القضية الفلسطينية في خطر وتحتاج إلى من ينقذها
بقلم: هاني المصري
دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها (32/40ب) الصادر في العام 1977 إلى الاحتفال يوم 29/11 من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تذكيرًا بالمسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني، والحث على نصرته وفقًا لقرارات الشرعية الدولية. ويذكر أنه في نفس اليوم من العام 1947 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم 181.
في سياق إحياء هذه الذكرى، سأحاول عرض أين تقف القضية الفلسطينية وإلى أين تتجه؟
بادئ ذي بدء، لا بد من الإشارة إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال حية رغم مرور أكثر من مائة عام على نشوء ما بات يعرف بالقضية الفلسطينية، وما تعرضت له خلال تلك المدة من مؤامرات مستمرة شاركت فيها الحركة الصهيونية العالمية ودول استعمارية، أبرزها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، والرجعية العربية.
وتعرض الشعب الفلسطيني خلالها إلى حروب إبادة وتشريد ومذابح مروعة وتطهير عرقي، وتدمير منهجي، وعمليات لاقتلاعه من جذوره، وهدم البيوت، وطمس حقوقه وهويته الوطنية، ما أدى إلى ارتقاء مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين، وإلى اعتقال مليون مواطن، فضلًا عن الإعدامات تنفيذًا لأوامر المحاكم العسكرية، أو الإعدام بدم بارد، وفي أحيان كثيرة أمام الكاميرات.
هناك أسباب كثيرة لبقاء القضية حية رغم الأهوال التي تعرضت لها، ولكن السبب الأول والأهم أن الشعب الفلسطيني تمسك بقضيته وحقوقه وروايته التاريخية، وقاوم من أجلها، مفجرًا الثورة وراء الثورة، والانتفاضة وراء الانتفاضة، والهبات والموجات الانتفاضية المتلاحقة: مرة من أجل الدفاع عن الأرض، ومرة دفاعًا عن الأسرى وتضامنًا معهم، ومرات دفاعًا عن القدس والمقدسات، خصوصًا المسجد الأقصى، ومرات دفاعًا عن الحقوق والنفس في مواجهة العدوان العسكري أو لإسقاط المؤامرات التي لم تتوقف يومًا.
صحيح أن الشعب الفلسطيني لم ينتصر ولم يحرر بلاده المحتلة، وحتى لم ينجز استقلاله الوطني على جزء من وطنه، رغم تضحياته الجسيمة وبطولاته العظيمة، ولكن من دون مقاومته المستمرة، وما ألحقته من خسائر مادية ومعنوية بالحركة الصهيونية وأداة تجسيدها إسرائيل وجعلها بحاجة إلى الشرعية التي لن تتحقق من دون اعتراف الضحية بالجلاد والتوقف عن المقاومة، وما أثارته من تأييد ودعم وتضامن عربي وإسلامي وإنساني أممي، لاندثرت قضيته منذ زمن بعيد، واستكملت الحركة الصهيونية تحقيق أهدافها بتهجير من تبقى من الفلسطينيين في وطنهم، وبإقامة دولة يهودية نقية على "أرض الميعاد" بوجود أقل عدد من الفلسطينيين.
وكما نرى فإن عدد الفلسطينيين في فلسطين رغم مخططات التهجير والفصل العنصري التي لم تتوقف لا يزال مساويًا، إن لم يزد قليلًا عن عدد اليهود في أرض فلسطين .
ومن أجل التخلص من هذه القنبلة الديمغرافية، وإلى حين توفر فرصة للتهجير، قسم الاحتلال الأرض الفلسطينية إلى مناطق عدة:
- سميت المنطقة الأولى إسرائيل، وهي قامت على 78% من مساحة فلسطين التي يحكمها نظام قانوني وسياسي منح الجنسية لأصحاب البلاد الأصليين، ولكنه تعامل معهم كمواطنين من درجة ثانية، كما ترسخ ذلك دستوريًا بإقرار قانون أساس يسمى "قانون القومية" العنصري في العام 2018.
- فرض نظام خاص للقدس، إذ يحصل المقيمون فيها على إقامة دائمة معرضة للسحب في حالات عديدة، حتى بات المقدسي في وضع يجد نفسه لا حاصل فيه على الجنسية الإسرائيلية، ولا هو بنفس وضعية الأرض المحتلة العام 1967.
- فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية تنفيذًا لخطة فك الارتباط في العام 2005، التي أصبح بعدها القطاع محتلًا بشكل غير مباشر عبر الحصار والعدوان.
- تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق (أ) و(ب) و(ج)، حيث كلها خاضعة للسيادة الإسرائيلية ولكنها مصنفة إلى ثلاث مناطق: مناطق (أ) تخضع مدنيًا وأمنيًا للسلطة الفلسطينية مع حق قوات الاحتلال بدءًا من العام 2002 بدخولها في أي وقت لاغتيال أو اعتقال من تريد؛ ومناطق (ب) تخضع مدنيًا للسلطة وأمنيًا للاحتلال؛ ومناطق (ج) التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة وتخضع للسيطرة الاحتلالية المدنية والأمنية.