العساف يعلو بالكوفية وتعلو به بقلم / د. تحسين الاسطل

العساف يعلو بالكوفية وتعلو به  بقلم / د. تحسين الاسطل
العساف يعلو بالكوفية وتعلو به بقلم / د. تحسين الاسطل

العساف يعلو بالكوفية وتعلو به

بقلم / د. تحسين الاسطل نائب نقيب الصحفيين

حقق المبدع محبوب العرب محمد عساف الحلم ، ونال ثقة العرب مستمعين ومتابعين وفنانين اثنوا على فنه من اللحظات الأولي ، وطوال مراحل البرنامج لم تعتب قدمه مرحلة الخطر ، فمنذ البداية اخذ اللقب وان كان آخر المرشحين له .

الفنان المبدع محبوب الفلسطينيين قبل العرب حقق النجاح والتألق الفني بحسه الوطني وأخلاقه السامية ، واستطاع أن ينقل بأسلوبه وفنه البرنامج من مخصص للفن والطرب العاطفي والرومانسي البحث إلى الغناء للوطن والقضية ، فمن خلال فن محمد عساف عرف الكثير عن القضية الفلسطينية وثوابتها وخاصة الأسرى واللاجئين ، فكان خير سفير للفلسطينيين في عالم الفن والإبداع ينقل بفنه معاناة وطنه وشعبه وما يتعرض له من الاحتلال الإسرائيلي من حرب وعدوان .

بدأ المبدع عساف مشواره الفني مبكرا ، واختار الأغاني والفلكلور الفلسطيني طريقا لفنه ، وحمل منذ نعومة أظافره هم الوطن وحلم أن يعيش شعبنا بحرية وكرامة كباقي شعوب العالم بعيدا عن الحروب والدمار ، فرغم الحصار والتجويع والقتل المتواصل في فلسطين وبلده غزة استطاع ان يصعد بفنه ، ويسعد الناس ويعطيهم الأمل بالفرح رغم المعاناة والألم.

محمد عساف علًا الكوفية في أغنية أحبها الشعب الفلسطيني، وتغنى بها في أصعب اللحظات التي تعرض لها في الحرب الإسرائيلية في غمرة انتفاضة الأقصى ، فكانت تعكس الإصرار الفلسطيني على مواصلة المشوار حتى النهاية بتحقيق الانتصار ، فلا خيار أمام شعبنا غيره ، وفي كل مرة كان يعلو بالكوفية وكانت الكوفية تعلو به ، فكانا متلازمين بإصرار وان حاول البعض منعهم كما منعوا كثيرا من الأشياء .

واصل عساف مشواره مع الكوفية ، وبقيت الناس تتحدث عنه إلى أن وصل بصعوبة مشوار مسابقة برنامج "محبوب العرب" وكما اشتهرت وانتشرت "علَى الكوفية " بالمنع أول مرة ، حالفه وساعده المانعون في الانتشار بالبرنامج ، عندما بدأت بالأسابيع الأولى حملة في المساجد للاستهزاء بفنه ومحاولة تحريمه وتخويف الناس من خطورته على دينهم ، فكانت ردة فعل عكسية كانت لصالحة بامتياز ، فالكثير خرج من المسجد ليصوت لمحمد عساف تعبيرا عن رفض التحقير والتقليل من شأن فن وإبداع الآخرين ، فكان الانتصار لمحمد عساف عندما تأكد المانعون أنهم لن يستطيعوا مواجهة حب الناس لفنه وإبداعه كيف لا وهو المتربي بينهم وفي حي الأمل بخان يونس ، فقرروا ترك الحديث عنه ، والتحريض على فنه .

اليوم علا عساف بالكوفية وعلت به ، وعلا بالشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين واللاجئين وعلوا به ، ونال بإصراره وتعلمه وأخلاقه الحميدة ثقة الجميع من لجنة الحكام والمشاركين والمشاهدين ، فحقق أعلى نسبة تصويت في تاريخ البرنامج وبشكل فاق التوقعات.

يقول البعض أن قناة "ام بي سي " حققت أرباح كبيرة وغير معقولة بسبب التصويت في البرنامج ، وان البرنامج ربحي بالدرجة الأولي ، ونسوا هؤلاء إننا بدعمنا ومساندتنا لمحمد عساف استطعنا أن نصل باسم فلسطين والقضية الفلسطينية والقدس إلى قلوب الملايين التي غابت عنهم  في ظل الانشغال العربي بمشاكله الداخلية ، والصراعات السياسية التي يشهدها ، فمقابل كل هذا الربح لهذه القناة استطعنا ان نصنع فنان ، وان نسمع العالم من خلال هذا الفنان صوت فلسطين ، وثوابتها ليعرفها ويتغنى بها العرب ، وبالتأكيد والحال هكذا نكون نحن والقضية والفلسطينية وفلسطين هي من حقق الربح الأكبر في هذا الجانب.

فالعالم سمع الكثير عن قضيتنا من خلال السياسيين وقادة الفصائل ، واليوم هو يسمع القضية الفلسطينية بلسان آخر ، بلسان وحنجرة فنان وهبها للوطن ، والعمل السياسي ليس حكرا على  السياسيين، والنضال من اجل فلسطين وإسماع صوتها والدفاع عنها ليس بأسلوب واحد وإنما بكل الأساليب بما فيها الفن والإبداع ، وربما يكون الفن أكثر تأثيرا وإقناعا خاصة في ظل تراجع خطابنا وقدرتنا على الإقناع بسبب المتغيرات من حولنا.

وفي النهاية اشكر الفنان المبدع محمد عساف ، الذي درس الإعلام من اجل أن يدافع عن قضيته بالأعلام الأقرب إلى الفن الذي لا يجده، إلا انه استطاع أن يحقق بتوفيق من الله نجاح لم يتوقعه احد ، ليس شك في قدرة محمد عساف وإنما بسبب صعوبات وصوله إلى المسابقة ، فهناك في فلسطين الكثير من المبدعين أمثاله ، ولكنها لم تتح لهم الفرصة للتنافس وإظهار مواهبهم وإبداعهم المدفون والمحاصر في فلسطين.

فعلًي يا محمد الكوفية وأعلو بها ، وافتح الأفاق لأبناء شعبك نحو التقدم والتميز والإبداع وإظهار المواهب القدرات الكامنة والمحاصرة .