غداً يومٌ....... آخر... بقلم: أ. عائد زقوت 

عائد زقوت.jpg
عائد زقوت.jpg

غزة/ المشرق نيوز

نعم ،إنّه يومٌ آخر الذي سيشهد البيت الأبيض فيه احتفالًا مهيباً سيحضره لفيفٌ كبيرٌ من الدبلوماسيين عربًا كانوا أم غير ذلك موالين أو متحالفين ، موشحين بوشاح الغبطة والزهو .

يا تُرى ، هل صدفةً أم قصدًا فغدًا يتزامن وذكرى مذابح صبرا وشاتيلا عام ١٩٨٢ التي اُرتُكِبَتْ بأيدي الصهاينة وعملائهم ولا أظن الاختيار كان صدفةً ، بل كان عن قصدٍ لِيُذًّكرونا بسلسة الجراحات العربية والنكسات التي أصابت الأمة و الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص.

والتي ظنّ البعض أنها اندملت بمرور الزمن -ولكن يبدو أنّ من شبَّ على شيءٍ شاب عليه-.

يومٌ يُسَجِّلُ فيه العرب آحاداً أو زرافات ، نكسةً جديدةً في تاريخ الأمة العربية شكلاً و مضموناً ، إذ أنّ سقوط قرار إدانة التطبيع الإماراتي هو سقوطٌ للحاضنة المعنوية للأمة العربية ، ومع علم الجميع أنّ نُظم الجامعة العربيّة لا تسمح بصدور أي قرار إلّا بالإجماع وكذلك لا تُلزم أيّ طرفٍ بالتقيّد بالقرارات الصادرة عنها وعلى الرغم من ذلك فهي كانت تُشكّل حاضنةً معنويةً للأمة العربيّة وتعطي بصيص أملٍ أنّ الإجماع العربيّ قد يتحقّق يوماً ما .

إلّا أنّ الإصرار على الهبوط والتهاوي كان و ما زال علامةً فارقة في تاريخ الجامعة العربيّة.

إنّه احتفالٌ بنصرٍ وهميّ يريد ترامب ومن خلفه نتنياهو أن يوهموا الأمةبحدوث اختراقٍ كبيرٍ في المنطقة لصالح المشروع الصهيواميريكي متمثلًا بتطبيق صفقة القرن عُنوةً وغصبًا على الفلسطينيين ، وليس فقط لتحقيق أهدافٍ انتخابيةٍ أو الهروب من مأزقٍ داخليٍّ لكليهما ، بل ليحطّموا ما تبقّى من أملٍ في رصيد الشعوب العربية وخاصة الفلسطينية وأنّه لا مفرّ من الرضوخ لسياسات التحالف الصهيواميركي وليفتحوا الطريق أمام المشاريع الإقليمية المختلفة وصولًا للشرق الأوسط الجديد ، الذي لا زال يراود أحلامهم.

وأيضاً افساح المجال للخونة المتربصين بشعوبهم ، ليستثمروا الحالة ويبدأون بنشر سمومهم التي باتت مكشوفة ، وإنّ المتابع لارتفاع المنحنى التصاعدي للهجوم على القيادة الفلسطينية في هذه المرحلة ، بمحاكمة مواقفها تارة وأخرى للافتراء عليها بهتانًا وزورًا وثالثةً لتأليب الشعب عليها عبر أبواقٍ اعلامية وغير اعلامية هابطة معروفة المصدر عربيةً كانت أو غير عربية .

ولكن هيهات هيهات أن يكون لهم ذلك ، فغدًا يومٌ آخر سيسجّل الشعب الفلسطيني و من معه من أحرار العالم والشعوب العربيّة الحيّة موقفًا صلبًا معبّرًا ورافضًا ومتحديّا لكل المؤامرات والصفقات من أيّ جهةٍ كانت ، ولكن هل سترتقي القيادة الفلسطينية والفصائل مجتمعةً إلى مستوى الحدث؟ ،لِيكون يومًا آخر يُكتب عنه بمِدادِ العزّة والفخار في الصفحة البيضاء النّاصعة للصمود الفلسطينيّ منذ الاحتلال البريطاني وحتّى اللّحظة تنقشٌ في تلك الصفحات رفضها لكافة الأطروحات التي تنتقص من حقوق شعبنا.

إننّا ننتظر يوماً آخراً حقاً ، يومٌ نخرج فيه من أفكارنا الرتيبة من أجل الوصول إلى النّجاح ، يومٌ تتتجسّد فيه الوحدة الفلسطينية بأسمى معانيها تحت رايةٍ واحدة وصولًا لصعود الدّخان الأبيض قريباً دون تسويفٍ أو تضليل .

إن الحالة التي يحاول أن يُصَدِرُها ترامب إلى الشعوب العربية حالةٌ ساقطةٌ مكشوفةٌ لا تُسمِنُ و لا تُغني من جوع.

فالتطبيع العربي الرسمي وغيره قائمٌ فعلاً منذ أمدٍ بعيدٍ ، فبماذا سيضيرنا مشهد الرسوم المتحركة في البيت الأبيض ؟

وأخيراً يجب أن نتيقّظ للمحاولات الصهيوامريكية وعملائها التي لم تألُ جهداً في قتل وتخريب كل ما هو جميل ، و أُذكّر بقول الإمام الغزاليّ رحمه الله " أنّه ليس من الضروريّ أن تكون عميلًا حتى تخدم عدوك ولكن يكفي أن تكون غبياً"