جائعا، يلهث وراء حسنات "المنعمين" من الدول والجمعيات، لدرجة يظهر الأمر وكأن قضية الشعب الفلسطيني، وقضية قطاع غزة خاصة هي قضية خبز وطعام، لا قضية حرية واستقلال وطني وعودة للفردوس المفقود.

إن دولة محدثة النعمة، بفعل ما في باطن الأرض من ثروة هي ملك لأمة، لا تدرك حتى الآن أن كل العذابات التي يتجشمها شعبنا ناتجة عن زرع كيان غريب في جسم أمة كي يحمي آبار نفطهم، إننا نتعذب عن العرب عامة ويتعذب معنا كل شعوب دول المواجهة، لتنعم أقلية قليلة من الوطن العربي بخيرات النفط وعوائدها، ولتظهر هذه الدول كمحسنين إلى شعوب يبذلون الدم والتضحيات حماية لمصالحهم التاريخية.

شكرا قطر.. وشكرا لمن شكروا قطر على هديتهم المهينة، فقد نبهونا إلى أن ما آلت إليه قضيتنا في ظل عبث النفط والانقسام هي قضية خبز ومعلبات وإفطارات لمرة واحدة في شهر رمضان، وبعض حصى ورمل للبناء.
شكرا قطر على إهانة مقصودةأ غير مقصودة تدعونا للاستفاقة من غيبوبة  تضيع أثناءها معاني الكرامة، يوم أن علق الشهيد أبو يوسف النجار بطاقة الإعاشة في رقبة قط واطلقه في البرية، لأنه اختار البداية الصعبة للمقاومة.

وشكرا لمن حولوا حياتنا إلى حالة انتظار للمعونة والإحسان، كي يستمروا جاثمين على نفس الشعب، وجعلوا من الناس رهائن لقمة العيش، شكرا لاقتصاد الحسنات والريع، وربط الألسن والمواقف واسكات التفكير قبل الجوع. شكرا لاولئك الذين يتبجحون بشكر قطر، لاأنها جادت لهم بالأرز والخبز، وسلبتهم حرية الموقف.

لم نقل إن شعبنا لا يحتاج إلى مساعدة، ولكن ليس هنا مربط الفرس، ولا مبرك إبلكم، مربط الفرس هو في دعم الموقف المقاوم حقا، مربط الفرس، هو في صب المساعدات في مجال الانتاج حتى يستطيع الصامد على هذه الأرض أن يأكل من عرق جبينه، لا من حسناتكم التي تقبضونها مواقف سياسية تضر بالشعب وقضيته.

شعبنا يحتاج إلى إعمار الأرض، وزراعتها، يحتاج إلى أن ترتفع مداخن المصانع، هنا الدعم الحقيقي. لا وجبات تنثر كما ينثر العلف للدجاج.

أم أن من يرى أننا مجرد جوعى لا يستطيع أن يفكر في ذلك، ولا يريدنا إلا جوعى ننتظر حسناته كي يبقى سيدا يهش بعصاه على عبيد؟

ليس شعبنا كذلك، ويدرك شعبنا أن كل مسكناتكم من مساعدات لن تغير من موقفه ورؤيته تجاه كل ما تعيثونه من خراب ودمار وإشاعة للفتنة على امتداد الوطن العربي.
ليس شعبنا في مرحلة الجزر التي نعيش بميت الذاكرة، لكنه صبور كالجمل، ويراكم صبره الذي لا بد منفجر عائدا إلى اليوم الذي استعاد فيه هويته، يوم أن اطلق حركته الوطنية.

شكرا على الإفطار الذي كان بطعم الإذلال، فقد قالت الصور كل ما يمكن أن يقال، ويبقى للتاريخ حكمه.

وكالة "وطن "للأنباء