مصير غزة بعد مرسي-- بقلم: عادل عبد الرحمن

مصير غزة بعد مرسي-- بقلم: عادل عبد الرحمن
مصير غزة بعد مرسي-- بقلم: عادل عبد الرحمن

التاريخ ينسج أحداثه في مصر المحروسة خصوصا وشعوب الامة العربية عموما بخيوط من ذهب. حيث تشهد ميادين وساحات وشوارع مصر في محافظاتها ومدنها وقراها ونجوعها لحظة فاصلة في تاريخها بمطالبة جماهير الشعب المصري باسقاط حكم المرشد الاخواني وأداته الدكتور محمد مرسي. 
في مليونيات غير مسبوقة بحجمها تهتف الحناجر المصرية الموحدة برحيل الدكتور مرسي، واعادة الاعتبار لوحدة الشعب المصري واهداف ثورته العظيمة، ثورة الـ 25 من يناير 2011، مقترنا ذلك بالبيان الصادر عن قيادة القوات المسلحة المصرية، الذي اعطى مرسي ومن معه مدة 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب وقوى المعارضة. الزمن الذي من المفترض ان ينتهي في بحر اليوم الاربعاء الموافق 3 تموز / يوليو 2013، وهو ما يعني سقوط حكم المرشد / مرسي والاخوان عموما، دون ان يعني إلغاء وجودهم كقوة سياسية، إلا إذا أصروا على زج الشعب في اتون حرب اهلية، عندئذ يصبح امر حل جماعة الاخوان المسلمين، أمراً مشروعا. 

إذاً ساعات تفصل مصر عن لحظة حاسمة في تاريخها الحديث بانعتاقها من حكم جماعة الاخوان المسلمين، وفتح صفحة جديدة في تاريخ الشعب المصري العظيم للنهوض من سبات النكسات، التي حلت به في اعقاب اختطاف الثورة من قبل جماعة الاخوان واميركا واسرائيل وأضرابهم. وبغض النظر عن السيناريو، الذي ستأخذه التطورات العاصفة في مصر، فإن النتيجة المنطقية تتمثل برحيل مرسي. 
هذا التغيير الاستراتيجي في حكم مصر له انعكاسات مباشرة على الكل القومي العربي وخاصة على الشعب العربي الفلسطيني، وبشكل خاص على المحافظات الجنوبية من فلسطين. حيث تختطف جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين (حركة حماس) تلك المحافظات منذ ست سنوات خلت من الشرعية الوطنية، وتقيم حكما انكشاريا طالبانيا. 

الانفاس في قطاع غزة عموما وفي اوساط جماعة الانقلاب الحمساوي خصوصا محبوسة بانتظار ما ستنجم عنه التطورات العاصفة في مصر، لا سيما وان المؤشرات جميعها تشير الى سقوط حكم مرسي الاخواني. لأن غزة مرتبطة عضويا بمصر بحكم الجغرافيا. وكون مصر تشكل النافذة المباشرة بين ابناء فلسطين في القطاع والعالم، اضف الى ان جماعة الانقلاب الحمساوي، انتفخوا من شدة رهانهم على التحولات، التي حملتها الثورات العربية وخاصة في مصر، الشقيقة الكبرى مع فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة فيها، حتى انهم ضربوا ركائز تحالفاتهم مع ايران وسوريا وحزب الله نتيجة التزامهم بقرارات مكتب الارشاد ودولة قطر، لاعتقادهم ان التاريخ بات "يبتسم" لهم. 
لكن التحولات الثورية الجارية في مصر، وما تحمله من آفاق جلية بسقوط حكم الاخوان المسلمين، وضعت رقبة حركة الانقلاب الحمساوي في المقصلة ليس من الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي غزة خصوصا، الذين خرجوا بمليونية حقيقية في يناير الماضي رفضا للانقلاب وحركة حماس، وانما من الشعب والقوى السياسية المصرية، التي كشفت خلال الفترة الماضية عن حجم التكامل بينها (حماس) وجماعة الاخوان المسلمين ومكتب الارشاد في المقطم في عمليات التخريب، التي طالت الاراضي المصرية والجيش المصري. 

العملية الثورية المصرية تجري بتسارع غير مسبوق نحو طي صفحة حكم المرشد، وهو ما يأذن باغلاق الاوكسجين عن حكم الانقلاب الحمساوي على الشرعية الوطنية، ويفتح الافق لعودتها (الشرعية) الى القطاع كما كانت قبل يونيو /حزيران 2007. والفرصة الآن متاحة لقيادة حركة حماس باستغلال اللحظة السياسية، وقبولها بطي صفحة انقلابها بهدوء ودون ضجيج او ارباكات، وان لم تفعل، فإن الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب سيعود للنزول للشوارع كما فعل في الرابع من يناير 2013 ولكن دون ان يغادرها قبل طي صفحة الانقلاب الحمساوي واعادة الاعتبار للشرعية الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس.

الوقت من ذهب، على حركة حماس مسابقة الزمن والعودة لحاضنة الشرعية، لأن لا احد يريد اقصاءها او عزلها إن قبلت بخيار الشعب باجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، وتخلت عن خيار الامارة الاسود، لأن مصيره ( الامارة) اسود من القطران في ضوء التحولات الثورية الجارية. فضلا عن ان العودة لحاضنة الشرعية يشكل لها الحماية من التبديد والانتفاء من الساحة، وكون الوحدة الوطنية تشكل الرافعة الاساسية للمشروع الوطني الفلسطيني.