هل يريد الفلسطينيون المفاوضات؟ بقلم: منيف عبدالله الحوراني

هل يريد الفلسطينيون المفاوضات؟   بقلم: منيف عبدالله الحوراني
هل يريد الفلسطينيون المفاوضات؟ بقلم: منيف عبدالله الحوراني
هل يريد الفلسطينيون المفاوضات؟

  بقلم: منيف عبدالله الحوراني   من يريد المفاوضات؟  إذا كان هذا سؤالاً صحيحاً، فجوابه أن لاأحد يريد المفاوضات. لكنَّ الأصح، هو أن هذا السؤال غير صحيح أساساً. إذ يُفترض، أن المفاوضات، بحد ذاتها، ليست هدفاً أو مطلباً يسعى إليه من يريدون شيئاً، إنما يُفترض أنها إحدى الأدوات الإطاريه، حيث يسعى كل من الأطراف المتفاوضه لفرض اتفاق يتضمن قبول الطرف الآخر بمطالبه، متسلحاً بنقاط قوةٍ اكتسبها خارج قاعة المفاوضات. ورغم هذه الديباجه أعلاه، فالأميريكيون يريدون المفاوضات، لأن الأميريكيين يعتقدون أن حالة المفاوضات المنعقده تضع في أيديهم دليلاً على قوة التزامهم المعلن بإحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو دليلٌ يستخدمونه لفرض الشعور بالإمتنان والكفايه والرضى على من لاحول لهم ولا قوه من بين طرفي المفاوضات. وأيضاً رغم الديباجه أعلاه، فالإسرائيليون، بدورهم، يريدون المفاوضات، بل ويريدونها أكثر من الأميريكيين. الإسرائيليون يستمتعون ويندمجون في المفاوضات، والمفاوضات هي كل مافي الأمر بالنسبة للإسرائيليين. استئناف المفاوضات، تعثر المفاوضات، تقدم في المفاوضات، حهود لاستئناف المفاوضات، تأجيل المفاوضات، اختراق في المفاوضات، ... وهكذا. إسرائيل، في الجوهر، لاتقيم أي وزن لجوهر المفاوضات أو لتقييمها أو لتوصيفها، ومفاوضات الحل النهائي، هي عبارة لاتعني شيئاً للإسرائيليين، فالمفاوضات بالنسبة لإسرائيل هي عين وقلب وكبد الحل النهائي. المفاوضات هي هدف المفاوضات، والإتفاق على الذهاب إلى جولة مفاوضات قادمه هو، عند الإسرائيليين، الهدف الأسمى لجولة المفاوضات التي تسبقها. الإسرائيليون والاميريكيون متفقون على قسم المفاوضات إلى مرحلتين رئيسيتين. أولى تمتد لتشمل مفاوضات الحل النهائي، ويتم خلالها الإستجابه لكل مطالب الإسرائيليين، بينما تتم مناقشة الأمور العالقه، وهي كل مطالب الفلسطينيين، خلال المرحله الثانيه، مرحلة مفاوضات ما بعد الحل النهائي. فهل يريد الفلسطينيون المفاوضات؟ ام هل يذهب المفاوض الفلسطيني إلى المفاوضات لنفس الأسباب الإسرائيليه؟ اي للتحايل على ضرورة تحقيق تقدم فعلي في ملف القضية الوطنيه للفلسطينيين. هل يتخيل المفاوض الفلسطيني، الغير مُفوَّض، أن الفلسطينيين سيخرجون من المنافي والقهر والذل، مهللين مكبرين لوهم النصر الإفتراضي، زاحفين زرافاتٍ زرافات، شيباً وشباناً، أفراداً وجماعات، كي يعودوا إلى أرض المفاوضات، ليعيشوا في وطن المفاوضات ويقيموا عليه دولة المفاوضات ذات السياده. الفلسطينيون لايريدون المفاوضات، وبعد المفاوضات كما قبل المفاوضات، وحتى وإن سميت مفاوضات الحل النهائي، سيحتفظ الفلسطينيون بكامل حقهم في المطالبة بكامل حقوقهم، التي لم يُنص عليها في اتفاقيات الحل النهائي، ذلك أن اتفاقيات الحل النهائي التي ستنتج عن مفاوضات الحل النهائي غير ملزمه لأي فلسطيني إلا من أراد، فالإلزام يشترط بداية أن يكون هذا الطرف الفلسطيني الموقع على تلك الإتفاقيات أو ذاك ممثلاً للفلسطينيين، وهنا يتوجب عليه أولاً أن يقنع الفلسطينيين كي يُكسبوه صفة تمثيلهم للتضحية بهم. الفلسطينيون لا يريدون المفاوضات. الفلسطينيون لا يريدون تحريك عملية السلام ولا يريدون عملية السلام، لا بل أن السلام نفسه لايعني الفلسطينيين الآن في شيء. السلام ... السلام ... من برج هوائي، لا ترابي ولا مائي. شيء يشبه البيئه. يعيش المرء في بيئة من الهواء الملوث أو يسعى لتخفيف انبعاثات الغاز ليحولها إلى بيئة من الهواء النظيف، لكن المرء في كل الأحوال يعيش فوق ذلك التراب على شاطئ ذلك الماء. وهكذا فالسؤال الأهم من السلام الآن، هو أين يعيش الفلسطينيون بسلام؟  الفلسطينيون يريدون أن يعيشوا في وطنهم ويلتزمون بأن يعيشوا فيه بسلام إلى جانب شعوب المنطقه. هذا هو مطلب الفلسطينيين، وإذا كان لابد من مفاوضات على هذا الطريق، فلدى الفلسطينيين نقطتا قوه لاستخدامهما في مسألة المفاوضات. الأولى انهم شعب حيّ موجود على الأرض دون مفاوضات، والثانيه أن لايذهبوا إلى المفاوضات.