غزة في ظلِّ الحرب.. أرقام وحقائق حول الكارثة الإنسانية والأمرض والمجاعة

شهداء غزة
شهداء غزة

تتفاقم كارثة إنسانية متعددة الوجوه في قطاع غزة، فإلى جانب الإبادة الجماعية والمجازر المتواصلة، يعيش الغزيُّون معاناةً يوميةً بعد أكثر من أربعة شهور على الحرب الصهيونية العدوانية ضد القطاع، راح ضحيتها نحو 34,238 غزيًّا بين شهيدٍ ومفقود، ونحو 76,000 جريح، ونحو 2,000,000 نازح، وارتُكِبَت في خلالها أكثر من 2,325 مجزرة.

 *▪️معاناةٌ يومية*

يعاني قطاع غزة من شحِّ المياه الصالحة للشرب، والنقص الحاد في الغذاء، والوصول إلى حافة المجاعة في محافظتَي غزة والشمال، وشحِّ المياه الصالحة للاستخدام الآدمي لأغراض النظافة الشخصية وغيرها، وشحِّ السلع الأساسية والمستلزمات الطبية والأدوية ونقص الوقود وانعدام وسائل المواصلات وانقطاع الاتصالات، وانتشار الأمراض والأوبئة وعدم توفر العلاج، والنقص الشديد في الكوادر الطبية، وأعداد النازحين الضخمة في مراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات والخيام التي لا تقي من البرد والمطر، وفقدان السكان ممتلكاتهم وفقدانهم أدنى مقومات الحياة اليومية، وانعدام الخصوصية، وفقدان العمل وانعدام الدخل وفقدان القدرة على الالتزام بالعمل بسبب ظروف الحرب، وغلاء الأسعار الفاحش حتى فيما يتعلق بمستلزمات المعيشة الأساسية.

 ملامحُ مجاعةٍ تلوح في الأفق

بدأت ملامح مجاعةٍ بالظهور بالفعل في محافظتَي غزة والشمال، تُعَدُّ من أعلى مستويات الأمن الغذائي المسجَّلة تدهورًا.

اضطُّر كثير من الأهالي إلى طحن علف الحيوانات لتوفير الخبز لإطعام أبنائهم بديلًا عن الدقيق الذي لا يتوفر هناك، على الرغم مما يصل من المساعدات الإنسانية، التي لا تكفي أصلًا لسدِّ الحد الأدنى من احتياجات السكان في القطاع، والتي لا تصل مطلقًا إلى مدينة غزة والشمال.

حذَّرت جهات محلية ودولية من تفاقم الجوع في قطاع غزة، ولا سيما بعد تعليق دول عديدة دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

عزا الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريش"، الأمرَ إلى أنَّ الأمم المتحدة "لا تستطيع تقديمَ المساعدات الإنسانية تقديمًا فعَّالًا بينما تتعرَّض غزة لمثل هذا القصف العنيف المتواصل واسع النطاق".
[١٤/‏٢, ٢:٢٣ م] ‏‪+970 598 515 090‬‏: *▪️ أوبئة وأمراض تَنهش أجسادَ الغزيِّين*

إضافةً إلى تجاوُزِ عدد الجرحى 67,000 جريح، يحتاج 60% منهم إلى العلاج في الخارج، انتشرت الأمراض والأوبئة في قطاع غزة، ولا سيَّما الأمراض التنفسية، خاصةً مع الاكتظاظ الكبير للنازحين، وتدنِّي مستويات النظافة الشخصية والاستحمام، واستخدام المراحيض المشتركة، وشحِّ المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، وتدمير البنية التحتية للصرف الصحي، وانتشار النفايات في الأماكن العامة ومراكز النزوح، والتلوث، ومع نقص الغذاء، والاعتماد على الأغذية المعلَّبة، ونقص الدواء، ومع تراجُع القدرة الاستيعابية للمستشفيات، وخروج معظم مستشفيات قطاع غزة بالفعل عن الخدمة منذ الأسابيع الأولى للحرب على غزة، بفعل القصف والحصار وشح الوقود ونفاد الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر الطبية.

ما يزال ما تبقَّى من المستشفيات ومراكز العمل الصحي يكافِح للاستمرار في العمل لتوفير حدٍّ أدنى من الخدمات للجرحى والمرضى، غير القادرين على تلقِّي العلاج والذين لا يجدون في الغالب سيارات إسعاف أو أية وسيلة تنقلهم إلى تلك المستشفيات، فيما تحاصر قوات الاحتلال عددًا مما تبقَّى منها.

ويواجِه المرضى الذين يعانون من الأمراض الزمنة موتًا محقَّقًا أو مضاعفات خطيرة جدًّا على الأقل، فمثلًا غالبية أدوية الضغط والسكَّري غير متوفرة، وأدوية الربو والسرطانات نادرة، ويبلغ عدد مرضى السرطان في قطاع غزة نحو 10,000 مريض، كان أكثر من 2,000 مريضٍ منهم ينتظرون التحويلات الطبية قبل الحرب للعلاج، لم يتمكنوا بسبب الحرب من السفر واستكمال العلاج، ما أدى إلى وفاة معظمهم في خلال الحرب.

وبلغ مجموع الحالات المسجلة لأمراض وبائية ومُعدية نحو 553,000 إصابة في الفترة بين 28-10-2023 حتى 8-1-2024.

 بدأت وزارة الصحة في عملية الرصد الوبائي من جميع آنحاء قطاع غزة من 24-10-2023 حتى 8-1-2024، وبدأت بينات الرصد تتقلص نتيجة الهجمات الصهيونية وتدمير العديد من مراكز الرعاية الأولية، ويجري حاليًّا -بصعوبة بالغة- تجميعٌ لبيانات من عيادات رفح الحكومية ومن مراكز الإيواء التابعة لوكالة "أونروا".

وتوجَد أمراض وحالات لم تشخَّص بسبب عدم توفر الفحوصات المخبرية أو عدم القدرة إلى الوصول إلى المرضى أو وصول المرضى إلى المستشفيات والمراكز الصحية.

ونتيجة التدهور المتسارع في كفاءة المستشفيات والبنية التحتية للرعاية الصحية في قطاع غزة وتأثيره المدمر على الصحة العامة هناك، رُصِدَ أكثر من 8,000 حالة عدوى التهاب كبد وبائي، وزادت معدلات الإجهاض بنسبة 30%، إلى جانب تفشِّي أمراض أخرى مثل الكوليرا والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي وسوء التغذية واضطرابات ما بعد الصدمة.

وبلغ عدد حالات أمراض الجهاز التنفسي 480,000 حالة، من بينها 234,364 حالة التهاب رئوي.

وبلغت عدد حالات الإسهال 170,794 حالة.

كما بلغت عدد حالات الأمراض الجلدية 140,000 حالة.

وبلغ عدد حالات التهاب الكبد الوبائي من النوع "A" أكثر من 8,000 حالة، بينهم 6,723 إصابة لأطفال.

كما بلغ عدد حالات الإصابات بالتقمُّل 3600,000 حالة.

 *▪️تكدُّسٌ سكانيٌّ في رفح يفاقِم الكارثة*

تستمر موجات النزوح إلى رفح، التي كان يقطنها قبل الحرب نحو 300,000 نسمة، فصارت تأوي نحو نصف سكان القطاع (نحو مليون ونصف المليون نازح)، ما دفعهم إلى نصب خيام عشوائية في الطرقات والشوارع ومواقف السيارات وفي مناطق صحراوية لا تصلح للحياة.

المتحدث باسم الصليب الأحمر: "من المستحيل تحقيق أية استجابةٍ إنسانيةٍ فاعلةٍ على أرض الواقع يمكن أن تُحدِثَ تغييرًا إيجابيًّا ولو بسيطًا في جنوب غزة. من الصعوبة البالغة توفير الاحتياجات الإنسانية على الرغم من الجهود المبذولة، لأنَّ الاحتياجات أكبر بكثير من القدرة الاستيعابية للفرَق العاملة".

تشهد رفح تشهد ارتفاعًا كبيرًا في معدل الوفيات في يقدَّر الآن بـ30-40 حالة وفاة يوميًّا، مقارنةً بمعدل وفيات كانت تشهده المدينة بواقع 5 حالات يوميًّا.

شكَّل عدد النازحين الضخم في رفح ضغطًا هائلًا على مستشفى أبو يوسف النجار، المستشفى الحكومي الوحيد في المدينة.

وحدة غسيل الكلى الوحيدة في المدينة كانت تتعامل مع مِائة وعشر مرضى، ارتفع عددهم إلى 525 مريضًا، والوحدة التي لا تمتلك إلَّا 8 أجهزة فقط وجميعها منتهية الصلاحية.

 النساءِ المضاعَفةُ في ظلِّ الحرب

على الرغم من أنَّ سكان غزة جميعهم يعانون، فإنَّ معاناةَ النساء في القطاع -المتراكمة أصلًا والتي تنتجها المجتمعات بسبب الجهل والفقر والذكورية والاحتلال وغيرها من الأسباب- معاناةٌ مضاعَفةٌ تفاقمت في ظل الحرب، بسبب الظروف المادية والاجتماعية وغيرها، وبسبب نقص المستلزمات والأدوات والمواد الصحية النسائية، إلى جانب نقص حفاضات الأطفال والألبان والمقويَّات والمكمِّلات الغذائية اللازمة لصحة الأم والطفل لمساعدة الأمهات في غزة في رعاية أطفالهنَّ في مثل هذه الظروف.

تَحمل النساءُ عبئًا إضافيًّا لِما لا يقلُّ عن خمسة أيام في كل شهر، تزيد صعوبتها في ظل الحرب، لأسباب منها نقص الفوط الصحية اللازمة لتجاوُز دوراتهنَّ الشهرية، حتى لجأت كثير من السيدات إلى استخدام أقراص منع الحمل لتأجيل مواعيد الدورة الشهرية، لكن ذلك لم يسبِّب إلَّا مزيدًا من المعاناة الصحية لهنّ، ما اضطرَّهنَّ إلى التوقف عن ذلك، ولجأت سيدات أخريات إلى استخدام قطع قماش وقطع ملابس ومناديل ورقية وقصاصات كرتون وغيرها لتكون بديلًا، لكنَّ هذه الأدوات الملوَّثة -أو غير المعقَّمة على الأقل- تتسبب بعدوى بكتيرية قد تسبِّب التهاباتٍ في الحوض وتسمُّمًا في الدم وسرطانًا في عنق الرحم وقد تسبِّب العقم.

تسبَّبت الحرب الصهيونية بفقدان النساءِ أجنَّتَهنَّ بسبب الإجهاض أو بسبب استشهاد الأم أو جنينها أو كليهما على يد آلة القتل الصهيونية، أما السيدات الحوامل الناجيات فيواجهن مخاوف الولادة ومخاطرها في ظل غياب الرعاية الصحية في خلال عمليات الولادة وما بعدها، وبسبب عدم توفر الأدوات الصحية اللازمة لعمليات الولادة وأدوات التنظيف والتعقيم، حتى أنَّ تلك العمليات -ومنها عمليات قيصرية- تجري دون مسكِّنات أو تخدير، وكثير منها لا يجري في مستشفى.

المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في الدول العربية: "السيدات الحوامل في غزة مع سباق مع الموت".

بلغ عدد السيدات الحوامل في قطاع غزة في بداية الحرب الحالية 50,000 سيدة، 5,000 منهم كان من المفترَض أن يضعن حملهنَّ في نوفمبر 2023.

تخضع نحو 180 سيدةً يوميًّا لعمليات ولادة في قطاع غزة، وثمة أعداد مهولة منهنَّ يلدن قبل موعد الولادة المفترَض بسبب ظروف الحرب، في ظل عدم توفر الوقود اللازم للحاضنات الخاصة بكل أولئك الأطفال الخدَّج الذين يولدون يوميًّا.

 

*برنامج الرصد والتوثيق*
*مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي*