بيروت/ المشرق نيوز
يبدو أن مصطفى أديب الرئيس المُكلَّف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة خلفاً لحكومة حسَّان دياب ، قد وصل إلى نهاية المطاف في مشاوراته على صعيد جهوده لإنضاج التشكيلة الحكومية ، ووصل إلى اللحظة الحاسمة وكاد أن يُعلن فشله واعتذاره عن المُضي في تكليفه بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بدعمٍ من فرنسا وأطراف دولية وإقليمية ومحلية ، لولا الضغوط الفرنسية والأوروبية والأميركية والإقليمية على الرئيس اللبناني ميشال عون وعلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وكافة الأطراف الأخرى الفاعلة والمؤثرة في القرار اللبناني محلياً وإقليمياً . ويقف الآن ملف تشكيل الحكومة الجديدة على مفترق طرق حاسم : إما أن تنضج الإتصالات والمشاورات فيتم الإعلان عن ولادة ( حكومة مهمات ) لبنانية غير موسعة يتراوح عدد الوزراء فيها بين 14 و18 ، أو20 وزيراً كحدٍ أقصى ، وإمَّا أن يفشل أديب ويعتذر عن المُهمة ، أو يتم إسقاط الحكومة في مجلس النواب ، وبالتالي يتحمَّل المعرقلون و( العهد ، أي النظام السياسي الحالي : الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر ، الرئيس نبيه بري وحركة أمل ، السيد حسن نصرالله وحزب الله ، وحلفاءهم ) النتائج التي ستترتب على ذلك ، وخاصة العقوبات الأميركية والفرنسية والأوروبية التي سيتم فرضها عليهم جميعاً .
وأغلب من تم ترشيحهم لتولي حقائب وزارية هم من الخبراء والاختصاصيين ، وبعضهم يعيش في الخارج ، وتم بالفعل إخطارهم للاستعداد للعودة إلى لبنان ، وقدم أديب خلال لقائه اليوم مع الرئيس عون ، وقال عقب انتهاء اللقاء: ( التقيت الرئيس عون للتشاور ، و ” إن شاء الله خير” ، واتفقت مع الرئيس عون على اتفاق على لقاء ثانٍ خلال الـ ٢٤ ساعة المقبلة لمزيد من التشاور) .
وكان من المفترض أن يتم التركيز خلال الإجتماع بين الرئيسين عون وأديب ، على كيفية توزيع المقاعد على الطوائف ، ولهذا فقد راجع عون مع أديب آخر التطورات في تشكيل الحكومة ، خصوصاً ( عقدة ) إختيار وزير المالية ، في ظل إصرار ( الثنائي الشيعي ـــــ حركة أمل وحزب الله ) ، على الإحتفاظ بهذه الحقيبة ، على الرغم من العقوبات التي طالت المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي ورئيس حركة أمل ، الوزير السابق والنائب الحالي علي حسن خليل ، والوزير السابق والقيادي في تيار ( المَرَدَة ) يوسف فنيانوس ، وعرض دياب على الرئيس عون تصوره حول مسألة المداورة في الحقائب ، والتي ستشمل مختلف الوزارات السيادية ، بحيث يتولى على سبيل المعطيات الأولية ، شخصية سنية حقيبة المالية ، وأخرى شيعية الداخلية ، ومارونية الدفاع ، وروم أرثوذكس الخارجية ، وتسربت معلومات تتحدث عن ترشيح شخصيات شيعية لتولى حقيبة الداخلية من بينهم تسمية ضابط متقاعد من ( آل شحيتلي ) غير منتمِ وغير مستفز للثنائي الشيعي ، أو ترشيح اللواء عباس إبراهيم .
ومن الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية أخرى أربع شخصيات لبنانية تعمل في الخارج تولى الفرنسيون الاتصال بهم لإسناد لهم حقائب المالية والطاقة والاتصالات والخارجية ، بينما المرشح لتولي حقيبة وزارة الصحة طبيب الأمراض النسائية الشهير الدكتور جمال أفيوني ، وهو يتمتع بصفات وخبرة كبيرة في المجال الصحي.
ولم يتوصل عون وأديب إلى إتفاق نهائي على عدد الوزراء وتوزيع الحقائب السيادية والأساسية والحقائب العامة ، حيث يرغب عون أن تتشكل الحكومة من 20 وزيراً ، معتبراً أنَّ حكومة من 14 وزيراً لن تكون كافية ، ولكنه لا يريد حكومة ثلاثينية موسعة في هذا الظرف .
وبكل الأحوال لا يملك حكام لبنان ترف التجاذب حول المقاعد الحكومية ، أو فرض الشروط حول التشكيل الوزاري الجديد، فالحَاكم والحَكَم اليوم هو الرئيس الفرنسي ماكرون ، وليس الرؤساء ميشال عون أونبيه بري أوسعد الحريري ، ولا السيد حسن نصرالله أوالنائب وليد جنبلاط ، أوغيرهم من الساسة اللبنانيين وزعماء الطوائف وأمراء الحرب السابقين ، ولهذا يجري ترسيم شكل ومضمون السلطة اللبنانية التنفيذية الجديدة في قصر الإليزيه ، وتتشدد فرنسا في إصرارها على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة بما لايتجاوز نهاية الشهر الحالي ، وعلى ما يبدو أنَّ الأجواء تتجه إلى تشكيل ( حكومة لبنانية بلا أحزاب ) .
وأكدت مصادر مطلعة لإذاعة ( النور) التابعة لحزب الله ، يوم الأحد 13/9/2020 على أنَّ : ( الثنائي حركة أمل وحزب الله متمسكان بوزارة المالية ، مع اعتماد سياسة المرونة بموضوع تسمية الوزير لهذه الحقيبة ) ، بينما كشفت قناة ( الجديد ) المعارضة لحزب الله وحركة أمل وللعهد الرئاسي والنظام السياسي اللبناني الحالي ، أنَّ : ( المطروح حالياً لوزارة المالية نجل شقيقة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ، لكنه لم يقل كلمته الأخيرة بعد لأنه خارج البلاد ) .
ويبدو أنّ ( الإشكالية ) الدائرة حول وزارة المالية ، واصرار الرئيس المكلَّف على إقصاء الثنائي الشيعي عن هذه الحقيبة ، متصلة بمبدأ رفضه فرض أي احتكار طائفي لأية حقائب وزارية .
ولم يسبق لرئيس حكومة مكلّف أن احتجب عن الحركة السياسية ، كما فعل ويفعل مصطفى أديب منذ تكليفه تشكيل الحكومة ، ويبدو أنَّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتفاوض نيابةً عن مصطفى أديب مع الكتل السياسية اللبنانية ، ولهذا فقد استبعدت التسريبات من قصر بعبدا الرئاسي أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة خلال اليومين المقبلين ، وتحدثت عن عتب الرئيس عون على أديب بسبب عدم تواصله مع الكتل النيابية .
وكان مثيراً للإنتباه أنَّ الأحزاب السياسية اللبنانية التي كانت تنشغل مع كل عملية تأليف حكومي بضمان حصتها من الجبنة الحكومية ، أعلنت الواحدة تلوَ الأخرى ترفُّعها عن المشاركة في حكومة أديب ، في سابقة تثير الإستغراب والتساؤل والتعجب !! ، وكان الحزب الإشتراكي أوّل المتعفّفين ربّما بفضل ( قرون إستشعار) رئيسه وليد جنبلاط التي التقطت ( مخطط لــــ”مكيدة” أميركية ـــــــ فرنسية ضد القيادات اللبنانية التقليدية ) ، تلاه حزب القوات اللبنانية ، ورئيسه عرَّاب الخيانة والعمالة والتطبيع.