السياسة الرعناء لأوباما وتراجع سوق السلاح الأميركي !! ...بقلم: هاني حبيب

السياسة الرعناء لأوباما وتراجع سوق السلاح الأميركي !! ...بقلم: هاني حبيب
السياسة الرعناء لأوباما وتراجع سوق السلاح الأميركي !! ...بقلم: هاني حبيب

السياسة الرعناء لأوباما وتراجع سوق السلاح الأميركي !! ...بقلم: هاني حبيب

تراجع السياسة الأميركية على المستوى الدولي، وتقلص دور الولايات المتحدة في التأثير على الخارطة السياسية العالمية، الأمر الذي بات متعارفاً عليه لدى أوساط المحللين السياسيين في الولايات المتحدة وخارجها، ووفقاً لاعترافات العديد من المقربين لصناعة القرار في الولايات المتحدة، هذا التراجع لا ينعكس فقط على الدور المؤثر للولايات المتحدة على الصعيد الخارجي، بل انه أكثر تأثيراً على الأوضاع الداخلية، على المستويات السياسية والاقتصادية تحديداً، الأمر الذي ينعكس سلباً على تراجع شعبية إدارة أوباما وفقاً لاستطلاعات الرأي، كما ينعكس في الجدل الداخلي في أروقة المؤسسات السياسية، كالكونغرس ووزارتي الخارجية والدفاع، وهما الوزارتان الأكثر تلمساً لانعكاسات السياسة الخارجية على الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة.
إلاّ أن أبرز مؤشر على انعكاس هذه السياسة يتجلى في تأثيراته على الدور العسكري للولايات المتحدة، خاصة في مجال صناعة الأسلحة الأميركية وتسويقها، داخلياً وخارجياً، فعلى المستوى الداخلي شهدت أروقة الكونغرس خلال الأشهر الأخيرة، سجالات ونقاشات حادة، اثر اقتطاعات متتالية على الميزانية العسكرية للولايات المتحدة، التي رفعت الصوت عالياً لما لذلك الأمر من ضرر على قدرات اميركا الدفاعية, شركات صناعة الاسلحة الكبرى مثل "جنرال دايمكس" و"لوكهيد مارتن" رفعت الى الكونغرس وثيقة تعبر عن السخط من قرارات خفض الميزانيات والاعتمادات لوزارة الدفاع، الأمر الذي ينسحب على شركات تصنيع الأسلحة التي تزود القوات الأميركية بالسلاح، ما يترك آثاره على هذه الصناعة، خاصة في مجال الأيدي العاملة، حيث ستضطر هذه الشركات إلى فصل عشرات آلاف العمال والموظفين والخبراء نتيجة لهذه التقليصات، علماً أن التقليص الأول شمل 80 مليار دولار في حين تدرس ادارة اوباما الاقدام على تقليص 110 مليارات اخرى، لهذا توافقت شركات انتاج الاسلحة في اميركا على القيام بحملة اعلامية وعلاقات عامة لوقف هذه التقليصات بتكاليف تبلغ 97 مليار دولار، للتأثير على أعضاء الكونغرس من أجل رفض اقرار أية اقتطاعات اضافية على ميزانية الدفاع.
غير أن ما تعانيه شركات صناعة السلاح الاميركية لا يعود فقط الى اقتطاعات الميزانية الدفاعية الاميركية، بل وأيضاً إلى تراجع سوق السلاح الاميركي على المستوى الدولي، ذلك أن ما يسمى بالمساعدات العسكرية الأميركية في اطار التسليح للدول الصديقة، ليست بمساعدات مجانية، فاضافة إلى البعد السياسي، هناك بعد اقتصادي قلما يتم التحدث عنه، ولنأخذ على سبيل مثال قريب، ذلك أن ما تقدمه الولايات المتحدة لجمهورية مصر العربية على هذا الصعيد هو 1,3 مليار دولار أسلحة سنوياً، لكن هذه المساعدات تهدف إلى اعتماد مصر على السلاح الأميركي وتوفيق العقيدة العسكرية المصرية للاعتماد كليا على السلاح الأميركي، في العام 2010 استوردت مصر من الولايات المتحدة بقيمة خمسة مليارات دولار، الأمر الذي يعود على تجارة السلاح الأميركية بالنفع والفائدة، ذلك أنه وفقاً للعقيدة العسكرية والتسليحية للدول التي تتلقى المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة لا تجد أمامها إلاّ الولايات المتحدة بشكل أساسي للتزود بالسلاح.
ولكن نظراً للسياسة الأميركية الرعناء في ظل إدارة أوباما، فإن سوق السلاح الأميركي قد تراجع بالتوازي مع تراجع السياسة الأميركية، ويظل المثال المصري حاضراً في هذا السياق، ذلك أن هذه السياسة أدت إلى أن تتحول القاهرة لشراء أسلحة من الاتحاد الروسي، ويقال إن الصفقة التي تم الاتفاق عليها بدعم مالي سعودي ـ إماراتي يبلغ عشرة مليارات دولار، لخمس سنوات قادمة، بواقع ملياري دولار سنوياً، كان من المفترض أن تذهب إلى صناعة الأسلحة الأميركية، يضاف إلى ذلك أن دولة مثل تركيا، العضو في حلف الناتو، بدأت تتجه إلى استيراد اسلحتها من روسيا ايضاً، في حين أن السعودية ستحول أسلحة فرنسية إلى لبنان بواقع ثلاثة مليارات دولار، والسعودية نفسها والتي تعتبر أكبر مستورد للسلاح في الشرق الأوسط من السوق الأميركية، أخذت نتيجة لسياسة إدارة أوباما، تندفع تدريجياً لاستيراد السلاح من مصادر أخرى، إضافة إلى الاعتمادات المالية كمساعدات لشراء السلاح من مصادر غير أميركية لدول أخرى من أهمها مصر كما أسلفنا!!
العنصر الثالث المؤثر على تراجع سوق السلاح الأميركي، يعود إلى العلاقات الاستراتيجية الأميركية ـ الإسرائيلية، وبمقتضى هذه العلاقات، فإن الولايات المتحدة ترعى صناعة السلاح الإسرائيلية دعماً مالياً وفنياً، غير أن إسرائيل تنافس أميركا في سوق السلاح الدولي، وهي أقدر على الترويج لأسلحتها بالنظر إلى أن الولايات المتحدة، تضع شروطاً لتصدير الأسلحة قد لا تقبل بها العديد من الدول، غير أن إسرائيل لا تضع مثل هذه الاشتراطات مما يسهل عليها تسويق أسلحتها المدعومة مالياً وفنياً من قبل صناعة السلاح الأميركية!
صناعة السلاح الأميركية تعتبر العماد الأساسي مع صناعة النفط للاقتصاد الأميركي، والأكثر تأثيراً على المستوى السياسي الداخلي والخارجي في الولايات المتحدة، وتؤثر تأثيراً مباشراً على القوة العاملة الأميركية، وتراجع هذه الصناعة يترك آثاراً عديدة وخطيرة على الاقتصاد والمجتمع الأميركي، دون تجاهل العنصر الأهم في هذا السياق، وهو الدور السياسي للولايات المتحدة كقوة كبرى مؤثرة على التوازنات السياسية الأميركية!!
hanihabib1954@gmail.com