توقيت وحجم الحرب القادمة على غزة لعبد الله الحمارنة

توقيت وحجم الحرب القادمة على غزة لعبد الله الحمارنة
توقيت وحجم الحرب القادمة على غزة لعبد الله الحمارنة

تقديرات الحرب القادمة على غزة للكاتب الفلسطيني عبد الله الحمارنة

عندما تضطرب أمور بلد ما تكثر التحليلات غير المنطقية التي يتم تداولها على جميع الصعد داخل وخارج هذا البلد وتتحول الى اشاعة، وقبل الخوض في غمار أي تحليل ننصح المراقبين بوجوب التدقيق في الكثير من العوامل التي تتداخل مع تحليلاتهم، ونضع هنا مثال ذلك التحديات التي وردت في تقرير تحليلي لعاموس يدلين - رئيس معهد الدراسات الأمنية والقومية ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق – والتي كان من أبرزها مواجهة عسكرية مع حماس في جنوب فلسطين المحتلة، والتنظيمات الإسلامية في سوريا و تأثيرها القادم على اسرائيل، مواجهة مع حزب الله في الشمال, واندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، لكن هذه التنبؤات لم تحدث على أرض الواقع نظرا لعدم الدقة في فحص كافة الجوانب أثناء عملية التحليل.

عامل مهم اخر يجب مراعاته أثناء عملية التنبؤ او التحليل و هو سرعة تطور الأحداث ولكن اذا اردنا وضع تحليل مع بداية عام 2014م فيجب أن نراعي عدة امور من أهمها احتياجات واهتمامات وخطط اسرائيل الأمنية في القضايا العربية والفلسطينية والدولية، كما يجب مراعاة حجم التهديدات التي تواجهها اسرائيل و التي أصبح حلها مهمة معقدة جداً في بعض القضايا، كما أن أي تحليل لا يجب أن يبنى على معطيات انية أو تصريحات تخرج من أي جانب من جوانب الصراع، فمثلا يرى عاموس يدلين أن أهم قضيتين يجب أن تركز اسرائيل عليهما في العام 2014 هما قضية البرنامج النووي الايراني والمفاوضات مع الفلسطينيين، لكن بعض المحللين على الساحة الفلسطينية صدع رؤوسنا بطبول الحرب وقتل الناس رعبا.

لا نقول أن خيارات الحرب على غزة غير واردة بل انها واردة لكنها لا تحتل نسبة عالية على الأقل في الوقت الراهن، فإسرائيل تتمتع بتوازن استراتيجي مهم لها وهي حريصة على عدم اضاعته الا وهو تمتعها بهدوء تام تقريبا على حدودها فلم تندلع حروب ولا حتى عمليات عسكرية مقلقة في العام المنصرم وهي معنية باستمرار هذا الوضع حتى لا تشغل دوائرها القضايا الهامة لها، وعلى الرغم من الاضطرابات التي يعيشها العالم العربي وانشغال اسرائيل بمراقبة الوضع في بعض الدول الهامة كمصر وسوريا واهتماها بالوضع في الأردن، الا انها معنية بالحفاظ على اتفاقيات السلام بين اسرائيل ومصر والاردن.

ومن العوامل التي تحدد الحرب من عدمها هو خسارة اسرائيل لبعض مكتسباتها في الفترة السابقة، فمثلا خسرت اسرائيل المعركة مع ايران على الساحة الدولية ولم تفلح في اقناع العالم بتنفيذ عمل عسكري ضد ايران، هذا يعني ان اسرائيل يجب ان تجد حلول حتى لا تخسر الدعم الامريكي.

التحليلات الاسرائيلية أيضا أفادت أن اسرائيل ايضا مشغولة بإضعاف القوى العسكرية المحيطة بها وفحص خريطة التحالفات من حولها، فمثلا الجيش السوري ضعف نتيجة انخراطه في الحرب الأهلية بشكل كبير وتآكله و خسارته الكثير من عتاده، ولكن من جانب اخر على اسرائيل ان تحل مسالة تزويد ايران لحزب الله بصواريخ تغطي كافة مناطق فلسطين المحتلة ودراكها أن الهجمات التي نفذتها ضد السلاح المنقول الى حزب الله لم تثنه عن مواصلة التسلح.

وهناك عوامل تعتبرها اسرائيل لصالها تأخر عملية عسكرية في غزة، كالوضع القائم في مصر الان، والاختلاط الواسع للمصالح بين إسرائيل والدول العربية المنتسبة للعالم السني المعتدل وبالأخص بين دول الخليج العربي على حد تعبير رئيس معهد الدراسات الأمنية والقومية ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين، وهذا يتمثل على أساس رؤية مشابهة للتطورات المرتبطة بالموضوع الإيراني والسوري والمصري, وأيضا على أساس الأولويات المتشابهة في خصوص التغيرات الجارية في العالم العربي.

أما في الحلبة الفلسطينية فالتطورات على حد تعبير قيادات في الجيش الاسرائيلي والحكومة فهي تسير لصالحهم، فخسارة حماس لإيران وسوريا حيث كانا الأذرع المساندة لها أدى الى اضعافها واسرائيل غير معنية بشن حرب على غزة واعطاء حماس الفرصة لتزيل اجزاء واسعة الحصار.

الوضع القائم داخل غزة خلق تحدي واضح لحماس مما سمح لفتح والسلطة الفلسطينية مجالا لحرية التصرف وهكذا أصبح من الممكن استئناف المفاوضات مع إسرائيل على اتفاق دائم مما أدى إلى تقليل الضغط الدبلوماسي الدولي والضغط الأمني على إسرائيل وبطّأ بشكل مؤقت على الأقل من الحملة القائمة على إلغاء شرعية إسرائيل في السنوات الأخيرة