الخروج من الدولة، العودة إلى الوطن بقلم : منيف عبدالله الحوراني

الخروج من الدولة، العودة  إلى الوطن  بقلم : منيف عبدالله الحوراني
الخروج من الدولة، العودة إلى الوطن بقلم : منيف عبدالله الحوراني

 الخروج من الدولة، العودة  إلى الوطن 
بقلم : منيف عبدالله الحوراني
 
في ضوابط علاقتهم بالطرف الآخر أو الطرف الثالث أو الآخر عموماً، العالم إجمالاً، وعلى طريق سعيهم لتحقيق بضعة مكاسب زهيده في ملف قضيتهم الوطنية ، يخشى الفلسطينيون كلَّ ما يخشونه، ومن ثمَّ يتقبَّلونه فزَّاعةً لإثارة مخاوفهم، ليس في حقيقة الأمر لقسوة الأسباب والظروف الموضوعية التي تحيط بهم، إنما في الجوهر وضع الفلسطينيون أنفسهم في موقف المُستَضعَفِ هذا لأنهم صاروا ينظرون إلى وطنهم من ثقب دوله، يجتهدون لخياطة وطنٍ يمرُّ من خرم دوله، يسعون إلى استيلاد وطنٍ من رحم دوله، يريدون أن يُخرجوا وطناً من سيناريو دوله. 
لماذا يخشى الفلسطينيون تقلّص أرضهم، إذا كانت أرض فلسطين التاريخية  كلها حق لهم، ... إلّا إنهم يفكِّرون في أرض الدولة . 
لماذا يناقش الفلسطينيون حجم تسليح الأجهزة التي ستدافع عن أمن الوطن، حين يكفيهم أن يعودوا ويعيشوا عزَّلاً في أرض وطنهم، ... إلّا إنهم يفكِّرون في أمن الدولة . 
لماذا يخشى الفلسطينيون استقطاع الأغوار، إذا كان وطنهم يمتد من النهر شرقاً إلى البحر غرباً، وأغوارهم غرب النهر، ... إلّا إنهم يفكِّرون في شرق الدولة .
لماذا يضطر الفلسطينيون إلى التشديد على اعتبار القدس عاصمة لفلسطين، مع أن القدس هي فعلاً عاصمة فلسطين، ... إلّا إنهم يفكِّرون في عاصمة الدولة.
لماذا يقلق الفلسطينيون بشأن السيادة على الأرض، إذا كان سيسود في الأرض من سيعيش على الأرض، ... إلّا إنهم يفكِّرون في سيادة الدولة . 
لماذا يستجدي الفلسطينيون ترسيماً لحدود وطنهم، بينما لم تغيِّر فلسطين التاريخية  موقعها، سوريا ولبنان في شمالها، الأردن من شرقها، خليج العقبة في الجنوب والأبيض المتوسط ومصر غرباً، ... إلّا إنهم يفكِّرون في حدود الدولة.
ينشغل الفلسطينيون بماهيَّة دولةٍ مبهمة الملامح ويَعمَونَ عن وطنٍ واضحٍ، جازمٍ، قاطعٍ، طاعنٍ في الملامح، إلى درجة أنه يتخذ شكل خنجر. 
إن لم يفلح الفلسطينيون في العودة إلى أرض وطنهم، فبإمكان كلِّ فلسطيني أن يُعَلِّق لوحة أو ملصق "دولة فلسطين" على باب بيته أو زجاج سيارته حيثما عاش في أي شارع في أي مكان من هذا العالم، ولن تختلف تلك كثيراً عن الدولة التي تتسكَّع في أروقة المفاوضات تتسوَّل وطنها (على مائدة اللئام).
أما وطن الفلسطينيين فمعروفٌ وموجود وهم لا يتسولونه  وهو ينتظرهم، وحين يفلحون في العودة إليه، فإن كل البنود التي يفاوض عليها من يفاوض الآن دون جدوى، ستصبح عندئذٍ تحصيل حاصل. 
ليس على الفلسطينيين إبداء المرونة وحسن النوايا، فما يريدونه يدور في فلك غير ذاك الذي تدور فيه المفاوضات، والذي سيوصلها إلى مكانٍ غير ذاك الذي يريد أن يصل إليه الفلسطينيون.
أولى بالفلسطينيين وأجدى لهم أن يركِّزوا جهودهم كلها في مسعىً وحيد، العودة إلى الوطن. الوصول إلى ذاك المكان، الذي سيعطيهم كل شيء لالشيء إلّا لمجرَّد أنهم وصلوا.
الحديث في الدولة الفلسطينية الآن ليس اجتهاداً محموداً مشكوراً في سياسة المراحل. إنما هو مسارٌ مغايرٌ في اتجاهٍ معاكسٍ لاتجاه الوطن، وعليه فهو حديثٌ غير لائقٍ أخلاقياً، علاوة على كونه ركيك وغير صائب وفاشل سياسياً