هل هو الخطاب الأخير؟ بقلم : يحيى رباح

هل هو الخطاب الأخير؟ بقلم : يحيى رباح
هل هو الخطاب الأخير؟ بقلم : يحيى رباح

خطاب الرئيس محمد مرسي مساء يوم الأربعاء الماضي، هل يكون خطاب الوداع أو الخطاب الأخير؟
هذا السؤال ربما يكون قد تبادر إلى ذهن الملايين من المصريين العرب والمراقبين الأجانب الذين تابعو الخطاب، بعد أن انتظروه أكثر مما يجب، حيث لم يحدد موعده بالضبط مسبقاً!
كما أنه ? أي الخطاب ? استغرق وقتاً طويلاً، قرابة ساعتين ونصف، وكل ما قيل فيه هو استمرار الهرب من المشلكة، وتصدير الاتهام إلى آخرين حتى لو كانوا أمواتاً في القبور!

كما أن هذا الخطاب اختلط عليه الأمر بين حقائق المشكلة ? أي عواملها الموضوعية ? وصورة المشكلة كما تظهر في وسائل الإعلام، وبالتالي وجدنا التهديد على لسان الرئيس محمد مرسي ينتقل من الفاعل إلى الناقل الذي هو الإعلام، من الحدث نفسه بعناصره الموضوعية إلى الخبر بعناصره المهنية، ولذلك وجدنا التهديدات تصل إلى عدد كبير من الإعلاميين ومقدمي البرامج والفضائيات وأصحابها والأشخاص الذين يستضافون على شاشات الفضائيات.
واعتقد بعد متابعة الخطاب بدقة وتمعن، أن الرئيس المصري للدكتور محمد مرسي في خطابه يوم الأربعاء الماضي وقع ضحية مرتين، مرة على يد الجماعة، جماعته، جماعة الأخوان المسلمين، التي لم تعطه فرصة، ولم توسع له خياراته، والتي فرضت عليه معلومات ناقصة أو مغلوطة يتسلح بها في خطابه، فإذا بها تتحول إلى خناجر ضده.

ومرة كان ضحية الوضع الذي هو فيه، لأنه وهو يقدم كشف حساب عن سنته الأولى في موقع الرئيس، وجد أن ماله كان ضئيلاً وما عليه كان كثيراً، بينما صرخات مؤيديه وعيونهم تقدح بالشر والشرر كانت تهدده هو نفسه وتطلب منه أن يستمر على نفس الطريق.
إلى هنا: إلى اللحظة التي انتهى فيها من إلقاء خطابه، تكون حركة تمرد قد نجحت، ربما أكثر مما توقعت، لأنه لم يعثر على دفوعات حقيقية في وجهها، فهي تدعو إلى السلمية، وهي تدعو إلى ما يرتكز إليه، وهو صندوق الانتخابات، بدعوتها إلى انتخابات مبكرة.
فماذا يمكن أن يقول الأخوان المسلمون؟ ليس في كل مرة تسلم الجرة، ليس في كل مرة يسرقون إنجاز غيرهم وينسبونه لأنفسهم مثلما فعلوا مع الثورة الفلسطينية المعاصرة، حين خانوها لربع قرن ثم جاءوا وادعوا أنهم يبدؤون التاريخ وصولاً إلى الانقسام الأسود. 
ومثلما حصل في سوريا فلم يكونوا جزءاً من المعارضة السورية طيلة أكثر من أربعين سنة، ثم جاءوا الآن ليركبوا ظهر الثورة السورية بدعم من الأميركيين وحلف الناتو.
ومثلما جرى في الكثير من التجارب الأخرى.

اعتقد أننا فلسطينياً يجب أن نتابع بأعلى درجات الاهتمام والدقة والقراءة المعمقة فصول الأحداث الجارية داخل شقيقتنا الكبرى مصر، بل ويجب أن نوضح بقدر ما نستطيع الحقائق التي نحن على علم بها، ويطالها الكثير من التشويش، لأن جزءاً كبيراً ورئيسياً من مستقبل قضيتنا يتقرر بناء على الصورة النهائية التي سوف تختتم بها هذه الأحداث المتدفقة!
مع التأكيد على أن هذه الأحداث كلما تطورت أكثر فسوف تنهار كثير من الجدران الوهمية، وتنفضح الكثير من الحقائق والأسرار المخبأة في علب الادعاءات الفارغة!

وعلى سبيل المثال لماذا هذه المدائح التي لا تنتهي للرئيس المصري محمد مرسي من إسرائيل؟ أليس لأنه قوة الاقناع، القوة الضاغطة التي جعلت اتفاقية التهدئة الأخيرة بين حماس وإسرائيل تتضمن بند يسمي المقاومة بالأعمال العدائية التي يجب ضمان توقفها؟
ومهما حاولنا أن نكون حياديين موضوعيين فيما يجري في مصر، فإننا فلسطينياً في قلب المعمعة!
فهناك من يراهن ويوافق على حل الدولة الفلسطينية البديلة، بدل أن تكون في فلسطين لماذا لا تكون في سيناء؟
حين سقط هذا الجدار المسمى بالإسلام السياسي الذي قوامه جماعة الأخوان المسلمين وتفريعاتها، فسوف تنكشف أسرار كثيرة، وسوف يعود الإسلام إلى ألقه، وقضايانا العادلة إلى بريقها الحقيقي، آه متى يأتي هذا الفصل الأخير؟