تمرد ... بقلم د.م اسامة العيسوي وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات

تمرد ... بقلم د.م اسامة العيسوي وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات
تمرد ... بقلم د.م اسامة العيسوي وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات

تمرد ... بقلم د.م اسامة العيسوي وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات

 بعد حراك ١٥ آذار في عام ٢٠١١، وفي مقال (أيها الشباب: تهانينا)، قلت أن الشباب الداعي لذلك الحراك ينقسم إلى ثلاث فئات: فئة مقلدة، وفئة محرضة، وفئة الشباب الواعي المنتمي لشعبه ولدينه ولوطنه. وفي هذا اليوم أقول أن الشباب أصبح أكثر وعياً وفهماً وانتماءً، رغم زيادة الإشكاليات المحيطة بهم. وما دفعني في حينه إلى ذلك التصنيف هو الرؤيا الواقعية والتحليل الميداني للشباب، وخصوصاً بعد الربيع العربي ودورهم فيه، وبعد غزو الإعلام الجديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وإغرائه للشباب باقتحام العالم الافتراضي، ليعبر من خلاله عن همومه وواقعه ونواياه، عساه يجد من يلملم أحلامه وأفكاره بل ويتبناها، ليبدأ حقبة جديدة في تاريخ الأمة. وأما بعد بدء انطواء الربيع العربي، ولا أقول ذبول أو انتهاء، فهو في مرحلة إعادة التشكيل، من خلال نزع النباتات الضارة التي نمت بين الورود، وأثرت في بعض الأحيان على الثمرات بتلفها، أو بكسر أفرعها، ولكن الجذور ترسخت أكثر في العقول، فلم يعد الخوف كبيراً على الربيع العربي من الفلول أو الذبول، وإن كان قائماً حتى الآن، بعد هذا الانطواء وظهور حركة تمرد في مصر، واعتقاد البعض أنها سبب الانقلاب، بدأ بعض الشباب يقلد هذه الظاهرة، ومنها هنا في غزة. ومن أول لحظة، قلنا أن هذه الظاهرة لن ترى النور، ولن يكون لها تأثير مجتمعي ميداني، وأن هذه الفئة من المجتمع بحاجة إلى احتواء، فلقد ضلت الطريق. وهنا انحصر تصنيف الشباب إلى فئتين: فئة مقلدة محرضة تريد الانقلاب من أجل الفوضى ولا هدف لها، وفئة واعية وهي تمثل السواد الأعظم من الشباب، وليس بالشرط أن تكون راضية عن الواقع الحالي، وهذا أمر طبيعي، لا خلاف عليه طالما أن الهدف واحد وهو تحقيق المصلحة العامة، والوصول إلى خير المجتمع، وإحداث حالة حقيقية من الإصلاح والتغيير، فالدعم كل الدعم لهذه الفئة من الشباب، والتأييد الكامل لكل نشاطاتهم. وأما الفئة القليلة، وأؤكد القليلة جداً من الشباب الذي أعلن عن عدة فعاليات في الأشهر الأخيرة، لم يشاركوا حتى هم أنفسهم في تنفيذها، مثل التصفير وضرب الطناجر، والتكبير، فلم نسمع في حينها إلا صفارات الحكام في مباريات كرة القدم، أو قرع الطناجر في المطابخ حين تنظيفها في الولائم والمناسبات، والتكبير حينما صدحت تكبيرات العيد والمساجد مع كل آذان، لتذكر هذه المجموعة الواهية والواهمة، أنه لا فلاح إلا مع الحق، ولا حق إلا مع الهداية، ولا هداية إلا باتباع طريق المصطفى محمد عليه السلام، وتقليد سنته وهديه، وليس هذا التقليد الأعمى لفئة ساقطة في بلد مجاور، استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. وقلنا وما زلنا نقول أن هذه الفئة من الشباب لا تتعدى عن كونها خفافيش العالم الافتراضي، لن نراها على أرض الواقع في الميدان، حتى لو ظهر بعضهم هنا أو هناك في هذا اليوم. هذه ظاهرة للأسف أخذت اهتماماً أكبر من حجمها ومن حقيقتها، وذلك بسبب تسابق العديد من الشباب بالرد عليهم أنهم لهم بالمرصاد، وأنهم سيضربون بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يزعزع أمن وأمان هذا البلد. فلا مكان لتمرد بيننا. ومع ذلك ولأنهم جزء من مجتمعنا فإنني أطالب الجهات ذات الاختصاص حكومية وغير حكومية بدراسة هذه الحالة، والتحليل النفسي والمجتمعي لهؤلاء الشباب والعمل على علاجهم، فهم أيضاً مسؤولون منا، حتى لو أضاعوا البوصلة. كلمة أخيرة أقولها للمؤسسات الحكومية والمجتمعية: المزيد المزيد من إفساح المجال للشباب، فشبابنا يحتاج المزيد من الحرية، حرية التعبير، وحرية الحركة، وحرية المشاركة، وحرية الكلمة فهي أساس الديموقراطية، التي تسعون لترسيخها، ليعيش الشعب حراً أبياً. وللشباب الواعي أقول: هؤلاء إخوانكم، فخذوا بأيديهم إلى الطريق الصواب، وأشركوهم في مبادراتكم المجتمعية، وعدلوا من مفاهيمهم الخاطئة، وأنا على يقين أنكم قادرون على ذلك، وأدعو الله أن يهديهم، وأن يشفيهم من هذا الوباء، وباء... تمرد.