المئات أصيبوا بضربات الشمس

موجة الحر تضاعف معاناة النازحين بقطاع غزة وتتسبب بوفاة فتاة وطفلة

لارا جريس خليل الصايغ
لارا جريس خليل الصايغ

مع دخول فصل الصيف يواجه النازحون المنتشرون في شتى محافظات القطاع معاناة جديدة ضاعفت معاناتهم المتعددة الى جانب القصف والقتل والتدمير والحصار والمجاعة منذ اكثر من 200 يوم في ظل الحرب البشعة التي طالت البشر والحجر والشجر ، تتمثل بموجة الحر التي تجتاحهم في الخيام التي لا تقيهم من قيظ الهاجرة ولا حرارة الشمس، وقد تسببت هذه الموجة بوفاة فتاة وطفلة واصابة المئات من النازحين بضربات الشمس.

يشار إلى أن موجة حر شديد  تؤثر على قطاع غزة، حيث بلغت الحرارة 40 درجة مئوية، في حين

يعيش قرابة 1.8 مليون غزّي داخل خيام النزوح بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وما أن تشرق الشمس حتى يغادر هؤلاء النازحين خيامهم هربا من الحر والشوب لا سيما مع انقطاع الكهرباء والوقود بحيث لا يستطيعون تشغيل اية اجهزة تكييف اومراوح لتبريد انفسهم، فيما يستخدمون المراوح الورقية والأطباق البلاستيكية وأدوات تقليدية يدوية في محاولة عابثة لمواجهة الحر، بينما كانوا يستخدمون المراوح وأجهزة التكييف في منازلهم قبل الحرب المجنونة على قطاع غزة.

وفاة الفتاه لارا الصايغ

 كانت الضحية الاولى لموجة الحر هي الفتاه لارا جريس خليل الصايغ، التي لم يتجاوز عمرها 19 عاما توفت متأثرة بإصابتها بضربة شمس قرب بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، بعد أن هربت هي وامها  من الموت والمجاعة والدمار اثر قصف الاحتلال منزلها في مدينة غزة، ودمره بالكامل وهى فى مركز الايواء بالكنيسة قبل سبعه شهور وتوجهت الى مصر بعد ما نسقت مع احدى شركات السفر. 

يقول أحد أقاربها: كان حلمها أن تعيش فقط فى مصر أن ترى الأمل بالحياة وقبل ذلك ذهب أخاها وهو مريض كلى ليتعالج ولم تستطع أن تراه كم كانت فرحانه وهى تغادر الكنيسة وتودع الناس لقد ماتت، ومات حلمها.

ويتابع: ماتت وهى فى طريقها من الطريق الأمن المخصص للمغادرين من حي الزيتون إلى رفح من ضربة شمس وامها الان فى غيبوبه تصارع الموت، والاصعب أنها سوف تدفن في الزوايده، لأننا للاسف لا نستطيع أن نحضر جثمانها إلى الكنيسة نتيجة فصل قطاع غزة إلى نصفين لأن الذى يذهب لا يستطيع أن يرجع.

يقول محمد نجم على صفحته على الفيس بوك: كنا بانتظار أم خليل وابنتها قادمتان من غزة لاستقبالهما والمبيت عندنا ليلة، ثم سفرهما إلى مصر، بعد تجاوزهما حاجز نتساريم حيث تواجد الجيش الاسرائيلي، وطوال الطريق خلال اتصالاتي مع أم خليل كانت تردد جملة واحدة " انقذونا بنتي أغمى عليها، انقذونا خلصت المية معنا " .. !

ويتابع: شعور بالعجز لا يُوصف، وبعد الاتصال مع أصدقائي في النصيرات و دير البلح، وسماعهم قصة ام خليل، قرروا المخاطرة بأنفسهم للوصول لها و لابنتها لارا، وصل الشباب و لكن كان الله قد اختار لارا شهيدة تشكوا إليه عالماً مجرماً وافق أن تُقتل عطشاً وحراً .. !

الضحية الثانية

اما الضحية الثانية فكانت الطفلة ملك سائد اليازجي ( 5 أشهر ) التي اعلن عن وفاتها داخل خيمة وسط رفح، وتم نقلها إلى  المستشفى الإماراتي جراء موجة الحر التي ضربت خيام النازحين في رفح.

وبحسب عم الطفلة محمود اليازجي، فإن الطفلة عانت من حالة جفاف التي كانت تعيش مع عائلتها في ظل ظروف النزوح القاسية التي أنهكت النازحين داخل الخيام التي لا تقي من موجة الحر الشديد.
 

النازحون يتحدثون 

يقو النازح علاء ابو شعبان- 48 عاما من مخيم بدر للنازحين برفح نعاني من نقص المياه المالحة لغسل وجوهنا وارتفاع سعرها بالاضافة الى ارتفاع سعر زجاجات المياه الصالحة للشرب ونعاني بالإضافة الى وجود الحشرات والقوارض.

اما النازح حسن كريرة النازح في مخيم تل لاسلطان برفح فيقول للقدس:  لا اتحمل حرارة الخيمة لأنني أتصبب عرقا وأشعر وكأنني في حمام ساونا فاهرب منها ، كان الله بعون النازحين خاصة النساء والصبايا اللواتي لا يستطعن الخروج من الخيمة، كما نعاني من انعدام المياه لتخفيف حدة الحر بغسل الوجوه او الاستحمام.

من جانبه قال الصحفي صلاح ابو حنيدق النازح في مخيم البركسات غرب رفح: درجة الحرارة الشديدة والرطوبة العالية، ونكاد ننفجر من شدة المعاناة ونخفف عن أنفسنا بسكب المياه النادرة على رؤوسنا، وقد اصيب العشرات بضربات الشمس.

أما اسماء احمد التي كانت تجلس بجوار اطفالها الاربعة في خيمة بسيطة قرب دوار الطيارة غرب رفح قالت للقدس: استطعنا مواجهة برد الشتاء في الخيمة، ولكننا لا نستطيع مواجهة حر الصيف، مع انعدام المياه وانتشار الحشرات والبعوض، الحياة هنا لا تطاق.

وتتضاعف معاناة الاطفال والمسنين في مواجهة هذه الموجة، حيث يقول المواطن نبيل درويش النازح في مخيم نزوح في الزوايدة: لا نستطيع اشعال النار لانضاج الطعام في ظل هذا الحر الشديد، في ظل انعدام الغاز والوقود وقطع الكهرباء، فوالده المسن واحفاده يواجهون خطر الموت جراء ارتفاع درجة الحرارة واستخدم كمادات الماء من اجل تبريد درجة حرارة اجسادهم.

يجب ايجاد حلول

وقد وجه الدكتور ياسر الوادية رئيس تجمع الشخصيات المستقلة مناشدة الى المؤسسات الدولية والجهات المختصة لدعم تشغيل مصانع الثلج وأصحاب الثلاجات الفردية لتوفير كميات كبيرة من مكعبات الجليد للنازحين في الخيام لمواجهة تداعيات موجة الحر.

واضاف الوادية في تصريح خاص بالقدس: مناشدات النازحين في الخيام يجب أن تصلكم،  ويجب أن يركز الإعلام على معاناتهم، نتحدث عن حرارة حارقة وخانقة وعن حشرات غزت الخيام وعن أمراض لا تعد ولا تحصى، مع انعدام وسائل النظافة وبالتالي انتشار واسع للأمراض المعدية، خاصة في صفوف الأطفال الذين يعانون أشد المعاناة من الحرارة وحولت معيشتهم الى حياة لا تطاق في فصل الصيف.

انتهى

غزة-القدس / علاء المشهراوي