نجم ساطع وأكثر! بقلم :يحيى رباح

نجم ساطع وأكثر! بقلم :يحيى رباح
نجم ساطع وأكثر! بقلم :يحيى رباح

وهكذا شق الفنان الموهوب والنجم الساطع محمد عساف طريقه الى القمة ،الى المربع الذهبي ،في البرنامج الاكثر شهرة الذي يتابعه عشرات الملايين من العرب، برنامج Arab Idol على شاشة الفضائية العربية الاكثر شهرة وهي فضائية MBC .

لم يكن المشوار سهلا ،ولكن الموهبة والجهد الشاق هما اساس النجاح ،وهكذا صعد محمد عساف الى القمة واستطاع هذا الشاب ذو الوجه الحميم الذي رحلت عائلته من قرية القسطينة في نكبة عام 1948 الى قطاع غزة والذي قادته دروب المنفى وهو طفل صغير الى ليبيا قبل ان يستقر نهائيا في ارض الوطن، ان يهدي لشعبه الفلسطيني اولا لحظات مكثفة من الفرح والامل، حيث توحد هذا الشعب وراء ابنه الموهوب ابتداء من الرئيس ابو مازن بصفته رأس الشرعية الوطنية، وصولا الى السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور الذي كان حضوره لافتا وجهده مشكورا، بالاضافة الى الكثيرين من الفلسطينين الذين كانوا في نفس الدائرة مع محمد عساف وقدموا له مساعدة كبيرة من الرعاية والمتابعة بدءا بعائلته ،ثم بزملائه في ملتقى المثقفين والاعلاميين العرب الذي ترأسه الدكتورة فاطمة قاسم والاخوة الذين هم اكثر التصاقا بهذه الموهبة فتجندوا لايصالها الى ما تستحق مثل الفنان الكبير جمال النجار، والملحن الموهوب الذي تابعه بجهد لا ينسى والشاعر محمد السبعاوي وصولا الى اللجنة المشرفة على برنامج Arab IDOL التي تضم اربعة من المع النجوم العرب الذين يمتازون ايضا بأنهم من النشطاء البارزين في العمل الانساني على مستوى العالم مثل النجم اللامع راغب علامة والنجمة الساحرة نانسي عجرم والنجمة الخليجية الاكثر شهرة احلام والموزع الموسيقي الموهوب حسن الشافعي، وكذلك اعضاء الفرقة الموسيقية وطاقم MBC ،فهؤلاء جميعا بذلوا جهدا لا ينسى، وانجزوا عملا رائعا بكل المقاييس، ورسموا على شفاه الملايين من العرب ابتسامة ثمينة في واقع شديد الالم والاضطراب .

اقول ان الطريق لم يكن سهلا ولا سالكا امام هذه الموهبة الجميلة محمد عساف، فيكفي ان الموتورين الذين في قلوبهم مرض حتى من بعض الفلسطينيين تناولوه بالحقد والبغضاء وعبروا عن شعورهم بالدونية ونسبوا لأنفسهم ادعاءات بلهاء متسترين بالقول ان لدى الشعب الفلسطيني مهمات واولويات غير هذا، وكان نجاح وصعود محمد عساف في برنامج فني وموسيقي وثقافي من الطراز الاول هو الذي يعيق الامة عن النضال من اجل قضاياها الكبرى !!! الا لعنة الله على المنافقين !!! 

ولكن الشيء الذي اريد ان ألفت النظر اليه هنا، هو قدرة الوطنية الفلسطينية على الحضور الطاغي، والقفز فوق الاسيجة والحواجز والتعبير عن نفسها بطرق جميلة ومدهشة تفوق المعايير اليائسة والمعايير الهابطة.
ان تكون فلسطينيا بعمق وتلقائية وابداع وحضور مستمر ليس شيئا سهلا، وخاصة في زمن الانهيارات الكبرى التي لظاها في كل مكان، وفي زمن الهروب الايدولوجي الكبير الى اللا شيء، بحيث نرى بأم اعيننا دولا تتفكك وجماعات وطنية ،واولويات مزورة يندفع اليها الاسلام السياسي بكل فصائله يأسا من اي انجاز ،فاذا بالوطنية الفلسطينية في هذه اللحظات العصيبة تتحد فوق الفصائل وفوق الايدولوجيات، وفوق موجات الارتباك السياسي، بحيث تبحث هذه الوطنية الفلسطينية عن كل عناصر وتجليات الحضور وتتشبث بها .

وفي هذه اللحظات العصيبة جاء محمد عساف ليكون نجما من نجوم الوطنية الفلسطينية التي تناضل من اجل عدالة حقوقها بأشكال ابداعية في كل اتجاه، بالامعاء الخاوية لدى آلاف الاسرى في سجون الاحتلال !!! بعبقرية البقاء والصمود من المقدسيين في قدسهم لؤلؤة العصور، من اطفال في سن السادسة والسابعة يستدعيهم اقوى جيش في المنطقة – الجيش الاسرائيلي –للتحقيق معهم بتهمة انهم خطر على وجوده! بأطفال في سن الثانية عشرة والثالثة عشرة يمزقون القناع عن الوجه الاسرائيلي البشع الخائف فتصدر محاكم اسرائيل احكاما بسجنهم !!!فلسطينيون يصمدون في وجه الحصار في وجه الاستيطان البشع، في وجه القتل اليومي ويعلنون بأعلى الصوت حضور هويتهم الوطنية، حيث المقدسيون يبتدعون ما لم يكن معروفا من قبل ليحافظوا على ملامح القدس نيابة عن أمة بأكملها، بينما احزاب الامة وخاصة جماعات الاسلام السياسي يهربون من القدس ويتركونها وحيدة ويحرمون زيارتها ويوقعون في الحروف الاولى والاخيرة على عدم القيام باية اعمال عدائية ضد اسرائيل! بل ويفتحون ميدانا جديدا للهروب وهو اعلان الحرب الطائفية مثلما هربوا ذات يوم الى افغانستان، وهربوا قبل ست سنوات الى الانقسام، ويهربون دائما الى الارهاب! بينما الوطنية الفلسطينية رغم وكسة فصائلها تذهب الى جوهر الصراع بفرض حضورها، بإعلاء صوتها، بالحفاظ على ملامحها، بعدم السقوط بالهاويات السحيقة.

لقد شعرت شخصيا بالسخط والصدمة في الايام الاخيرة وانا ارى الاسلام السياسي يعلن بافتخار كبير قطع العلاقات مع سوريا التي هي شبه مقطوعة اصلا، بدل ان يقطع العلاقات مع اسرائيل !!!وشعرت بالسخط والصدمة وانا ارى من يطلقون على انفسهم اسم علماء الامة يشدون الرحال الى سوريا ويعلنون الجهاد ضد سوريا اول عاصمة للامبراطورية العربية الاسلامية، دون ان يعرجوا ولو قليلا الى القدس التي يدافع اهلها عن عقيدة هؤلاء العلماء وملامحهم الحضارية ان كانوا صادقين! بل لقد صدمت حين سمعت الشيخ محمد العريفي وهو يخطب في مسجد عمر بن العاص، ويلوي عنق الاحاديث الصحيحة للرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يذكر كلمة القدس في الحديث الصحيح المعروف عن بيت المقدس واكناف بيت المقدس بل يستبدله بالحديث عن الشام وعن الغوطة!

الوطنية الفلسطينية لم تسقط في الفخ، لم تغرق في الضجيج الفارغ ،لم تغير الاتجاه الاصلي، ظلت مؤمنة ان فلسطين هي القضية وهي الاختبار الحقيقي، وان اي هروب منها الى عناوين اخرى هو الخديعة الكبرى .
شكرا لمحمد عساف هذا النجم الساطع في سماء فلسطين الذي منحني الفرصة للحديث عنه، وبما ان الحديث ذو شجون كما قال العرب الاقدمون، فقد ذهب بي الحديث الى حال الامة ،وخاصة عن الاسلام السياسي الذي سكت عن مجزرة مياه النيل وانسلاخ سيناء وسكت عن القدس وفلسطين واصبح الشغل الشاغل للاسلام السياسي التحريض ضد الشباب المصري الرائع الذي حدد موعدا لكي تتفتح وروده اكثر في جناين مصر في الثلاثين من حزيران بعد ايام فإلى اللقاء هناك.