الإخوان والفرصة الأخيرة بقلم : أمجد عرار

الإخوان والفرصة الأخيرة  بقلم : أمجد عرار
الإخوان والفرصة الأخيرة بقلم : أمجد عرار

الإخوان والفرصة الأخيرة

بقلم : أمجد عرار

قرار محكمة النقض المصرية ببطلان إقالة الرئيس محمد مرسي للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وبعودته إلى منصبه مُجدّداً، ومن ثم بطلان قرار مرسي تعيين النائب العام المستشار طلعت عبدالله، تعبير عن وصول المعركة بين نظام الإخوان والقضاء إلى ذروتها بعد سنة من لعبة شد الحبل بين الطرفين . هذا القرار يأتي في وقت تشهد مصر حالة غليان شعبي عارم غير مسبوق، حتى في ذروة انتفاضة 25 يناير ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك . كما أن هذا القرار يأتي بين استحقاقين مهمين وحاسمين في المشهد المصري وهما بيان القوات المسلّحة المصرية المنحاز لمطالب الشعب والمهدّد بالتدخل لرسم مستقبل مصر إذا لم يحصل توافق خلال ثماني وأربعين ساعة، وكذلك تهديد المعارضة بالزحف على قصر القبة وإعلان العصيان المدني في حال أصرّ نظام الإخوان على عناده .

إذا أضفنا النقابات المهنية والإعلاميين والمثقفين إلى الجيش والقضاء وحشود الشباب في كل ميادين مصر، نكون أمام صراع بين نظام الجماعة وأنصاره من جهة، وباقي الشعب من جهة أخرى . قبل 30 يونيو دأب مرسي والإخوان على وصف معارضيهم وهم بالملايين بأنهم فلول، هذا الوصف أصبح الآن أشبه بنكتة بعد رؤية مصر كلها في الشارع، ولا يغير كثيراً في المشهد نزول عشرات أو مئات الآلاف من أنصار الإخوان، مع كل الاحترام والتقدير لوجهة نظرهم ورغبتهم في حماية ما يرون أنها شرعية، ما دام التظاهر المؤيد، كما المعارض سلمياً .

الاستنتاج الأول لردود الفعل على موقف القوات المسلّحة يقول إن مجموعة الحكم لم تقرأ المشهد الصراعي من زاوية المصلحة المصرية، فهي إذ ترفض بيان الجيش وتتهمه بإرباك المشهد، وترد بعناد وتحدٍ بأنها ستصعّد حشدها المضاد، إنما تضغط على رأس مصر كلها تحت الماء . هذا يعني أن جماعة الإخوان قررت الهروب إلى الامام، وأساءت تقدير دلالات الوقوف في وجه الجيش والشعب معاً .

إذا كانت الجماعة تراهن على وعود من الولايات المتحدة أو غيرها من الجهات الخارجية لدعمها استكمالاً لسياسة سابقة، فهي مراهنة خاطئة من حيث المبدأ، وفاشلة من حيث التفاصيل، إذ إن الدول الغربية ليس لها أصدقاء دائمون، ولا تستطيع أن تقف مع أنظمة في ظل وجود معارضة شعبية واسعة . ولعل كلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما واضح تماماً في قوله إن أمريكا “طالما وقفت إلى جانب التغيير الديمقراطي” . هذا يعني أنه ما من دولة تملك الحد الأدنى من التفكير، تراهن على أحصنة خاسرة، وهذا وضح أيضاً في أماكن أخرى وعشرات التجارب السابقة، أبرزها نظام الشاه السابق في إيران .

الاستقالة الجماعية من مجلس الوزراء وعدد من مستشاري مرسي، تشير إلى انحياز هؤلاء لمطالب أغلبية الشعب، أو لمحاولة القفز من سفينة آيلة للغرق، ومن المنطقي أن يعيد الإخوان قراءة مواقفهم وخياراتهم، وأن يدركوا أنه ليس عيباً الانحناء لمصلحة الوطن، والاستجابة لمطالب أغلبية الشعب . وإذا كانت الجماعة ستخسر السلطة الآن، فبإمكانها أن تستعيد نفسها وأن تعمل كجماعة على إقناع المصريين بصوابية خيارها، وأن تواصل التواجد الفاعل في المشهد المصري، لذلك فإن الجماعة الآن أمام فرصة أخيرة، وإذا واصلت عنادها فلربما تخسر السلطة وتخسر نفسها كجماعة .