من ينقذنا من فوضى الشواطئ؟ بقلم : مصطفى الصواف

من ينقذنا من فوضى الشواطئ؟ بقلم : مصطفى الصواف
من ينقذنا من فوضى الشواطئ؟ بقلم : مصطفى الصواف

وهب الله قطاع غزة شاطئا جميلا على امتداده البالغ نحو أربعين كيلو مترا أو يزيد، وبات يشكل الساحل المتنفس الوحيد لسكان القطاع في ظل الحصار وعدم توفر السفر بسهولة إلى الخارج للاستجمام لذوي الدخل العالي والذين يزاحمون الفقراء غير القادرين على الجلوس في المنتجعات المختلفة سواء تلك المتواجدة على الشاطئ والمسماة بالكافتيريات أو المنتجعات المتواجدة بعيدا عن الساحل لعدم مقدرة البسطاء من الناس دفع تكاليفها سواء المواصلات منها أو رسومها وغلاء الأشياء المباعة بداخلها فيكون الشاطئ اقل تكلفة ومتنفس مهم في ظل فصل الصيف الذي بات أكثر حرارة في السنوات الأخيرة.

المؤسف أن الشواطئ تعيش حالة فوضى غريبة واختلاط الحابل بالنابل حتى أصبحت البهائم والعربات المجرورة بالحمير أو البغال أو الحُصن تزاحم الناس على شاطئ البحر وبات المواطن مضطرا بالجلوس مع شركائه الجدد ومخلفاتهم ونعيقهم وزعيقهم وبات الشاطئ يموج بالبائعين هذا بطاطا مشوية وذات العاب الصيف وآخر بالذرة ورابع بالبراد وخامس بكل أنواع المسليات وغيرها من الأشياء حتى الملابس باتت تباع على الشاطئ، وأصبح حجم الإزعاج والضجيج عال جدا، فبدلا من الاستجمام والراحة يكون شد الأعصاب هذا يصرخ على طفله وذاك ينادي على سائق العربة حذ بالك الأولاد ومما زاد الطين بله دخول السيارات ذات الدفع الرباعي على الشاطئ.

فوضى وإزعاج منقطع النظير ليس فقط للمستجمين على الشاطئ بل للسكان القريبين من الشاطئ الذين بات مكتوبا عليهم أن لا يناموا قبل الواحدة فجرا حتى يسكت بائع البطاطا المشوية من المناداة بالميكروفونات شوي يا بطاطا شوي.

حتى النظافة على الشاطئ وعلى الرصيف ( الكورنيش ) مزعجة وثقافة أن يقوم كل زائر للشاطئ أو الرصيف فقط بجمع مخلفات زيارته ويضعها في كيس نايلون ويحكم إغلاقها غير متوفرة في ثقافة الناس الأمر الذي يشكل إزعاجا جديدا يضاف إلى الفوضى المنتشرة وغياب الجهات الضابطة والمنظمة سواء عمال البلديات المسئولة عن الشاطئ أو حتى الشرطة الموكل لها القيام ببعض المهام.

المواطن الغزي يعاني أيضا سوء تخطيط وتوزيع وتعدي مشرعنا سواء من البلديات أو من سلطة الأراضي التي تتحكم في الأراضي المحاذية للشاطئ والتي تقوم بعمليات تأجير أو تخصيص للأراضي القريبة من الشاطئ للكافيتريات طوال فترة الصيف بشكل عشوائي وغير منظم افقد الناس في بعض المناطق مكانا مناسبا للاستجمام بعيدا عن الاستراحات والمسميات المختلفة لتلك الأراضي المستغلة من قبل المستأجرين والذين لا يكتفوا بالمساحة المؤجرة فتمتد مساحاتهم بشكل يضيق معه الشاطئ ومن يمر على الشاطئ من الشمال المنتهك من كثرة الاستراحات إلى الجنوب فالشكوى واحدة.

أما مياه المجاري فلها نصيب من الشاطئ حيث المصبات على الشاطئ للمياه العادمة التي تسبب تلوث بيئيا خطيرا وتسبب انبعاث للروائح الكريهة، صحيح أننا مضطرون لذلك؛ ولكن هناك حلول يمكن أن تبتدع في هذا الأمر كأن تمتد خراطيم التخلص من المياه العادمة إلى مسافات عميقة داخل البحر الأمر الذي يبقى الشاطئ نظيفا إلى حد كبير وهذه الوسيلة مستخدمة في كثير من البلدان وهي لا تحتاج ربما إلى جهد كبير أو إمكانيات غير متوفرة في ظني على الأقل.

خلاصة القول نطرحه في سؤال من المسئول عن كل هذه التعديات وهذه الإزعاجات؟، من المسئول عن توفير سبل الاستجمام التي تخلص الناس من الإرهاق والتعب والضغط النفسي؟، المسئولية الأولى تقع على عاتق السلطة والحكومة في المقام الأول خاصة في موضوع التعديات على الأراضي الحكومية من قبل سلطة الأراضي التي تقوم بالتأجير والمنح العشوائي، وكذلك جزء من المسئولية تقع على شرطة حفظ النظام التي تجتهد في الأيام الأولى ثم يترك الأمر للفوضى، أما النظافة فهي مسئولية البلديات الغائب الحاضر، ثم تأتي سلطة البيئة التي يجب أن يكون لها دور فاعل ومؤثر يجبر الحكومة على توفير الحد الأدنى من وسائل حماية الشواطئ من التلوث مما يشكل حماية للمواطن والبيئة.

أما المواطن فهو ظالم ومظلوم في نفس الوقت، مظلوم لأن عوامل الراحة على الشاطئ غير متوفرة له، وظالم لأنه يزيد الطين بلة في عدم الحرص على النظافة والمساهمة في جزء من الفوضى الحادثة على الشاطئ وكان بإمكانه أن يبقي من رحلته خمس دقائق قبل المغادرة ويقوم بعملية نظافة لمكان جلوسه حتى يكون المكان في اليوم التالي مناسبا لصديقه أو جاره.