المفاوضات ودعم الرئيس د. سفيان ابو زايدة

المفاوضات ودعم الرئيس د. سفيان ابو زايدة
المفاوضات ودعم الرئيس د. سفيان ابو زايدة

المفاوضات ودعم الرئيس د. سفيان ابو زايدة
بينما ينشغل الفلسطينيون في معاركهم الداخلية و يحتفلون بتحقيق الانتصارات على بعضهم البعض تدور المعركة الحقيقية على مستقبل القضية الفلسطينية من خلال المفاوضات التي تجري منذ ثمانية شهور و التي يحاول كيري ان تنتهي بالاتفاق على وثيقة يقدمها و يقبل بها الطرفان ، خاصة الجانب الفلسطيني  تسمح بالاستمرار بهذه المفاوضات لمدة سنة اضافية بحجة عدم وجود بدائل اخرى او تنتهي فترة التسعة الشهور دون وثيقة و دون تمديد يساعد في ذلك الانشغال الدولي، خاصة الامريكي في المشكلة الاوكرانية التي من المتوقع ان تتصدر اهتمام الدول العظمى في الاسابيع و ربما الشهور القادمة.

الجانب الامريكي يتحدث بثقة عالية جدا أن بالامكان التوصل الى اتفاق اطار في ظل تقديرهم ان الاطراف المتفاوضه ،خاصة الطرف الفلسطيني، لا يملكون خيارات اخرى و انه على  الرغم من التلويح باللجوء الى خيارات اخرى، ولكن تقديرهم ان الجانب الفلسطيني في وضعه الحالي غير قادر على تحمل النتائج السياسية و الاقتصادية المترتبة على ذلك. هذا على الرغم ان كيري و الادارة الامريكية يدركون ان ما يُطرح على الفلسطينيين هو اقل بكثير من الحد الادنى من طموحاتهم وهو اقرب بكثير الى الموقف الاسرائيلي .

قد يكون من المفيد التذكير انه خلال الثمانية شهور الاخيرة من المفاوضات و التي وافق الرئيس عباس عليها بعد التنازل عن الشرط الذي تم التمسك به لمدة ثلاث سنوات متواصله وهو لا مفاوضات في ظل الاستيطان تم التنازل عن هذا الشرط مقابل اولا الافراج عن كافة الاسرى الذين اعتقلو قبل اوسلو حيث تم الاتفاق علـى ان يتم الافراج عنهم على اربع دفعات، تم تنفيذ ثلاثه منها و الدفعه الاخيرة و الاكثر اهمية من المفترض ان تتم نهاية هذا الشهر حيث تشمل ما تبقى من هؤلاء الاسرى و الذين في غالبيتهم من فلسطيني الداخل و على رآسهم عميد الاسرى الفلسطينيين و العرب الاخ و الصديق كريم يونس. وثانيا ان تكون فترة هذة المفاوضات محددة بفترة تسعة شهور فقط و ذلك لكي لا تصبح المفاوضات الى الابد تستغلها اسرائيل كغطاء لاستمرار النشاطات الاستيطانية التي لم تتوقف لحظة واحدة.

هذة المفاوضات وصلت الى مرحلة الحسم حيث و بعد لقاء الرئيس عباس المرتقب مع الرئيس اوباما منتصف الشهر الجاري و الذي من المتوقع ان يتم خلاله ممارسة الكثير من الضغط على الرئيس عباس للقبول بوثيقة كيري التي تتنقص الكثير من الحقوق الفلسطينية خاصة في كل ما يتعلق بالقدس و اللاجئين و الاعتراف بيهودية الدولة و تثبيت المفهوم الجديد المتعلق بالكتل الاستيطانية. لذلك من غير المتوقع ان يوافق الرئيس عباس على هذة الوثيقة كما يطرحها كيري او كما تم التطرق لها بشكل غير رسمي في وسائل الاعلام المختلفه ، هذا على الرغم ان الامريكان يتحدثون بثقة على انهم سينجحون في اقناع الطرفين على وثيقة الاطار التي ستفتح الطريق امام استمرار المفاوضات لمدة سنة اخرى على الاقل.

الجانب الفلسطيني الذي يتعرض الى ضغوط شديدة و من المتوقع ان يزداد هذا الضغط خلال الايام و الاسابيع القادمه بهدف تقديم تنازلات غير قادر و غير راغب على تقديمها او على الاقل ان ينتزع موافقه فلسطينية على استمرار هذة المفاوضات. لكن الامريكان و الاسرائيليون يدركون انها لن تكون هناك موافقه مجانية على تمديد المفاوضات دون ان يتم الافراج عن الدفعه الرابعة من الاسرى حيث يدعي نتنياهو انه لم يتعهد لكيري بالافراج عن اسرى الداخل و لكن في ظل الموافقه الفلسطينية على استمرار المفاوضات لن يواجهه صعوبه في تنفيذ هذا الشرط.

الامر الاخر و المهم هو لكي يتم استدراج الفلسطينيين لاستمرار المفاوضات لابد ان يتم اتخاذ قرار بتجميد النشاطات الاستيطانية خلال فترة المفاوضات القادمه، هذا ما صرح به الرئيس عباس خلال لقاءه معه زعيمة كتلة ميرتس زهافا غلئون في المقاطعه امس و هذا ما كرره الدكتور نبيل شعث خلال محاضرته امس امام طلاب اسرائيليين في جامعة تل ابيب.

قد يكون من وجهة نظر العديد على ان كل الخيارات الاخرى المطروحه هي كارثيه بالنسبة للجانب الفلسطيني كما عبر عن ذلك عضو اللجنة المركزية الاخ محمد المدني. لكن على افتراض ان هذا الامر سيكون مطروحا على الطاوله و ان ضغطا سيمارس على الرئيس عباس للقبول به و ان ضغطا مماثلا سيمارس على نتنياهو للموافقه علي تجميد النشاطات الاستيطانيه، يجب ان ندرك انه و منذ الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية عام ٦٧ لم تتوقف النشاطات الاستيطانية لحظة واحدة ، بما في ذلك الفترة الزمنية التي اعلنت فيها اسرائيل تجميد نشاطاتها الاستيطانية لمدة تسعة شهور قبل حوالي الثلاث سنوات و اعتبر ذلك تنازلا كبيرا جدا من نتنياهو و الحكومة الاسرائيلية.

يجب الانتباه ان المفهوم الاسرائيلي لتجميد الاستيطان هو ان  القدس خارج اي اتفاق و ان الاستيطان فيها  سيتواصل في كل الظروف و الاحوال، و ان التجميد ايضا لن يشمل الكتل الاستيطانية التي يدعي الجانب الاسرائيلي انها ستبقى جزء من اسرائيل في اي اتفاق سياسي و لكن المشكله انه لم يعد مفهوم ما هو المقصود بهذه الكتل الاستيطانية بعد ان تم توسيع هذا المفهوم في الاشهر الاخيرة حيث اعتبر نتنياهو ان بيت آيل على سبيل المثال و كل المستوطنات القريبة من الجدار و كل مستوطنتين متواصلتين هم يعتبرون انها جز من الكتل الاستيطانية، هذا يعني ان غالبية المستوطنات هي اليوم تعتبر جزء من الكتل الاستيطانية. اضافه لكل ذلك ستحتفظ اسرائيل بموقفها بمواصلة النشاطات الاستيطانية في كل ما يتعلق بالنمو الطبيعي و المنشآت العامه كما فعلت في التجميد المزعوم قبل ثلاث سنوات. 

هذا يعني انه لن يكون تجميد حقيقي للاستيطان و ان التجميد سيكون على الورق فقط لكي يتم استدراج الجانب الفلسطيني لتمديد فترة المفاوضات، لذلك عندما يتم الحديث عن تجميد يجب ان يكون واضحا انه سيشمل كافة النشاطات الاستيطانية بما في ذلك مستوطنات القدس و محيطها و ان يكون هناك آليه دولية للرقابه على هذا التجميد. التزام اسرائيل بهذا الامر هو من وجهة نظري امر اقرب الى المستحيل.

على اية حال، يجب ان يدرك كيري و تدرك اسرائيل ان الشعب الفلسطيني بفصائله وقياداته يقف خلف الرئيس عباس في رفضه للضغوط الامريكية و الاسرائيلية ، و ان حركة فتح بقياداتها و كوادرها و عناصرها و مؤيديها يقفون خلف الرئيس العباس في رفضه لهذة الضغوط و تمسكه بالثوابت الفلسطينية الذي يحفظها الجميع عن ظهر قلب، و ان اي محاولة من بعض المطبلين و المزمرين بآن هناك من يقف مع الرئيس و هناك من يقف ضده في معركته السياسيه هو تظليل مكشوف للراي العام الفلسطيني و تزوير للحقائق ، ليس لدي معرفه عن اي فلسطيني يشجع الرئيس او يعمل على اضعاف موقف الرئيس في معركته السياسية و ان استغلال خلافات شخصية ضيقة و تنظيمية لها علقة بمسح تاريخ ابناء فتح و تجريدهم من وطنيتهم، و تغليف ذلك بغلاف وطني هو عمل تضليلي ظالم و مجحف بحق فتح و تاريخها وحق ابناء فتح و تاريخهم الذي كتبوه بالدم و الالم و المعاناة.