العابرون في وطنٍ مقيم... بقلم: عائد زقوت

عائد زقوت.jpg
عائد زقوت.jpg

غزة/ المشرق نيوز

يروي إسحق شامير أحد مخلفات القردة والخنازير والذي شغل منصب رئيس حكومة دولة الاحتلال في مذكراته، أن استيراتيجية دولته لتحقيق أهداف الصهيونية تعتمد على الصمود والنأي عن البدء بالتنازل للعرب مهما كانت الضغوطات و الصعوبات التي تواجه دولة الاحتلال حتى لو أدى إلى وقوف العالم برمّته ضد دولة الاحتلال، بل ويجب أن نُقنع العالم بأن يبدأ العرب بالتنازل أولًا، وذلك لاعتقادهم أن من يبدأ بالتنازلات عليه أن يتنازل دائمًا ويتخلى عن حقوقه و مقدّراته، ويؤكد في مذكراته أن هذه الرؤية كانت محل اختلاف بين أحزاب اليمين واليسار في دولة الاحتلال، حيث عبّر شامير على قبول رابين بتوقيع اتفاقية أوسلو من وجهة نظر اليمين -على الرغم مما حملته من تنازلات فلسطينية وعربية-، أنه كان تراجعًا وعدم التزام بالاستيراتيجية الصهيونية، وانسجامًا مع ما سبق ومن أجل تصحيح المسار اغتالت الصهيونية العالمية إسحق رابين، وأعادوا الرحى من جديد لجعل الدول العربية و الفلسطينيين يتساقطون في بحرٍ لجيٍّ من التنازلات، حتى انساق العرب كالقطيع نحو التطبيع، وتعاقبت وفود الحجيج السفهاء للقدس وأقصاها الأسير إلى أن تراءى على السطح رئيس الحكومة المغربية ذو الأصول الإسلامية ضاربًا كل القيم و المعاني السامية و موجّهًا رمحه إلى صدر الحركات الإسلامية التي تغنّت على مدار السنين الماضية بتمسكها ورفضها للاعتراف بدولة الكيان الغاصب المحتل، وهو يوقع اتفاقية تطبيع العلاقات بين بلاده ودولة الاحتلال، هل نحن أمام مشهد يتشارك فيه التيار الإسلامي السياسي مع رؤساء و زعماء الدول العربية نحو الاعتراف و التطبيع مع دولة الاحتلال؟ وهل هذا يعني توطئةً للسياسة الأمريكية الجديدة بزعامة بايدن ؟ أم أننا على أبواب مشهدٍ آخر بدأه رئيس الحكومة المغربية فاتحًا الطريق لباقي الحركات الإسلامية في الدول العربية والعالم الإسلامي لعدم محاربة التطبيع  مع دولة الاحتلال، هذه المشاهد التي صوّرت نتانياهو ربيب شامير بأنه الرجل الجبار العنيد، وكأنه ملكًا من ملوك دولة إسرائيل، فأصبح يتغنى ويتباهى بعزلة الفلسطينيين محاولًا نشر اليأس في النفوس، وهو لا يدري أنه يسير نحو ذروة الإفساد الثاني، وهذا بالضرورة يعني اقتراب دخولنا الثاني لقدسنا بمساجدها و كنائسها شريطة أن نكون عبادًا لله، لنسوء وجوههم في التراب عنوانًا لخزيهم و ذلّهم، فكما كان الدخول الأول حينما فتح الخليفة الراشد عمر بن الخطاب القدس، فإنّ الدخول الثاني آتٍ لا ريب فيه، ويتساءل الجميع متى يمكن أن يحدث هذا؟ فهذه مسألة مرتبطة بإرادتنا، إن أردنا أن نقصر هذه الفترة فعلينا أن نكون عبادًا لله منطلقين من إيماننا و فهمنا لديننا الحنيف الغير مأسور للجماعات أو الأفراد، وإذا أردنا أن نطيلها نبقى على حالنا الذي نحيا للتخلف والتشرذم و الصراع بين الرؤى و الأفكار، وحينها لا ينبغي أن نسأل متى أو كيف ستزول دولة الاحتلال، وسنلبث في كهفنا سنين عددًا .

لا يخالنّ أحدنا أن هذا العلو والهيمنة و الغطرسة لدولة الاحتلال وسهامها الموجهة إلى صدورنا تجعلنا نقبل بضياع حقوقنا ونستسلم له، ففلسطينيتنا لا تحتاج إلى قانون دولي لكي تعبر عن هويتها، فهل يمكن أن نقنع الميرمية و الزعتر بيهودية فلسطين ؟ هل من مترجمٍ لنسمات فلسطين إلى العبرية ؟ فهواء فلسطين يتنفس الحقيقية ، فلا مكانة فيها للمزور الغريب عن شجر الحور وعن صفصافةٍ يغمرها الحياء وعن داليةٍ يبرق نورها في السماء، أيها المزور الغريب أنت لم تكن هنا إلا صدفة، في يافا، في حيفا، في أسدود، في صفد، في بلادٍ لم تكن يومًا أرض الميعاد ولا مكانًا لهيكلك المزعوم، أنت ومن خلفك هنا على أرضٍ لا ولن تقبل القسمة أبدًا، أنت هنا في فلسطين العروبة لمسلميها ومسيحيّيها، أيها المزوّر الغريب حُثّ الخطى واقلب الموازين وتجبّر كما شئت، فإنك تسير نحو الهاوية فاندثارك قريب و زوالك لا ريب فيه .