كيف يمكن فض الاشتباك؟-- بقلم : يحيى رباح

كيف يمكن فض الاشتباك؟-- بقلم : يحيى رباح
كيف يمكن فض الاشتباك؟-- بقلم : يحيى رباح

قبل أقل من أسبوع على انطلاق المفاوضات المباشرة بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي في القدس وأريحا، بإشراف المبعوث الأميركي الخاص ذي التجربة العميقة في هذه المفاوضات، وتعقيداتها، والقضية ومستحيلاتها بصفته كان سفيراً لأميركا في إسرائيل مرتين واحدة بوجود نتنياهو وثانية بعدم وجوده في مقعد رئيس الوزراء.


قبل أقل من أسبوع وقعت حكومة نتنياهو على عطاءات استيطانية داخل أراضي الدولة الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى استمرار الهجمات الاستيطانية المسعورة ضد القدس، واستمرار سلوك العربدة الاسرائيلي ولغة العربدة الإسرائيلية التي تترافق مع بداية هذه المفاوضات.
والاستنتاج الأول الذي يمكن الوصول إليه بسهولة، أن الجولات الست التي قام بها جون كيري وزير الخارجية الأميركية في المنطقة، ولقاءات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ولقاءاته مع قيادات عربية، ومع لجنة مبادرة السلام العربية، لم تنجح في خلق ولو بادرة صغيرة جداً من التغير الإيجابي في السلوك السياسي الإسرائيلي.


كل شيء على حاله، كل شيء كما تركناه قبل أكثر من ثلاث سنوات، وكل العناصر التي أدت إلى فشل وتوقف المفاوضات، هي نفسها موجودة دون نقصان، نتنياهو نفسه، التطرف هو نفسه، الاستهانة بالحق الفلسطيني، عدم إقامة أي اعتبار لقرارات الشرعية الدولية، عدم احترام المزاج الدولي الذي رأيناه في قرار الجمعية العامة نهاية العام الماضي، وفي قرار الاتحاد الأوروبي الآخير، وفي حضور فلسطين في العديد من منظمات الأمم المتحدة.
كل ذلك قفز عنه الإسرائيليون كأن لم يكن، وحتى اللعبة التائهة المكشوفة والسقيمة التي يلعبها نتنياهو هي نفسها لم تتغير، يشكل ائتلافاً من الذئاب الجريحة ثم يختبئ وراء هذا الائتلاف بحجة أن التقدم بجدية على طريق المفاوضات سيؤدي إلى سقوط هذا لائتلاف!!!
أين نقطة الأختراق؟


حتى هذه اللحظة لا توجد إشارة واحدة على وجود أي نوع من الاختراق، وهذا يسجل في خانة الفشل الأميركي، لأن الإسرائيليين هم قوة الاحتلال الموجودة قبل المفاوضات وبعد المفاوضات.
ولأن الفلسطينيين بكل تراتبية هياكلهم القيادية الوطنية والسياسية والحزبية لا يملكون إزاء ذلك سوى الاستناد إلى الثوابت، وهي ثوابت موضوعية، تقول بكل بساطة أن الاستيطان السابق واللاحق داخل المستوطنات وخارج المستوطنات القائمة هو غير شرعي ولا يمكن أن يكتسب أي شرعية، وأن المفاوضات بوجود أي شكل من أشكال الاستيطان لا يمكن أن يكون لها جدوى، ولا يمكن أن تصل إلى أي نجاح.
لا جديد إذاً:


وحكومة نتنياهو عاجزة حتى عن أي مستوى من الإبداع، فهي تكرر الفشل، والعدوان والعربدة، والاستهانة، وهي تعامل جون كيري مثلما أفشلت الذين سبقوه، وهي تكرر نفس دوائر الانغلاق على الذات، وهذا ما يجعل الكثيرين في المنطقة والعالم يقولون بنوع من اليقين انه ما دامت إسرائيل فاقدة القدرة على إنتاج قيادة جديدة، وفاقدة القدرة على إحداث تغيير ما، فهي ستظل في مرتبة المشروع وليس في مرتبة الحقيقة المقبولة، لأن كل ما تفعله إسرائيل مع الشعب الفلسطيني لا يتم تحت سقف القوة والعربدة والإنكار، وليس تحت سقف احترام الحقوق الفلسطينية، بل الاستمرار في أنكارها.


وهذا المنهج الإسرائيلي ليس جديداً، ولكن السؤال الآن يشير إلى الإدارة الأميركية، هل لديها من جديد؟
هل لديها نية في أن تمارس ولو ضغطاً محدوداً على إسرائيل؟
هل لديها القدرة أن تعلن من هو المسؤول عن الفشل على أقل تقدير؟
إذا ثبت لإسرائيل أن هذه الإدارة كسابقاتها، وأن كيري –رغم جدية الجهود التي بذلها- كسابقيه، فلن نرى في الأيام القادمة سوى المزيد من إحراق الوقت والعربدة واحتقان عوامل الانفجار.