اسرائيل وسياسة كسب الوقت-- بقلم: خيرى منصور

اسرائيل وسياسة كسب الوقت-- بقلم: خيرى منصور
اسرائيل وسياسة كسب الوقت-- بقلم: خيرى منصور

تسعون عاماً من الصراع سبقها وعد جائر منح فيه من لا يملك لمن لا يستحق وطناً على حساب شعب وتخللتها عدة حروب وانتفاضات تقدم الآن كما لو أنها قد اختزلت إلى تسعة أشهر فقط هي سقف المفاوضات الزمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أمريكية، فهل ستكون الشهور التسعة بمثابة حمل تعقبه ولادة عسيرة لدولة؟ أم أن هذا الحمل سيكون كاذباً؟ فالحمل الكاذب من الناحية النفسية يقترن أيضاً بوحام وبانتفاخ، وما يقال الآن في اسرائيل، ومنه عينة سمعناها بالأمس من د . ميردوخ عبر شاشة ال”بي .بي .سي” هو أن المناخات الإقليمية والدولية هي لصالح إسرائيل وبالتالي فهي ليست مضطرة لأي تنازل، خصوصاً إذا كانت التنازلات التي وصفها نتنياهو مراراً بأنها “مؤلمة” .

هذه المفاوضات التي جرى تأجيلها تارة والتمنع عن استئنافها تارة أخرى ليست مبتدأ الجملة السياسية قدر تعلقها بالصراع المزمن، فقد سبقتها مفاوضات واتفاقيات وتفاهمات انتهت جميعها إلى المنع من الصرف، ومنها ما تم اختراقه قبل أن يجف الحبر على الورق والدم عن التراب .

وهناك معادلة سياسية إن لم نقل إنها مقايضة، هي ما فتحت الباب على مصراعيه مجدداً للتفاوض، هي إطلاق سراح أسرى حريتهم، هي استحقاق قديم ومتجدد لهم فهل يساوي هذا الإطلاق المقيد الرفض الاحتلالي الذي اقترن بعدة لاءات منها لا لحق اللاجئين في العودة ولا لحدود الخامس من حزيران 1967 ولا لوقف الاستيطان، إضافة إلى شرطين تعجيزيين أحدهما مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بدولة يهودية خالصة والآخر الصمت عما يجري في النقب من سطو على مئات الآلاف من الدونمات وتدمير عشرات القرى .

الاعتراف بيهودية الدولة معناه باختصار تعريض أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في المناطق المحتلة عام 1948 لترانسفير جماعي وكأنهم مجرد وديعة ديمغرافية قابلة للاسترداد في أي وقت .

إن الأسباب المتكررة التي أصبحت تقليدية لتوقف المفاوضات أو التمنع عن المضي بها لم تتغير، لكن ما تغير بالفعل هو الواقع العربي بكل ما يعصف به من رياح، منها ما يجري بما لا تشتهي السفن ومنها ما يخلع الأبواب والنوافذ ويكنس البراعم عن أغصان الشجر .

وليس اكتشافاً تكرار القول إن الاحتلال يسعى إلى كسب المزيد من الوقت لأنه من ناحية يتيح له استكمال مشروعه الاستيطاني واستقدام مئات الألوف وربما الملايين من اليهود إلى فلسطين ومن ناحية أخرى يقدم مجالاً حيوياً لرهان بن غوريون حول ما سماه: جيل فلسطيني يموت وآخر لا يتذكر!