لماذا على حماس أن تتصالح مع دحلان؟ بقلم : حازم قاسم

لماذا على حماس أن تتصالح مع دحلان؟  بقلم : حازم قاسم
لماذا على حماس أن تتصالح مع دحلان؟ بقلم : حازم قاسم

لماذا على حماس أن تتصالح مع دحلان؟

بقلم : حازم قاسم

تعيش الحالة الفتحاوية على مستوياتها التنظيمية المختلفة حالة من الارتباك الداخلي، مع تصاعد الصراع بين الرئيس محمود عباس والملتفين حوله من قيادة فتح ولجنتها المركزية، وبين النائب الفتحاوي دحلان، وما يمثله من امتدادات تنظيمية واسعة في قطاع غزة، وبعض المناطق في الضفة الغربية.

ووصلت حالة الارتباك الفتحاوية إلى طريقة تعاطيها مع ملف المصالحة مع حركة حماس والتعامل مع ملف قطاع غزة. وبدأ الحديث يدور عن اتصالات ومصالحات تجريها حماس مع تيار النائب دحلان، واجتماعات رسمية على أعلى مستوى تتم بين حماس وممثلي الرئيس عباس في القطاع. وبدأت تطرح الأسئلة.. هل تريد حماس أن تتصالح مع دحلان أم مع عباس، وهل تلعب الحركة على التناقضات بين الرجلين محاولة استغلال هذه الخلافات؟

في البداية يجب أن توجه هذه الأسئلة إلى حركة فتح نفسها لا إلى حماس؛ فحركة فتح هي التي تنقسم على نفسها بين تيارين، أحدهما يمثل القيادة الرسمية لحركة فتح بكافة مناطقها، والآخر مفصول رسمياً من الحركة، لكنه يشكل  القيادة الفعلية للجزء الأكبر من الفتحاويين في قطاع غزة !

كما أن حركة حماس إذا راحت تتحسس نقاط الافتراق بين التيارين فلا تجد خلافاً يُذكر، إلا خلافاً شخصياً بين عباس ودحلان، بعدما قام الأخير بالتعريض بأبناء الرئيس في "قضايا فساد".  فليس هناك خلافاً إيديولوجياً، ولا أن الرجلين اختلفا في النهج السياسي في التعاطي مع القضايا الكبرى للشعب الفلسطيني مثل اللاجئين والقدس وحدود الدولة، ولن تجد أن لكل من الرجلين اجتهاده حول طبيعة العلاقة مع الاحتلال هل هي مقاومة أم مهادنة، وينسحب الأمر نفسه على مواقفها الإقليمية، فمثلاً يقف الرجلان إلى جانب الجيش المصري في صراعاته الداخلية. عدا عن خروج أيٍ منها عن الخطوط العامة للسياسة الأمريكية في المنطقة.

وبالعودة إلى دحلان، فان العلاقة بينه وبين حماس بلغت أوج انحدارها مع تزعم دحلان لمحاولة إسقاط حكومة حماس المنتخبة بالقوة المسلحة. ولكن السؤال ألم يفعل دحلان ذلك بغطاء رسمي من الرئيس عباس، وألم يقم الأخير بتوفير الأموال والاتصالات الإقليمية لدحلان لتنفيذ مخططه، حتى أن المجموعات العسكرية التابعة لدحلان كانت تتخذ من بيت الرئيس عباس مقراً لها. وإذا كان دحلان عمل على إسقاط حماس بالقوة المسلحة كما تقول حماس، فان الرئيس عباس حاول فعل الأمر نفسه عبر اتصالاته السياسية وعلاقاته الدبلوماسية.

وبالعودة إلى الوراء قليلاً، مع بداية العلاقة العدائية بين دحلان وحماس، التي تشكلت على إثر  الحملة الشرسة التي شنتها الأجهزة الأمنية المختلفة للسلطة ضد حماس بعد سلسلة العمليات الفدائية التي قامت بها حماس في العام 1996 ضد أهداف إسرائيلية. حينها كان دحلان يقف على رأس جهاز الأمن الوقائي في غزة، الذي كان أكثر الأجهزة شراسة في التعامل مع عناصر حماس. ولكن لإكمال الصورة يجب القول أن هذه الحملة وما تلاها كانت تتم بأوامر عليا من السلطة الفلسطينية، ومن الرئيس الراحل ياسر عرفات شخصياً، الذي كان يقف على يمينه الرئيس عباس. وأكثر من ذلك أن جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية حينها كان يقف على رأسه جبريل الرجوب، الذي يقف الآن في صف الرئيس عباس.

وفي الوقت الحالي، فان الرئيس عباس ما زال مصراً على تعامله بنفس الطريقة مع قطاع غزة، ولعلنا نذكر كيف أن الرئيس رفض أن يعفي غزة من بعض ضريبة وقود محطة الكهرباء حينما كانت غزة تغرق في الماء، وينهش جسدها برد المنخفض الشهير. وهو اليوم يقف متفرجاً على الحصار المضروب عليها، بل ويعمل على الاستفادة من ذلك سياسياً عبر ابتزاز مواقف سياسية من حماس، ويواصل رجاله التحريض على الحركة في الإعلام المصري.

الهدف من سرد التفاصيل السابقة هو الوصول إلى نتيجة أن عباس ودحلان لا يختلفان في نظرتهما لحماس ولا للقضية الفلسطينية، فحماس هنا ليست في وارد المفاضلة مثلاً بين تيار وطني وآخر مفرط.. ولا بين تيار يحارب الاحتلال وآخر يهادنه.. ولا بين من يحاصر غزة وبين من دافع عنها؛ لذا فان حماس مطلوب منها أن تنظر إلى القوة الحقيقة التي يمكن أن تتم المصالحة معها على الأرض، خاصة في قطاع غزة.

معروف أن النائب دحلان هو الأكثر حضوراً على المستوى التنظيمي في قطاع غزة، ولا يملك عباس من الحضور إلا بعض المناطق البسيطة، والشخصيات غير الفاعلة، بالإضافة إلى قوته النابعة من قدرته على إعطاء كوارد فتح الرواتب بشكل منتظم. وقد تبدى ميزان القوى الفتحاوية واضحاً بعد زيارة وفد اللجنة المركزية لقطاع غزة، حيث صدمه حجم التأييد لدحلان بين صفوف كوادر فتح في القطاع.

على حماس أن توازن الأمور، وتحاول أن تقيم خطوط اتصال بين الجانبين، ولا تقع تحت تأثير مزايدة البعض خاصة في قضية دحلان، الذي قلنا أنه لا يختلف عن الرئيس عباس في شيء يذكر.

 والأهم من ذلك نتمنى أن توحد حركة فتح صفها ورؤيتها ، وأن تعود أكثر قوة وحضوراً في المشروع الوطني الحقيقي الذي يريد فتح قوية موحدة، لا فتح ضعيفة ومفككة.