هارتس: النار المشتعلة في الضفة يصعب إطفاؤها بقلــم: عاموس هرئيل

عاموس هرئيل.PNG
عاموس هرئيل.PNG

عملية إطلاق النار في حوارة جنوب نابلس أمس والتي قتل فيها شقيقان من مستوطنة هار براخا، واعمال الشغب التي قام بها مئات المستوطنون في بلدة حوارة تؤدي بالمناطق الى نقطة غليان. أمس كان يبدو أن الجيش والشرطة فقدوا لبضع ساعات السيطرة على ما يحدث في البلدة وأنهم لا ينجحون في وقف المذبحة التي ينفذها المشاغبون. في احداث حوارة تم الإبلاغ عن قتيل فلسطيني وعشرات المصابين. الاحداث في منطقة نابلس يمكن أن تشعل في الضفة الغربية نفس الاصطدام الواسع الذي يحذر منه جهاز الامن منذ فترة طويلة.

 

العملية والعنف الذي جاء في اعقابها وقعت حيث في الخلفية انعقد مؤتمر دولي في العقبة بمبادرة من الإدارة الامريكية. الاحداث جسدت مرة أخرى عدم سيطرة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على الواقع السياسي. ومكتبه حاول التقليل من أهمية التفاهمات التي تم التوصل اليها في المؤتمر والتي في اطارها تعهد المندوبون الإسرائيليون بتجميد البناء في المستوطنات. في حين أن أعضاء الجناح اليميني المتطرف في حكومته، بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير، هاجموا مجرد مشاركة إسرائيل في المؤتمر وأعلنوا بأن التفاهمات التي تم التوصل اليها في الأردن لا تلزمهم.

 

المؤتمر الذي عقد في العقبة عقد كجزء من جهد امريكي لتهدئة النفوس في المناطق، بمساعدة الأردن ومصر، قبل بداية شهر رمضان، في 22 آذار. ولكن بعد فترة قصيرة على بدء المؤتمر وقعت العملية في حوارة، على الشارع الرئيسي الموصل الى نابلس. الاخوان هيلل ويغيل يانيف، وهما من سكان مستوطنة هار براخا، قتلا بإطلاق نار. المخرب الذي كان مسلح بمسدس نجح في الهرب وقوات الامن ما زالت تطارده.

 

لقد سبق العملية حادث صعب في نابلس في الأسبوع الماضي. في يوم الأربعاء الماضي دخلت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود الى حي القصبة في نابلس في محاولة لاعتقال أعضاء في "عرين الأسود". في المكان كان تبادل شديد لإطلاق النار، 11 فلسطيني قتلوا من بينهم ثلاثة من المدنيين. منذ الحادث تراكمت تحذيرات استخبارية بشأن محاولات فلسطينية للانتقام.

 

"عرين الأسود" الذي اعتقد جهاز الامن بأنه نجح في التغلب عليه قبل نحو أربعة أشهر ما زالت حي يرزق. بدلا من النشطاء الذين قتلوا واعتقلوا جاء اشخاص جدد، الذين الهمتهم الروح المحلية. وأصبحوا كما وصفوا ذات مرة في وسائل الاعلام الإسرائيلية بدرجة من الاستهزاء بـ "مجموعة عرسات"، هؤلاء الآن لهم مكانة حقيقية في نابلس وحتى أنه لديهم القدرة على التفاخر بتمثيل خط سياسي. في سيل الادانات ضد السلطة الفلسطينية على موافقتها على ارسال ممثلين الى القمة برز بيان "عرين الأسود". في المؤتمر نفسه نوقش في البداية اقتراح بحسبه تقلل إسرائيل دخولها الى مناطق أ التابعة للسلطة. بعد العملية من الصعب رؤية كيف سيحدث ذلك. وعد مشابه اعطي أيضا في الأسبوع الماضي للأمريكيين كجزء من جهود شطب مشروع قرار فلسطيني في مجلس الامن والذي كان سيدين خطوات حكومة نتنياهو لتسريع البناء في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية. الوعد لم ينفذ حتى ولو لفترة قصيرة – العملية في نابلس تجاوزته.

 

في البيان الختامي للمؤتمر تم التحدث عن تعزيز التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. الآن رغم جهود الوساطة إلا أنه سيكون من الصعب إطفاء النيران بسرعة في شمال الضفة. أمس قام بأعمال شغب عشرات المستوطنون في حوارة حيث احرقوا أكثر من عشرة بيوت فلسطينية وخربوا عشرات السيارات. رغم أنه كان من الواضح للجميع بأنه يتوقع حدوث اعمال شغب عنيفة ردا على العملية إلا أنه يبدو أن الجيش الإسرائيلي والشرطة لم يرسلوا ما يكفي من القوات الى المكان. هكذا بالضبط يمكن للأمور أن تخرج عن السيطرة.

 

بعد عمليات قاسية وقعت في فترة الحكومة السابقة هاجمها رجال المعارضة، الآن هم أعضاء في الحكومة، ووعدوا بأن الأمور لديهم ستكون مختلفة. بعد نحو شهرين على أداء الحكومة الجديدة لليمين من الواضح أن الإرهاب الفلسطيني لم يتأثر بشكل خاص من التغييرات السياسية في إسرائيل. الخطاب المتشدد، مثل إعادة الدفع قدما بقانون عقوبة الإعدام للمخربين، بالتأكيد لن تساعد في هذا الشأن.

 

 

 

السلطة ستجد صعوبة في التنفيذ

 

المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في العقبة يعكس محاولة أمريكية لإعادة القليل من الاستقرار للمنطقة التي تم ابقاءها في الخلف في الوقت الذي فيه واشنطن تنشغل بالأساس بعمليات مقلقة من جانب روسيا والصين. الإدارة الامريكية معنية بأن تعزز في الشرق الأوسط المحور السني المحافظ كي يكبح نفوذ إيران، لكن فعليا هذا المحور يتعثر وجزء من المشاكل ينبع مما يحدث في المناطق.

 

الوضع القائم في الضفة الغربية حساس جدا والسلطة الفلسطينية أضعف بكثير من أن يكون بإمكانها وقف تدفق الاحداث بمساعدة القليل من الضغوط الخارجية والوعود ببادرات حسن نية أمريكية تجاه السلطة الفلسطينية في رام الله. ضعف القيادة الفلسطينية يصعب على أجهزة امنها أن تنفذ الوعود التي أعطيت لرجال الارتباط الأمريكيين.

 

إذا كان الشاويش أو الضابط الصغير في نابلس يخشى من أنه بعد بضعة أشهر ستنهار السلطة فانه لا يوجد له أي دافع للمخاطرة ومواجهة "عرين الأسود".

 

في الخلفية هناك قلق متزايد في الغرب وفي إسرائيل من تقدم إيران نحو السلاح النووي. رئيس الـ "سي. آي. ايه"، وليام بيرنز، قال في منتهى السبت في مقابلة مع شبكة "سي. بي. اس": "حسب علمنا فان الزعيم الأعلى في ايران لم يتخذ أي قرار بمواصلة برنامج السلاح (تكييف القنبلة مع رأس متفجر لصاروخ) الذي نؤمن بأنه تم وقفه في 2003. ولكن في المركبات الأخرى فان تخصيب اليورانيوم والقدرة على إطلاق صاروخ نووي مثلما طوروه، هم تقدموا". حسب قوله لن تحتاج إيران الى أكثر من بضعة أسابيع منذ لحظة القرار لإنتاج اورانيوم بمستوى تخصيب 90 في المئة وبكمية تكفي لإنتاج قنبلة.

 

 

 

بيع تصفية

 

خوف أمريكا من التصعيد في المناطق يرتبط أيضا بالانقلاب النظامي الذي تحاول حكومة نتنياهو إخراجه الى حيز التنفيذ وبالتداعيات على توزيع الصلاحيات في الضفة الغربية. إسرائيل انحرفت خطوة كبيرة أخرى نحو الاتجاه الخطير في الاتفاق الذي قسم الصلاحيات بين الوزراء يوآف غالنت وسموتريتش، الذي وقع في الأسبوع الماضي.

 

عمليا، الحديث يدور عن بيع تصفية للوصفة القديمة التي اديرت بها الامور المناطق. غالنت، تحت ضغط كبير من نتنياهو، اضطر الى قبول الأغلبية العظمى من طلبات سموتريتش. الوزير في وزارة الدفاع سيركز في يده الآن جزء كبير من الصلاحيات بصورة تمكنه من تشكيل خارطة البناء في الضفة تقريبا كما يشاء. وسيرسخ منظومتان منفصلتان للقانون، احداهما للإسرائيليين والأخرى للفلسطينيين. بذلك سيتم وقف الصورة الشكلية التي تختفي خلفها إسرائيل منذ سنوات، لكن سيتعمق أيضا الادراك في المجتمع الدولي بأن توجه إسرائيل هو نحو ضم الضفة الى أراضيها.

 

هذه العملية تمت حياكتها كجزء من صفقة شملت أيضا المصادقة على ميزانية الدفاع التي تمت المصادقة عليها بشكل خاطف، وبعد نقاش سريع وسطحي جدا. مع ميزانية تبلغ 68 مليار شيكل في السنة الحالية يبدو أن غالنت ورئيس الأركان الجديد، هرتسي هليفي، يمكنهما تحقيق معظم ما خططا له. ولكن في هذه المرحلة من غير الواضح لأحد كم من الأموال ستخصص لغرض اعداد الجيش لمواجهة محتملة مع إيران وكم سيحتاج التوتر المستمر مع الفلسطينيين.

 

 

 

سيل من الالتماسات

 

إن زيادة حدة خطوات الاحتجاج ضد خطط الحكومة ينعكس أيضا بالانشغال المتزايد لرجال الاحتياط في احتمالية رفض الخدمة. بعض كبار الضباط في سلاح الجو ابلغوا قادتهم بأنهم لن يأتوا بعد الآن للخدمة، وداخل الاسراب يجري نقاش حذر لطيارين وملاحين في الاحتياط حول هل سيتم الغاء التطوع للخدمة ومتى. جزء من القلق في أوساط رجال سلاح الجو يتعلق بإمكانية أنه إذا تم اضعاف الجهاز القضائي فانهم سيكونون مكشوفين لدعاوى في المحاكم الدولية على جرائم حرب لأن إسرائيل ستجد صعوبة في الادعاء بأنها تستخدم جهاز قضاء فعال خاص بها للتحقيق في مثل هذه الشكوك، ولذلك لا حاجة لتدخل خارجي. القلقون بشكل خاص هم الطيارين في "ال عال" الذين الكثير منهم ما زالوا في خدمة الاحتياط النشطة لأنهم يطيرون بشكل ثابت الى الخارج وهوياتهم مكشوفة خارج حدود الدولة.

 

في يوم الجمعة الماضي نشرت عريضة لأكثر من 100 من رجال الاحتياط وأعضاء جهاز العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية، أعلنوا فيها بأنهم سيتوقفون عن الخدمة إذا تم تمرير الانقلاب. الموقع الأبرز، وهو جنرال في الاحتياط، سحب توقيعه بناء على طلب من رئيس الأركان. في نفس الوقت تم تجميد مبادرة لعريضة لجميع قادة وحدة 8200 في السابق. في هذه الحالة ثار نقاش بين القادة. فجزء منهم اعتقدوا أن الوقت ما زال مبكر جدا وأنه لا يجدر استخدام ضغط عام شديد جدا على رئيس الأركان الذي يجب أن يواصل توجيه الجيش. في المقابل، نشرت عريضة لرجال احتياط من قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية. في وحدة استخبارية كبيرة تنتمي لإحدى القيادة تم تحذير القادة من أنه ربما أن الوحدة لا يمكنها العمل كالمعتاد في المناورة المخطط لها في الصيف القادم لأن عدد كبير من رجال الاحتياط ابلغوا بأنهم لا ينوون الامتثال للخدمة. النقاشات حول الرفض والرفض الرمادي لرجال الاحتياط تحتل الآن مكان بارز في وحدات الجيش المختلفة وإدراك عمق الازمة أصبح واضحا.

انتهى

القدس /  المشرق نيوز